ما أسرع ما استهلك - الابن - ارث أبيه
بشار العيسى
bachar_alissa@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1308 - 2005 / 9 / 5
بشار الأسد : تـــــرف الســلطــة وغبطـــة الحاكــم
عندما كانت النسوة الباريسيات يحاصرن وريث ملك الشمس الفرنسي، والملكة " ماري انطوانيت " في قصور فرساي الباذخة ، أزعجت صرخاتهن مزاج الملكة الصباحي الباكر، فسألت ماذا تريد هاته المخلوقات؟ وعندما قيل لها بأنهن يطالبن بالخبز المفقود.
تساءلت السيدة الملكة لماذا لا يأكلون الكعك والبسكويت؟
كلما قرأت حديثا للرئيس السوري، بشار الأسد تداعت الى ذهني هذه الفكاهة الملكية النبيهة.
من البؤس بمكان عندما لا يبقى للشعب السوري من أمل في الحرية غير تلك التصريحات التي تأتي من الناطقين باسم الادارة الأمريكية، تعاطفا واشفاقاَ على الشعب الذي يستحق الاستمتاع، كغيره، بالديمقراطية بعد عقود من الغياب .
ومن المفجع ان تترندح السلطة السورية، ليلا نهارا بمؤامرات وضغوطات أمريكية واسرائيلية. وتتحجج بتلك المؤامرات لمزيد من العسف والقمع لشعبها وتأجيل المؤجل الى آجال وكأنهم مخلدون في السلطة، كذلك كان الأب وهذا هو الولد سر أبيه.
من غير المفهوم أن سلطة فاشلة في كل شيء الا في القمع والفساد، تستعدي الدنيا للحفاظ على مصالح شرذ مة من الأفاقين ومنهوباتهم، فضلا عن الجرائم واستباحة دماء وارواح البشر بقوة الطغيان ، ولئن دلت على شيء فانما تدل على أن السلطة متكافلة متضامنة في جريمة اغتيال رفيق الحريري وغيرها كالبنيان المرصوص. وان رستم غزالة وغازي كنعان وهيئات أركانهم، ان هم الا جباة الأموال لبيت السلطنة .
من الحديث الذي ادلى به الرئيس السوري بشار الاسد لصحيفة "دير شبيغل" الالمانية، يبدو ان لا شيء قد تغير في سوريا بعد خمس سنوات من حكمه وكأنه لا زال المتدرب عند أبيه الذي لم يتوفاه الله، وكان الاحتلال الامريكي للعراق لم يتم وكان نظام صدام حسين لم يسقط وكان جريمة اغتيال الرئيس الحريري لم تقع وكأن الجيش السوري لا زال يتحكم في مداخل بيروت وذراري جبال لبنان وكأن القرار 1559 لم يكن.
صحيح ان النار لم تصل بعد الى جيوب الرئيس الشاب وأهله ولكن العاقل يشم حرائقها والبصير يرى لهيبها والرئيس يحتج باستعصاءات نظامه الدستورية والقانونية، خشية الجزأرة. والجزأرة اصبحت من زمان خلف الجزائر التي تبدو بوضوح شديد ـ على عكس سورية ـ انها قطعت شوطا في التصالح مع مشاكلها الوطنية و مع نفسها، وأن العملية الديمقراطية تتقدم في الجزائر ـ وكانت أصلا متقدمة على سورية في ذلك ـ اشواطا أحلام أكثر السوريين طموحا، وأن السلطة في الجزائر تثبت يوما بعد آخر أنها أكثر حضارية ومدنية من تلك السورية المناطقية العشائرية العائلية .
السلطة السورية تعاني من شلل لا علاج منه .وهي لن تتعلم ولن تستفيد لا من دروس التاريخ ولا من واقع الجوار: تركيا واسرائيل تتقدمان عليها وعلى غيرها من دول الشرق الأوسط في كل المستويات في العلاقة بين الوطن/السلطة والمواطن في مستويات التنمية والفساد والديمقراطية. و الأردن تتقدم عليها في الديمقراطية السياسية وفي سيادة القانون وحرمة المواطنين وحصانة الملكيات العامة والخاصة. وايران الدينية المتخلفة، تتقدم عليها في المسالة الديمقراطية بحدودها الدنيا لجهة علاقة السلطة بالمواطن والمواطن بالسياسة وكرامته كانسان وحق الاختلاف. والعراق حتى العراق تتقدم على سوريا في حق و حرية الانتخاب رغم الاحتلال وحق المواطنة والمشاركة لكل الناس بالحوارالوطني والاجتماعي وشرعة الدستور والفصل بين السلطات حتى الارهاب في العراق دخيل ومأجور وعرضي، ولا نقارب حق الوطنيين في مقاومة المحتل. في حين ان الارهاب في سوريا يأتي من السلطة وعصاباتها وزعرانها وفوضاها الاجتماعية وتفسخها الوطني لصالح المناطقي الطائفي والغزووي مؤخرا.
ففي الوقت الذي يراهن الناطقون باسم الادارة الأمريكية على خيارأحقية الحرية للشعب السوري.
يراهن الأسد وسلطته على الترهيب بالفتنة الدينية، والجزأرة،ـ تماما مثلما قال للحريري اذهب الى بيتك وفكر ـ أي التهديد بساطورالارهاب والاختباء من خلف الشعارات المستهلكة خوفا من أن تنتقل رياح الحرية في لبنان الى البيت السوري الذي يفضلونه نهبا للنيران وليس لبعض الحرية الى قصرالشعب.
اذا أردنا ان نبني بالقياس على كلام الرئيس السوري بشار الأسد محاجتته في الأوضاع الداخلية السورية لجهة تأخر عملية الاصلاح والسير بعقلانية نحو الانفتاح الديمقراطي واولويات المواطن السوري والتعددية السورية. مع الشروحات التي قدمها في مواجهة التهمة الدولية لسورية: عرقلة التحقيق في مقتل الرئيس الحريري ، هذا عدا تهمة المشاركة فيها، وتهمة التنسيق مع الارهاب الدولي الفاعل بحيوية في العرق. نخلص الى نتيجة رياضية بسيطة: فكما كان الرئيس في الموضوع الداخلي يحتال على الحقيقة ويشوهها ويحرفها ليس لصالح سوريا كبلد وليس لصالح سوريا كشعب وكما عودنا منذ استلامه للسلطة فانه يحاجج ويحتال في غير مصلحة أحد حتى في غير مصلحة عهده ، الذي أتاه على طبق من ذهب الوراثة. و هو الذي أدخل سورية في جمود قاتل ومؤجل مسدود الآفاق المغلقة العفن بعيدا عن التطور والحركة.
سوريا سلطة بشار الأسد ـ سوريا البعث والجبهة الوطنية التقدمية، سوريا بثينة شعبان وفاروق الشرع سورية المجازر والسجون والارهاب وحصار المدن والاجهزة الأمنية والنهب من المال العام والخاص بالحيلة والغصب، سوريا سجن تدمر ومذابح حماة وحي المشارقة وسجن الحسكة وجنازات القامشلي وعفرين وجسر الشغور، سوريا مجزرة تل الزعتر وطرابلس وراعية حرب المخيمات واغتيال الشخصيات الثقافية والفكرية والصحافية اللبنانية، وسورية راعية الاختطاف الأولى في لبنان ورمزهم الشهيد ميشيل سوراه ـ سوريا التي لا تريد رؤية العواصف الآتية من كل الجهات وتدفن رأسها في القبعة كي لا ترى. أتى حديث الرئيس الاسد ليقول بالنفي ـ بعكس ما تقوله الحقائق ـ في أن سورية تعرقل التحقيق وهي لا زالت تتصرف وكأن شيئا لم يحدث وكأن رجالها في الاجهزة الأمنية اللبنانية ليسوا في قبضة العدالة الدولية وان الخطوط كلها لا تلتقي لدى القائمين بأمر سلطته واجهزته. والسيد الرئيس ينفخ في الشمس كي تبترد الأجواء.
أن عرقلة التحقيق بالآلية البدائية السورية المتوضعة في ذهنية الراعي الكذاب تثبت وبما لا يدع مجالا للشك أن بشار الأسد ، متأكد بأن اجهزته وتلك اللبنانية التابعة هم أبطال تلك الجريمة، وغيرها، بامتياز.
كما أن تجليه الرئاسي من خلف شعارات وتفاسر غير قابلة للاستهلاك الا في جرائد البعث والثورة وهو ينظر في عيني الصحفي الالماني ، يثبت مرة أخرى الكلام الذي قلناه أن الثوب الذي أورثه حافظ الأسد لأبنه اكبر بكثير وفضفاض جدا على قامة الوريث الذي ما فتيء يتعثر فيه منذ خمس سنوات وليس أدلّ عليه من سرعة استهلاك الابن لارث والده لبنانيا وعربيا ودوليا. فالأسد الاب على الرغم من سطوته الاستبدادية والجرائم التي رافقت سنوات حكمه كان من طراز الرجال الذين ينسجون سجادتهم بتأن وحنكة تتعرف عن كثب على سائر التفصيلات المتداخلة في عملية الحكم بميكيافيلية السلطة واصول الحكم وتعقيدات التداخلات الاجتماعية السياسية لبلد وشعب ونخب سياسية وثقافية واقتصادية وشعبية، بالدقة نفسها التي يتحرى موقع وحكمه ودولته في الممكنات الدولية والاقليمية ولا يقدم على حصته الا بعد أن يكون قد احكم السد والشد .
رغم ما عرف عنه من سطوة وعنف لم يستهتر حافظ الأسد بعقول الرعية لأنه كان يرى فيهم الخصوم المحتملين دائما، ولا بمصالح المرتزقة من حوله على خنوعهم ولا باحتمالات القوة الكامنة في معارضيه على ضعفهم، كما لم يجانب احترام المحايدين والمترددين وأهل الطموح لبقائهم على مسافة بينه وبين خصومه. بل على العكس كان يمد شعرة معاوية لكل منتظر وواقف على الطريق فقد يأتي يوم وتأتي لحظة يكون من المفيد هزّ هذا الخيط الرفيع. كان حافظ الأسد مغرما بايجاد مكان له في الخيمة الكبيرة ـ على الرغم من اعتزاله الولائم الطنانة ـ ولم يتخلف عن اللحاق بالمتغيرات الاقليمية والدولية، سنة 1974، ذهب الى اتفاق فصل القوات مع اسرائيل كي لا يستفرد السادات بالعلاقة مع أمريكا الحاضرة بقوة، ولم يدخل لبنان سنة 1976 الا بعد ان أعطاه كيسنجر الضوء الأخضر الاسرائيلي، وفي سنة 1982 سحب قواته من أمام الاجتياح الاسرائيلي بمذلّة على عكس المتفق عليه مع فيليب حبيب ورغم التدمير الذي استهدفت صواريخه في البقاع لم يخرج عن اتفاقه باطلاق ولو واحد منها على الطيران الاسرائيلي. وفي حفر الباطن 1991 اخذت القوات السورية مواقعها الى جانب تلك العربية والأمريكية، في ما اتفق عليه تحرير الكويت.
بداية السبعينات والخلاف على اشده بين تياري الحزب الشيوعي السوري حول الموقف من نظام حافظ الأسد بداية السبعينات، وكان تيار المكتب السياسي يشهر علنا موقفا معارضا لحكم الأسد لأكثر من سبب.
استدعى الأسد بعضا من قيادة هذا الحزب ليقول لهم ببساطة وحزم المستبد أنكم تلعبون بالنار وأنكم موهومون بالاستقواء بالشعب وقضاياه ومصالحه. أنا على مسافة أقرب منكم الى المعسكر الاشتراكي، علاقة وخطابا، وغدا أرسلكم جميعا الى السجن وأغمر السوق ـ في الوقت عينه ـ بالمواد التموينية المخزنة في المستودعات، وأخفض سعر الخبز والسكر وأرفعا الرواتب ليرات حتى لا يحس الشعب بكم وأفئدته تلهج بالدعاء لي.
ومع ذلك لم يبعث حافظ الأسد بالناس الى السجون هواية واستلطافا لعرض القوة في كسر ألعابه أو لعبها كلها لمرة واحدة ولليلة واحدة . لكن حافظ الأسد لم يتورع عن ارسال البلد بكامله الى السجن والحصار والقتل عندما أحس بالخطر يتهدد سلطته ولم تنفع قرابة اقرب المقربين.
في المقابل يشرح الابن فلسفته للصحفي الالماني:
عندما نحاسب أحدا، فلا علاقة لهذه المحاسبة بشخصه، بل بمدى تأثير نشاطه على تركيبة الشعب الدينية والعرقية.. هنا ممنوع المساس بسقف الاستقرار؟ أو تعطيله.. قبل شهرين، سمحنا بإنشاء أحزاب وبالإمكان الآن مشاهدة هذه الأحزاب بوضوح.. !!!!!!
دير شبيغل: هناك مثلا قضية النائب رياض سيف.. لقد انتقد احتكار السلطة.. فحكم عليه بالسجن خمس سنوات..
لقد هدّد وحدة البلاد وخالف قانونا يفرض العقاب على من يمس وحدة الأمة بتنوعها العرقي وجماعاتها الدينية. !!!!!!!!
* دير شبيغل: لكن، ألم ينتقد رياض سيف العلاقات داخل السلطة؟
لا أبدا. لا تجري محاسبة أي شخص لأنه هاجمني شخصيا، لكن المساس بوحدة المجتمع قضية أخرى خطيرة.
منذ خمس سنوات وبشار الأسد يتعامل مع الشعب السوري ومع كل النصائح والدعوات المخلصة التي جهدت جهات شتى على ربط سلطة هذا الرجل بخيط معاوية الذي تركه والده لمصلحة الحد الأدنى المشترك لسائر مكونات البلد سلطة وشعبا. لم يبق فرد ولا هيئة ولا حزب ولا جماعة على مختلف رؤاهم ومواقعهم الا وارسلوا رسائل واضحة وصريحة تبدي مرونة اقتربت احيانا من التذلل وصلت درجة عرض خدمات تلميع وجه السلطة القبيح . و رأس السلطة يترفع بعنجهية عن قبول حتى هذه الخدمات او أخذها بعينن الرضا لا بل تفنن الرئيس واتباعه من الوزراء والاعلاميين والحزبيين في تشنيع هؤلاء بلغت حد تهمة الخيانة والتعامل مع الأجنبي وبلغت حد اعتقال الناس والأفراد بطغيانية ولـَهو لا يجد العاقل لها تفسيرا. وسيم المعتقلون وأهلوهم الذل والاحتقار مثلما حدث لعارف دليلة وأسرته وللأطفال الكرد وأسرهم.
أعادت السطة وأجهزتها بعث زعرنات بيت الأسد تلك التي ترعرعت في ظل رفعت الأسد وجميل الأسد كما وتفننوا في استفزاز الناس في مشاعرهم وولاءاتهم الوطنية، في مصياف والقدموس والجزيرة وعفرين والرقة والحسكة ولا زالت السلطة تتمادى في غيـّها والحصارالاقتصادي على خطوتين والعزلة السياسية تضرب اطنابها ويأتي بشارالأسد يتحدث باسم الناس بالقول: .. إن أكثر المواطنين السوريين الذين قابلتهم، يرغبون الخلاص من الفقر قبل وضع الدستور الديموقراطي.
ومتى كان الفقر في باكستان وسيريلانكا وبنغلاديش والهند ـ ولا نتحدث عن سويسرا وبريطانيا والنمسا ـ مانعا لوجود دستور، الوثيقة الاقدم في التاريخ البشري منذ ايام حمورابي الى يوم بشار الأسد وعنصرا معطلا لارساء المجتمعات على أفضل علاقة تنظم علاقة السلطة بالسياسة بالديمقراطية.
ويضيف السيد الرئيس: .. عندما يستيقظ احدهم صباحا ولا يجد ما يأكله فهذا الوضع خطير، أما عندما أقول لهذا الجائع إنني سأسمح بحرية إنشاء الأحزاب، فماذا تراه يجيب؟ بالنسبة إلينا، ليس مهما النموذج الصيني أو سواه من النماذج.. نحن نلبي حاجات مجتمعنا وبلادنا.
ولا يقول لنا السيد الرئيس لماذا لا يجد المواطن السوري ، على غنى بلده وثرواتها شيئا يأكله ؟ والمليارات مودعة لحكامه واتباعهم في البنوك الخارجية والثراء الفاحش لفئة من الناس ولمنطقة من البلاد والرشوة في كل الدوائر من مدرسة القرية الى المخفر الى القصر الجمهوري.
ويزيد : . وبالإضافة إلى ذلك، هناك موجة الإرهاب التي تعطل أي تطوير ديموقراطي.. يجب علينا التحرك بسرعة وقدر المستطاع قبل تلقي ضربات معاكسة.
على من تتلو فكاهتك أيها السيد الرئيس؟
حتى الرعاة في البادية السورية، يعرفون من اين يأتي الارهاب الى المنطقة. وكيف تنتظم خلايا الارهاب الذاهبة الى العراق باشراف الاجهزة السورية وان السلطة هربا للأمام من استحقاقات وطنية واقليمية تهرب الى كهف الدب لأن الارهاب يأكل اهله قبل غيرهم. وان المسرحيات الهزلية كلما استجد أمر ما و التي تخرجها السلطة، مرة في شخص المقبوض عليهم من أركان نظام صدام حسين لتسليمهم للقوات الامريكية ـ بعدما استوعبت السلطة آلافا منهم وغيرهم لعرقلة قيام سلطة مركزية في العراق لصالح فوضى لن تبقى سوريا ولا المنطقة بمعزل عنها ـ ومرة أخرى في عمليات مطاردة بوليسية لخلايا ارهابية لافلام كرتونية بين المزة والمهاجرين والحدود اللبنانية ومؤخرا في حماة.
أن بشار الاسد يبدأ من حيث انتهى صدام حسين. جر الدب بالتقسيط الى الكرم السوري بعدما نامت نواطير الشعب عن مصالحه وحقوقها ومن بعدما عاث في الكرم العراقي.
من السهل الاستخفاف بعقل أي بعثي من أنصار السلطة. أكان امينا عاما مساعدا ؟ ام عضوا نصيرا ؟ ومن السهل اقناع أي وزير وموظف في السلطة السورية في أن الشمس تشرق لأن عبقرية الرئيس تفيض على الكون، وان الفقر موجود لان أمريكا تعادي انجازات الرئيس القائد وان المواطن السوري مستعد لاستبدال الدستور والديمقراطية والقانون بصحن من الفول. ولكن الصعب ان تقتنع هذه السلطة أنها مدانة من شعبها قبل الجيران وأنها تعيش في عزلة ذ ليلة وهي تسترضي الأمريكي والاسرائيلي بعقلية الفلاح البسيط في السـّر وبمعزل عن مصالح الناس، وأن أركان السلطة عينها لا يثق احد منهم بالآخرلا الرئيس بأخيه ولا الصهر بالأخين ولا الأجهزة ببعضها ولا الوزراء بالحكومة وأن الجامع المانع لهم هو التشارك والغرق حتى الآذان في الفساد والرشوة ورعب مستقبل مثل العراق وليوم تحجز فيه على الأموال المهربة الى البنوك الدولية وعلى الحسابات الرقمية بقرارات من مجلس الأمن.
أنصار السلطة وربائبها اللبنانيون وارث حافظ الأسد في قفص الاتهام وفي نظارة التوقيف بجريمة قتل سياسية لو تعاونت كل قوى الشرالمعادية لسورية وسلطتها، على ترتيبها لما استطاعت ان تخرج للوجود انكىمما نفذته ايديهم ونفوسهم. والتهمة واقعة مهما تفاصح الرئيس وتدلـّعت سوريا السلطة بغض النظرعن صياغتها النهائية: تسهيل المهمـّة أو المشاركة أو الاهمال أو التنظيم او حماية المنفذين. والسيد الرئيس وكأنه البريء يواجه الصحافي الذي يعرف تداعيات القضية جرميا وسياسيا أكثر من الرئيس وكما انه يعرف الواقع السوري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واطراف المعارضة الخارجون من السجون والمرشحون لها ونخبا ثقافية ودينية ورموز السلطة واسرارهم أكثرمن الرئيس.
دير شبيغل: إن مدعياً عاماً المانياً مكلف من قبل الأمم المتحدة التحقيق في ملابسات اغتيال الرئيس الحريري.. ما هو موقفكم في حال طلب التحقيق مع سوريين حول قضية الاغتيال؟
نحن نتعاون من دون أي تحفظ.. نحن لنا مصلحة أيضا في هذه التحقيقات لأنها تزيل التهم الخاطئة.. هذا في حال لم تأت النتائج مزوّرة ولأهداف سياسية.. إن سوريا لا علاقة لها إطلاقا في قضية الاغتيال..إطلاقا.
دير شبيغل: هل بإمكانك التأكيد بأن لا أحد من رجال الاستخبارات أو أي مواطن سوري ضالع في قضية الاغتيال؟
أنا متأكد تماما.. إن عملا كهذا يتطلب مشاركة أشخاص لهم تأثير ومؤسسات.. ولو حدث هذا الأمر لعلمنا به.
* وهل تسمحون للمدعي العام ميليس بتوجيه أسئلة إلى أي مواطن سوري؟
لقد قلت إن له حق الاستماع إلى إفادة من يشاء.. إن هذا الأمر هو في مصلحتي الشخصية، كما هو في مصلحة سوريا.
لا مناص من ابداء الاعجاب بسلوك واعصاب الصحفي الذي أجرى الحديث بصبر واناة تحمل فيها العوالم السريالية للسيد الرئيس.
يبدو ان دماغ الحاكم، أي حاكم مستبدّ مولف بتوترات وذبذبات لا تستطيع قراءة العادي من الامور والقضايا التي لا تخاطب الا قدرات البشر العاديين. ولو كان الامر غير ذلك لما تحايلت هذه الكائنات على نفسها وعلى البشر بهذا الشكل البدائي من المماحكات الفلسفية بالتلطي من خلف اوهام تنسجها أجهزتها الاعلامية وتكررها فتصبح ذات مصداقية لدى أهل البيت وحدهم على امل لا شفاء للطغاة منه.
الوضع السوري اليوم يشبه فكاهة في عوالم ماركيزومخياله الروائي. الفكاهة طارئة والماركيزية سيرة تاريخانية لنشوء وتطورالاستبداد في سوريا السيد الرئيس.
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=44786