أعتقد بأن حساسية بعض المسيحيين لكلمة "نصارى" ليس مردها القرآن. ولكن مردها قراءة في نفوس بعض المتزمتين والتكفيريين المسلمين.

فالمسيحي قد يحس بأن "فلان أو علان" من المسلمين ينعته "بالنصراني" لأنه يريد أن ينكر عليه انتسابه لديانة المسيح.

لماذا؟
يقول المسلم الزميت التكفيري في قلبه - وأحياناً على لسانه - بأن رسالة "الله" واحدة. وهي أعطيت لموسى ثم للمسيح ثم لمحمد. ولكن أتباع الأول والثاني "حرّفوا" الكلم من موضعه وحادوا عن الرسالة الإلهية الحقيقية، واتبعوا ما بنفوسهم من غي وهوى. وبالتالي فكلمة "مسيحي" لا تنطبق على هؤلاء القوم لأنهم تركوا الرسالة الحقيقية "للمسيح" واتبعوا أهواءهم. وهكذا يعتبر المسلم التكفيري المسيحيين "كفرة" يجدر أن لا يناديهم بلفظ يدل على انتسابهم للرسالة الإلهية مثل "مسيحي"(تابع المسيح). ومع هذا فهو يريد تسميتهم لضرورة أو لأخرى. لذلك فالحل عنده هو اعتماد الكلمة القرآنية كي لا يرتكب ذنباً في عرفه.

المسلم التكفيري لا يهمه حساسية الآخرين ولا الاعتداء عليهم ما دام ينفذ أوامر ربه وما دام لم يرتكب ذنباً. وعنده أنه لو نادي المسيحيين باسمهم فهو لا شك مرتكب هذا الذنب لأنهم "كفار" ليسوا بأتباع المسيح الذي رسالته هي رسالة "محمد" نفسها. لذلك فإنه يعمد إلى استعمال اللفظ القرآني الذي يريحه من عناء مقاربة الذنوب ويعينه على درء الشبهات.

المسيحي الذي عايش المسلمين، يعرف هذه النية الخبيثة المستترة خلف هذا التفكير الاقصائي. لذلك تراه يتحسس من كلمة "نصارى" ويعدها تحقيرية، لأنه يشعر بأن المراد من هذه الكلمة هي إنكار اتباعه للمسيح ووصمه بالكفر والضلال والحياد عن تعاليم المسيح الحقيقية (التي يؤمن المسلم التكفيري بأنها رسالة محمد أيضاً).

هذا هو كل ما في الأمر... ولكن ما العمل أمام مشكلة مثل هذه؟

أعتقد بأنه على المسيحيين أن لا ينتبهوا ببساطة إلى هذه الالفاظ. والانتساب إلى الناصرة لا يضرهم. فالمسيح نفسه كان ينتسب إلى الناصرة. ونراه في الانجيل أمام نثنائيل الذي يقول له: لا يخرج من الناصرة شيء صالح.

أعتقد أيضاً بأن الإسلام، لو أراد له شيوخه ذلك، يستطيع أن يكون أرحب صدراً مما هو الآن، ويقدّم التعايش بين البشر على التمسك المتطرف بحرفية النص واسقاطات دلالاته على كلمة "مسيحي".

كيف نعمل؟
"شوية" تعايش ونية حسنة وصداقة طيبة بين المسيحيين والمسلمين على أساس من "الندية" تحقق التخلص من هذه الاشكاليات الفارغة، التي تثير الإحن والمحن وتهيج الحساسيات.

على الصعيد الشخصي البحت، تعلمت أن أحب كلمة "نصراني" "ونصارى" ولا أتحسس منها أبداً. ولكني لست مثالاً جيداً على هذا. فأنا "مسيحي" في أوراقي الرسمية فقط.

واسلموا لي
العلماني