المسألة ليست مسألة حالات فردية يا ابراهيم و الا لهانت و بصمنا لك بالخمسة و تسعين انك صح و كل فرد حر في حاله.
لكننا هنا نتكلم عن "ظاهرة اجتماعية" أثبتت الكثير من الدراسات زيادتها الطردية مع الفقر.
و نتكلم عن "طبقة اجتماعية" يتزايد انسحاقها و مهانتها و لعن سنسفيل جدودها كل يوم الى درجة أن باتت "حرثا" و "ممسحة" للمقتدرين منكم.

ربما تذكر موضوع حادثة تبادل الأزواج و الزوجات في احدى الشقق المصرية. كان رأيي أنهم أحرار و للناس فيما يسكسون مذاهب. يعني لا أنكر مسألة حرية الفرد في حياته الجنسية. لكن في حالة موضوعنا هنا فأصلا مفيش حرية و لا اختيارات أمام النساء الفقيرات. لم يدع لها النظام الفاسد الا مخرج واحد من الموت جوعا. بل ان المسألة استفحلت أكثر عندما باتت نساء -خاصة الشابات- يردن التبرؤ من انتمائهن للطبقة الفقيرة فرحن يمارسن الدعارة ليتمكن من موبايل و ملابس عصرية و الظهور بمظهر ليس أقل من مظهر فلانه و علانة و حتى تجد من يعبرها من الشباب. على الشاشة نرى عائلات تقلب الشقة فوق تحت و تستلف من الجيران بعض أثاث و طقم شاي و قهوة الخ من أجل أن تبدو "قد المقام" أمام طالب القرب و عائلته. و نجد في وسائل الاعلام من ينتحر أو يسمم عائلته فقرا و انسداد سبل. كما أذكر برنامجا كانت تقدمه "سحر جودة" يعرض قضايا اجتماعية صادمة. شابات في العشرينات تزوجن 17 مرة و 24 مرة و بهذه الأرقام و حتى شباب و ذلك من أجل الفلوس و بسبب الفقر. لم تقل أي واحدة منهن أنه بمزاج أو رغبة في شبع جنسي.

يعني المسألة طبقية بحتة و ليست مزاج فردي و لا مسألة دينية و لا مسألة حرية شخصية. هكذا أراها. و عندما تأتي ايناس الدغيدي لتنادي بتقنين البغاء فهي لا تحل الاشكال. هي تبرئ الحكومة من كارثة اجتماعية يرزح تحتها أغلبية الشعب المصري هي مشكلة الفقر فأسهل على الحكومة ألف مرة أن تصدر قرارا بذلك التقنين من أن تتصدى لحل مشكلة نظام فاسد بحاله. اذ أنها مشكلة وجود بالنسبة له.و منى عين حكومة كتلك ان الناس لا ترى جرائم النظام و تنحول عيونها الى قضايا ثانوية "مبتورة" من سياقاتها الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية. ايناس تريد أن تلبس الوضع الاجتماعي فستان عصري و شيك لكنها لا ترى أن الجسد نفسه معتل بألف علة و علة. فمن الأمراض الجسدية (سوء التغذية و ضمور العضلات و ارتفاع السكر و الضغط) الى أمراض القيم (كالنفاق و المظاهر و التبرؤ من الأصل و تأليه الفلوس و غيرها) الى أمراض الواقع من استغلال و استحمار المواطن و غيرها. هل يكفي أني ألبس المكنسة لتصير عروسا حقا؟؟ أم أن الحل لا بد أن يمس جذر المشكلة و منبعها؟

أما أنني أفرض رأيي على غيري فكما سبق قلت لك اننا هنا نتحاور نظريا و لا أحد منا في موقع صنع قرار أو الزام أي انسان بسلوك ما.