الزملاء الأعزاء، تحية طيبة لكم جميعا وبعد،

لم سمينا الباب بابا، والشباك شباكا؟ لم سميا الشباك أيضا نافذة والطاولة خوانا، لم سمينا الأسد ليصا وغضنفرا؟
لم سمينا الأكل أكلا، والشربا شربا؟ وهل يصح أن أقول شربت الوجبة؟
هل يصح أن أقول نمت السرير بدلا نمت إلى السرير؟

هذه كلها اصطلاحات سمعناها عن العرب على أنها تفيد معان واضحة، ورفضنا لها لا يشير إلا أننا نتكلم لغة غير لغة العرب.

فلنفرض جدلا أنه ليس هناك نصارى في العرب ولم يكن، منذ القرن الثاني قبل الهجرة وحتى القرن الرابع الهجري، ولنفترض أن النصارى كانوا أعاجم وحسب، وأن العرب توزعوا بين اليهودية والمجوسية والشرك والإسلام. ثم قابل العرب قوما يتبعون رجلا يسمى بالمسيح، منهم فريق يقول أنه بشر وآخر يقول أنه إله وثالث يقول أنه كليهما، واصحاب هذه الدعوة بطوائفهم ليسوا إلا أعاجم، إذن ماذا سيسمي العرب هؤلاء القوم؟

هل ينبغي على العرب أن يصطلحوا على إسم لهؤلاء بغض النظر عن الدين، أم ينبغي لهم أن يأخذوا الإسم من هؤلاء مع الأخذ بعين الإعتبار عجمة اللسان؟

للعرب أن يقوموا بثلاثة أمور:
- أن يصطلحوا إسما علما جديدا، قد يكون جامدا أو له أصل ما، على هذه الطائفة.
- أن يعربوا إسمهم العلم من لغتهم جاعليه على النسق والميزان العربي.
- أن يشتقوا لاسمهم اسما مستنبط مما يعبدون أو يتبعون.

هذه الخيارات تطرح أمام العرب قبل الإصطلاح، فإذا اصطلحوا وفشا بينهم الإصطلاح، لزم الإصطلاح غيرهم من أصحاب اللسان، إلا أن تكون لغات.

نحن هنا لسنا عربا أقحاحا، فكلنا تخالط لساننا الأم عجمة وألفاظا مولدة، ولا نتكلم العربية على البديهة، فلا يليق بنا أن نقوم لتغيير مصطلح تواضعت عليه العرب. ولا يستشار هنا أصحاب الدين المختلف على اسمه، لا يستشارون لأن القضية لغوية، وأصحاب اللسان أعلم بلسانهم، إلا أن يكون منهم عربي قح فيستشار لعربية لسانه لا لمكانه من قومه.

القرآن هو أحد الشواهد اللغوية المشهورة، ليس لأنه من عند الله، بل لأنه كلام عربي قيل في محضر العرب الأقحاح، فأقروا عربيته كلها. والشعر الجاهلي شاهد آخر، والحديث النبوي شاهد ثالث، وكل كلام منسوب إلى عربي حضري حتى القرن الثالث أو بدوي حتى القرن الرابع، إنما هو شاهد لغوي.

لا ينظر هنا إلى رأي الأباء القساوسة من الطائفة، إلا أن يكونوا عربا أقحاحا، فليس سرياني ولا رومي ولا قبطي ولا لاتيني، بحجة أبدا في لسان العرب، وهم محجوجون بلساننا إذا ترجموا كتابهم على غير ما تواضعنا من كلام ثم أتوا يقنعونا أن كتابهم حجة لغوية.

من قراءتي للكتاب المقدس، فإني أشعر أنه لا بد من إعادة ترجمته، بل وجعل مختصين باللغة العربية يشرفون على ترجمته بما يجعل لغته ميسورة وفصيحة، وخالية من الألفاظ المهجورة أو الحوشية الثقيلة على اللسان والأذن. متذكرين أنه إبان ترجمة الكتاب في القرن التاسع عشر، كانت اللغة العربية تعاني من انحطاط مريع، إلا من جزر متناثرة هنا وهناك.


الزميل الختيار،

الحجاز هو تلك المنطقة الجغرافية المحصورة بين نجد وتهامة، وبين اليمن والشام، ونجد هي الأرض المرتفعة شرقه، وتهامة هي الساحل غربه، أما السعودية فهي الكيان السياسي الذي يضم الحجاز وتهامة ونجد والعروض واليمامة وجزء كبير من البحرين وعسير.
كما أن الأردن أصلا إنما هو حوض الأردن شاملا بذلك من البخر عند عكا وصور وحيفا، ممتدا إلى الشرق حتى أقاصي البادية، ويحده جنوبا سيل الزرقاء وسيل العوجة. أما الأردن السياسي فهو تلك الدولة المعروفة.
كما أن فلسطين أصلا إنما هي الأرض جنوب الأردن حتى معان، ومعان ليست منها، ولبنان أصلا هو سلسة الجبال الغربية الشمالية في بلاد الشام ولا تضم طرابلس أو البقاع أو الجنوب، أما الدولة اللبنانية فهي أكبر من هذا الجبل.
والدول السياسية القائمة هي دول حديثة، هلى خلاف الملة التي نتحدث عنها والتي قد عاصرها العرب الأقحاح وسموها بالنصارى.