الزميل المحترم ماجد الدومري .(f)
كل عام و أنت و كل الزملاء بخير .
آسف عن تأخيري في الرد لأسباب فنية متعلقة بصعوبات في الوصول إلى الموقع .
بداية أشكرك على ما اقتبسته من مداخلة سابقة لي ، فهذه أفضل تحية يمكن تقديمها لمحاور .
Array (ولكنهم يخالفوك تبرئه العالم الغربي من الاستثمار السياسي والعسكري والاقتصادي في تكريس هذه الحالة في العالم العربي لأنها في نهاية المطاف تخدم مصالحه) .[/quote]
لعلك لن تغضب لو نسبت أقوالك إليك هذه المرة أيضا !!.. فالعبارة السابقة وردت في مداخلتك السابقة ، ولو جاريتك في التحسس لقلت لك أنك أنت من يضيف من جعبته ، و يرتجل ما يعتقده أفكارا لي ارتجالا ، و لكن ما تعتقده – يا زميلي المحترم - لا يشبه أفكاري ، الإفتراض بأني أبرأ الغرب من استغلال تخلف العالم العربي ، لا يعدوا أن يكون خطأ في فهم ما أطرح بشكل متواتر .
إني دائما أكرر أنه ليس كل مافي الغرب حضاري ، و يمكنني هنا أن أقتبس حرفيا ما كتبته أخيرا في شريط طرحته بعنوان ( العقل الأسير ).
http://www.nadyelfikr.net/index.php?showtopic=55175
Array" لم أنكر يوما افتناني بالحضارة الغربية و قيمها العلمانية ، و لكن هذا الحب لم يكن أبدا ذلك العشق الأعمى ، بل هو الحب المبصر الذي يدرك أن المحبوبة ليست بريئة تماما ، و أن لديها سجلها الإجرامي الخاص ، فالحضارة الغربية لم تكن أبدا مبرئة من الشوائب و العيوب ، علينا بداية أن نتفق أنه ليس كل ما هو موجود في الغرب بالضرورة حضاري ، و أن الحضارة الغربية ليست كما واحدا ، بل هي كتلة من المتناقضات ، و القيم الغربية ليست كلها حضارية ، بل أقلها كذلك ، فالغرب الذي أعطى للإنسان حقوقا أصيلة و حقيقية لأول مرة في التاريخ ، قصر هذه الحقوق غالبا على مواطنيه ،و الغرب الذي صنع لنا كل تلك الأدوات التي طورت نوعية الحياة على ظهر الأرض ، هو الذي صنع القنابل الذرية وألقاها على البشر في اليابان ،و مارس الحرب الكيماوية و البكترولوجية . و الغرب الذي حرر فرنسا و بلجيكا و هولندا من محتليها هو الذي دمر فيتنام و احتل العراق و يدعم البغي الصهيوني .
بالإضافة إلى ذلك هناك دائما محاولات محمومة لتوظيف الفكر الغربي حتى العلمي و الأكاديمي من أجل أغراض سياسية ،وبأساليب متنوعة . هذا الاتجاه لتزييف العلوم الإنسانية أصبح سافرا في السنوات ال 30 الأخيرة نتيجة لتوظيف استثمارات هائلة في مجال البحث العلمي الموجه سياسيا . و لا نغفل الجهود الصهيونية لإعادة طرح التاريخ البشري كله من منظور توراتي مقنع بل و سافر أحيانا ، ولو استطردنا في ذلك لحولنا الموضوع كله عن هدفه . و لكن هذه الحقيقة لا يجب أن تصرفنا عن الثقافة العالمية المعاصرة ،و لا أن نتقوقع على تراثنا الميت نبكيه ، بل على النقيض علينا أن نبذل جهدا خارقا كي نتواصل مع هذه الثقافة العالمية بشكل فعال ، و أن يكون لنا كلمتنا على الأقل فيما يخصنا نحن ، و علينا ان نعرف انه لا يمكن كسب السباق بالخروج منه عند أول منحنى .
الحضارة الغربية بالقطع هي أكثر الحضارات دموية في التاريخ البشري و من أشدها تعصبا و استعلاء ، هناك قليلون من أصحاب الضمير يمكنهم نسيان كيف أحال الأوربيون إفريقيا – الموطن الأصلي للجنس البشري - إلى غابة كبيرة يصطادون منها البشر ، ثم يصدرونهم إلى مستعمراتهم في العالم الجديد كعبيد ، هناك قليلون ينسون فرض تجارة الأفيون على الصينيين ، و جرائم الفرنسيين في الجزائر ، و مجازر الإنجليز في الهند ،و القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على هيروشيما و نجازاكي في اليابان .
إن أكثر الهنود تسامحا لا يستطيع نسيان مقتل 379 من الأبرياء العزل الذين اجتمعوا للإحتجاج بشكل سلمي يوم 13 إبريل عام 1919 في مدينة أمريتسار ، ولا يستطيع المصري نسيان الأبرياء من ضحايا دنشواى و قتل الأسرى في سيناء بدم بارد ، بل و هل يستطيع الفيتناميون نسيان مئات الألوف من ضحايا الغارات الجوية الأمريكية ، أكثر من ذلك ربما تقودنا الذاكرة إلى الحروب الصليبية ،و يتذكر البعض منا كيف نحر الصليبيون أكثر من 70 ألف مسلم في يوم واحد عندما دخلوا القدس في 14 يوليو عام 1099 تقربا للرب .
رغم هذا فإن أسوأ ما فعله الغربيون ليس فقط الإستنزاف الإستعماري للعالم القديم ، و لكنه إذلال الشعوب الشرقية و قتل روحها القومية ، و حرمانها من الفخر و الإحساس بالعنفوان و الزهو ، فالسلوك الإستعماري كان دائما سببا في توليد شعورا قويا بالمهانة ،و عبئا ثقيلا من الإحساس بالدونية ، فالشعوب يمكنها العيش بقليل من الغذاء و لكنها أبدا لا تعيش بلا كرامة و بلا تاريخ يزينه أجداد تفخر بهم ، إن تأثير العامل المعنوي الذي يشكل موقف المسلم أو الهندوسي و البوذي من الغرب ، لا يقل بحال عن تأثير النفوذ السياسي و الإقتصادي غير العادل للغرب اللذي فرضته الحقبة الإستعمارية ".[/quote]
فقط إني لست من دعاة الغضب الأعمى البائس الضعيف، فلا نفعل سوى إجترار الشتائم و الأسى ، و لكني من دعاة العقلانية و الثقة في الذات ، و ترتيب النتائج الحضارية كما يجب أن تكون عليه عقول هذه الأمة الرائدة ، هذه العقول هي كل ما تملكه الأمة العربية كي تنجوا من الهلاك ، لهذا أردفت في نفس الشريط .
Array" هكذا نجد أن الموقف المعادي الذي يتخذه البعض من الغرب ليس متجنيا و لكنه مبرر أخلاقيا تماما ، فقط سوف أردف قائلا أنه رغم ذلك سيكون موقفا خاطئا ، لأنه يعني أن يعيش الإنسان في الماضي و يستغرق فيه ، و سيكون ذلك على حساب الحاضر الذي تفسده المرارة و الكراهية ، كما سوف يدفع ثمنه من فرص المستقبل الذي يتسرب من بين يديه دون أن يشعر ، بينما عقله و قلبه مثبتان في حقبة تاريخية بعينها قد تجاوزها الزمان ، و في مثل هذه المواقف أتذكر دائما قول برنارد شو :" ذلك الذي يقتل الملك ،و ذلك الذي يموت من أجله ،كلاهما عابد أصنام " ، وهذه ليست مبالغة لأن كلاهما سيعيش مستغرقا في مشاعر الحب أو الكراهية تجاه هدف واحد فقط .
بمكننا أن نطلق تعبير (العقل المستعمَر) على ذلك العقل المتهووس دائما بالعلاقة الإرتجاعية بالقوى الإستعمارية الغربية و جرائمها ضد الشعوب الشرقية ، مثل هذا العقل سوف يجد صعوبة مستمرة في إدراك الذات بشكل سليم ، لأن هذا ( الإدراك الإرتجاعي) للذات ينشأ فقط خلال الإستحضار الإنفعالي للعلاقات التاريخية المجحفة بالغرب ، و بالتالي فمثل هذا العقل لن يدرك وجوده التاريخي الفريد في هذا الكون سوى كمجرد ضحية لآخر هو الغرب ، هو لن يدرك معجزة الحياة و فرصها و تحدياتها ،و بالتالي لن يدرك كم هو كإنسان متفرد عظيم و نادر و ثمين ، ولن يرى نفسه سوى قطرة من بحر الكراهية و الإنتقام ، و كي نوضح فكرة إدراك الذات الإرتجاعي ، نضرب مثلا يختص بتفسير ماضي المسلمين و بالتالي إدراك الهوية الإسلامية ، فالمسلم الحديث يقع تحت تأثير إنطباع طاغ بأن العلوم هي نتاج مادية الغرب ، لهذا يختار المسلمون ساحة أخرى لمنافسة الغرب ، و ذلك بتعزيز أفضلية المسلمين في الأمور الروحية و الدينية ، فالقوميات المعادية للإستعمار الغربي مثل تلك الإسلامية و الهندوسية و البوذية ، بدأت وقبل صراعها السياسي الطويل مع المحتل الغربي في خلق مجال نفوذها الخاص ، و ذلك بتقسيم العالم إلى عالم مادي يتعلق بالإقتصاد و السلاح و العلوم و التكنولوجيا ، و في هذا المجال يعترفون بتفوق الغرب الكاسح ، و حتمية تقليد الغرب في هذه المجالات الحيوية ، في المقابل فهناك المجال الروحاني ، حيث يتفوق الشرق و خاصة المسلمون كما يعتقدون في أنفسهم ، و كلما نجح الفرد أكثر في تقليد الغرب في المجالات المادية، كلما ازدادت حاجته للتمسك بالجوانب الروحية للحفاظ على الهوية المحلية من الضياع و الذوبان في الآخر ، و مع رفض الغرب الإعتراف بدور المسلمين و الهندوس و غيرهما من الشعوب الشرقية في صناعة الحضارة المادية ، نما الإتجاه بين المسلمين للتمسك بالثقافات الغيبية و تنظيمها و ترسيخها ، هذا التركيز الإنتقائي على الجوانب الروحية دون المادية ساهم - في جانب منه- في تقديم تعويض معنوي مؤثر لموازنة تخلف المسلمين ، و لكنه يسلم بتجاهل جزء هام جدا من ميراث العرب في العلوم و الرياضيات و الفنون ،و قد أدى هذا الموقف إلى ترسيخ الإحساس بين المسلمين – كغيرهم من شعوب شرقية عديدة – بأنهم يتميزون بهوية روحية خاصة و أنهم ( الآخر ) في هذا العالم ، و هكذا وجدنا العديد من الإتجاهات الإحيائية التي انخرطت في جهود عنيفة من أجل إعادة تعريف الذات ،و استكشاف الهوية الإسلامية الخاصة و تحديد ملامحها ، مثل الحركات الوهابية و المهدية و الإخوان المسلمين و الجماعات الجهادية ، و بالرغم أن تلك الجهود تهدف أساسا إلى مفارقة العصر الإستعماري و محو أثاره ، إلا أنها تعتمد في الأساس على الأفكار الغربية و لكن في شكل سلبي ، و هذا الموقف خلق ما يمكن أن نطلق عليه ( العقلية الأسيرة ) ، هذه العقلية التي سبق أن وصفناها ب (العقل المستعمَر) تقود المسلمين إلى إدراك الذات بشكل إرتجاعي ضيق و مشوه شديد الضحالة و التحيز ، إن هذه الطريقة الإنفرادية من التفكير يمكن أن تؤدي إلى نتائج متعددة ، رغم أنها تقوم على التركيز على فترة تاريخية واحدة و اعتبارها محور الوجود الإنساني ، مثل هذا العقل كما أوضحنا سوف يجد صعوبة مستمرة في إدراك الذات بشكل حضاري منفتح ، و ذلك كله يؤدي إلى آثار شديدة الوطأة على عالمنا المعاصر ، يدفع المسلمون ثمنه بالأساس ، سواء في تخلفهم و ضياعهم الفكري أو المادي على السواء ." .[/quote]
نأتي إلى ما تعتقده تجنيا على أفكارك ، وتشويها لتعبيراتك!، و سنجد الحقائق التالية .
1- لا يوجد شكل أكثر أمانة في نقل الأقوال مما فعلت أنا في هذا الشريط ، ففي حين يقبلون رواية الأحاديث النبوية بالمعنى ، تجدني نقلت كل ما ذكرته من أقوالك حرفا بحرف و نقطة بنقطة و فاصل بفاصل ، و ذلك عن طريق النسخ من الشريط الأصلي و لصقه ، كما وضعت أقوالك بين " ... " تأكيدا على الإقتباس ، بعد ذلك أغلقت الأقواس و شرعت في السرد الخاص على لساني بشكل لا يقبل أي لبس ، و يمكنك أن تراجع ما نقلته أنت نفسك بألوان مختلفة ، فماذا يمكنني -أو أي إنسان آخر- أكثر من ذلك ؟، لا يا زميلي .. ليس هكذا يكون التشويه في النقل، بل هكذا تكون الأمانة العلمية ، يبقى أن تعلق بما تشاء على كل ما جاء على لساني ، و يمكنك أن ترفضه كله ، و لكن رجاء لا تدع أني وضعت على لسانك ما لم تقل ، فهذا لا يحدث معك ولا مع أي زميل آخر .
2- منعا لأي إحراج لم أذكر اسمك مع الإقتباس ، بل ذكرتك بصفة غاية في المودة هي (في مداخلة لزميل كريم ) ، و نقلت جزءا من مداخلتك التي جائت في شريط الأخ وليد ، ليس لأني أريد التعليق عليها ، فقد فعلت ذلك بالفعل في شريط الأخ وليد ،و لكن لأن مداخلتك نموذج قياسي للفكر الذي يدافع عن الواقع رغم عيوبه بحسن نية ، و ذلك لمجرد أنه واقع محلي ، و يجد أن نقد الثقافة السائدة نوعا من Array" تبرير سياسة عسكرية وضعتها شركات المال والنفط والسلاح الأمريكية والبريطانية للمنطقة العربية من أجل إخضاعها لاستعمار مباشر ....."[/quote] بنص تعبيراتك أنت الشخصية ، أي أن مداخلتك هي تماما الوجه الاخر لما نطرحه في هذا الشريط .
ملحوظة : بشأن ما ذكرته من شتائم قد يكون وجهها لي أي مشارك في المنتدى ، أود أن أوضح أني وطنت نفسي ألا أحفل نهائيا بالشتائم التي توجه إلي ، فمثل تلك الشتائم لا تثير لدي سوى الأسى على أصحابها ، كما أني أفترض أن الإنسان الناضج لا يغير مساره كلما اعترضته الصبية ، لهذا أتمنى ألا تعير تلك الأشياء اهتماما ولا تذكرني بها ، فلن اذكرها !.:D