العزيزة / هالة

اقتباس:مثلك يعرف أن الأدب ساحة صراع اجتماعي أيضا شأنه في ذلك شأن السياسة و التعليم و الدين و غيرها.

( يعني لازم تقفشيني كده طيب )
ثم ماذا تركتي لي بعد هذا التحليل الرائع والملاحظات القيمة التي أشد علي يديك فيها بقراة قصيدة فلسطين وقصيدة سيد قطب قراءة مقارنة ؟


أعود لتكملة ما سبق
آلية أخري مهمة نراها تظهر واضحة تارة مستخفية تارة أخري وهي فهم الواقع بطرق منفصلة عن الواقع ولا تنتمي إليه , نلمح هذه الآلية حين نري طريقة النص في استشراف المستقبل , فمن الطبيعي أن يكون أي تحليل للواقع مستندا لفهم الظاهرة مراعيا علاقتها مع غيرها من الظواهر, ولكننا نري من خلال هذا النص والنصوص المثيلة لما يسمي بالأدب الإسلامي أن هناك رؤية تنطلق من عالم منفصل عن الظواهر ولا تمتح منها تحليلاتها وفي استعمال هذه الآلية يكمن الخداع كله فتلك النصوص تسوق لنفسها بمجموعة فاخرة من القطعيات والرؤي المستقبلية الإسكتولجية متجاوزة بذلك حدود الظواهر المطروحة وتلك الحلول السحرية هي من آليات الاستمالة للنصوص وحشد التأييد لها وتجييش مجموعة من المؤمنين للدفاع عنها حتي الموت , وقد تستلزم تلك الآلية أحيانا إيجاد فقه لتاييدها لزوم تسويقها وتسويغها للمتلقين , ونلمح هذه الآلية أسلوبيا في تلك العبارات القطعية التي تنبث في النص ولاداعي للبحث عنها فهي واضحة ولكن ابحث عن الأفعال الملصق بها سين الاستقبال مثل ( أخي ستبيد , ستبتر يومًا , سترفع قربانها , غدًا سأشيح , ستمضي بنصر , سنمضي على سنته ) فستجد أنها تشكل ظاهرة أسلوبية تعمل عملها في ضمان المستقبل للمتلقي ( المنتظر منه الفعل ) بوعود براقة وتجد سندها في دوجما أصلية تستقي منها تلك الوعود , صحيح أن الدين أحد مكونات وعي الأمة وفي رأيي أن أية محاولة للنهضة وتجاوز أزمتنا تجاه قضايانا يجب أن تأخذ في الحسبان هذا الوعي لدي الجماهير ولكن بعد أن تحلل الظاهرة بطريقة علمية , فلا مشكل أن يكون الوعي الديني نوعا من الاستنهاض نحو هذا الحل لأننا لا نستطيع إجبار الجماهير بما يناقض ما ظلت قرونا تؤمن به وترسخ فيها ولكنه سيكون مجرد إضفاء للنكهة وليس من مكونات الطبخة ذاتها , وقد نري بعض المحاولات لبعض منظرينا تتفق مع هذا مثل الدكتور نصر حامد أبوزيد في قراءته للخطاب الديني ومحاولة إصلاحه من الداخل .
نعود إلي النص لكي نثبت أن تلك اليقينيات الجامدة والرؤي المستقبلية تعمل عملها في أدلجة وعي المتلقي ودفعه إلي الفعل دون تبصر بعد خلق الفقه المؤيد لها مثل الحاكمية وتكفير المجتمع وتغيير المنكر في الأدبيات الأخري المصاحبة لهذا الفكر فتلك النصوص لا تعمل وحدها فهي هنا تخاطب وجدان وعواطف المتلقين بما للفن من هذه الإمكانية والقدرة ولكنها هناك في الأدبيات تخاطب وعيهم وعقولهم وإن كانت سبل المغالطة مختلفة .

آلية أخري براقة وغاية في الخداع تستعملها هذه النصوص , فهي بعد أن تثبت تلك العقائد بطريقة قطعية وتزيف فهم الظواهر تبدأ في تجييش الجنود الذين سوف ينفذون هذه الوعود وهذه المستقبليات ولكنها لا تخاطبهم باعتبارهم بشرا عاديين ولكن باعتبار أنهم المختارون المخلصون الموعودون بالنصر , ولعمري أي غرور تضع تلك النصوص المتلقين فيه , قد تكون هناك نصوص متواضعة تشحذ النفوس للكفاح ولكن أن تجعل المتلقي في تلك الحالة من نشوة الغرور بما تلقيه في روعه من أنه المختار الذي سوف يصل للنصر أو الجنة فهي تؤسس لجيل صلب الرأي لا يستطيع أن يتفهم قيمة الاختلاف في الرؤي أبدا ولا يعطي أي وزن للآخر وتجعل المنظار أحادي الرؤية فإما معي وإما عليّ وقد يكون لدراسة الاتجاهات التعصبية في علم النفس دور في فهم تلك الآلية وكيف تعمل .


من أين تأتين بكل هذه الورود ؟
تفضلي هذه الوردة من حديقة النادي الفقيرة .


كوكو