{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 4 صوت - 2 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #150
RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول
عن لبنان... وبركة الأدرينالين التي استهلكت أجسامنا وأرواحنا
الأحد, 01 أغسطس 2010
080101b.jpg
حازم الأمين
Related Nodes:
080101b.jpg

لم تُثن حال الترقب والخوف التي نعيشها في لبنان، زميلتنا ليليان الآتية من لندن لتمضية إجازتها مع أهلها، عن السؤال عن احتمالات الانتقال الى بيروت في شكل دائم. ذلك ان ليليان تشعر كلما قدمت بافتقادها، هناك في بريطانيا، الى شيء جوهري تعتقد انه متوافر لدينا هنا. هذا الشيء الذي يصعب تحديده أو لمسه هو ما تسميه هي وعشرات غيرها من الآتين صيفاً الى لبنان «دفء العلاقات بين الناس»، من دون ان يُعطل هذا الدفء احتمالات ان يعيش المرء بمفرده، أو وفقاً لخياراته الخاصة والشخصية.

قد يبدو هذا الكلام عادياً في لحظة لبنانية مختلفة، لكنه اليوم مدعاة تأمل واستغراب، فأي دفء هذا الذي يمكن رصده في لحظة تسبق الأزمة أو الانفجار؟ وأي مغامرة ترتكبها ليليان لمجرد مراودتها فكرة العودة الى موطنها؟ وأي موطن هذا الذي يكاد أن يكون وهم الدفء مادة تماسكه الوحيدة؟

وطرح هذه الأسئلة لا يهدف الى إشهارها في وجه ليليان لثنيها عن العودة، اذ إنها ستنسى الأمر ما ان تضع رِجليها في الطائرة عائدة الى بلدها الجديد مع ابنتها، انما محاولة لفهم مادة الدفء تلك التي لطالما شهرها مغتربونا في وجهنا محاولين صد رغباتنا بالشكوى.

أولاً، ثمة شيء لا بد من ملاحظته في سياق حديثنا عن تلك المادة التي تتخلل عيشنا في هذا البلد وتجعله ممكناً. فالأرجح انها مادة أدرينالينية يفرزها في أجسامنا عيشنا المتواصل على شفير الانهيار. نوع من المقاومة التلقائية الداخلية التي تلتقي مع ما يوفره لبنان من احتمالات ان يُصرِف المرء توتره واضطرابه على مسرح عام، تُشعر المراقب الغريب أو البعيد انه حيال مقاومة طبيعية وصحية وناجحة. الحقيقة غير ذلك، اذ إنها مقاومة تحولت مع الوقت ومع تواتر الأزمات وتكرارها الى نوع من الهذيان المشابه لأعراض ارتفاع حرارة الجسم.

ما يُعزز هذا الاعتقاد ان مادة الدفء تلك، التي يتحدث عنها مغتربونا، تتعاظم نسب وجودها في أجسامنا في لحظات الذروة في منسوب الأزمة، اذ إننا في بيروت نشعر في محطات الانفجار المتكررة بشيء إضافي منها، فنضاعف مدفوعين بجرعات الأدرينالين تلك، تواصلنا، ونُمضي أياماً وليالي في لهو وهذر يحسدنا البعيدون على فقدانهم لهما.

لكن المادة تلك لا يقتصر تزويد أجسامنا وأرواحنا بها في اللحظات السلبية من أيامنا، اذ إنها عينها ما أعاننا ذات يوم ليس ببعيد على ان نلتقي في ساحة الشهداء بتاريخ 14 آذار (مارس) 2005، وهي، اذ دفعتنا الى الساحة، لم تمهلنا كثيراً حتى عادت وانكفأت ليظهر أنها لم تكن أكثر من لحظة عابرة أحدثتها جرعة أدرينالين، وبددها سياق من الخيبات والفشل والتقصير.

يستعد اللبنانيون في هذه الأيام لأزمة قد يشهدها بلدهم. لم ينفِ المعنيون بالأزمة احتمال حصولها، وهو أمر يُعزز اعتقاد الناس باحتمالها على رغم جهود تبدو جدية لتفاديها. فالأمر في وعي اللبنانيين على هذا القدر من البساطة، اذ ان حزب الله قال ان المعلومات المؤكدة المتوافرة لديه تفيد بأن القرار الظني الذي ستصدره المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، سيوجه أصابع الاتهام الى عناصر منه باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. واعتبر حزب الله ان هذا القرار أخطر من القرار الذي صدر في 5 أيار (مايو) 2008 وأدى الى حملة عسكرية نظمها الحزب في بيروت والجبل اللبناني. اذاً، الأمر لا يحتمل تفسيراً ثانياً في وعي اللبنانيين، وعليهم، والحال هذا، تهيئة أنفسهم الى «7 أيار جديد» في أضعف الإيمان. أما الجهود المبذولة لمنع ذلك فتبقى أقل وضوحاً من تلك المعادلة الشديدة الوضوح التي رسمها الحزب. قد يأتي من لديه وجهة نظرٍ أخرى عن مستقبل اللبنانيين القريب، لكن ذلك يبقى على متانة قرائنه مجرد وجهة نظر.

اذاً، الأجدر احترازياً، هو ان نعد أنفسنا للمأزق، وأن نبدأ بإفراز مادة الأدرينالين تلك، التي أعانتنا على تحمل أوضاعنا في حربي تموز 2006 وأيار 2008. ولنتخيل أياماً سنمضيها خارج مألوف أيامنا، نكسر خلالها رتابة التزامنا بأوقات ومواعيد، فنبدل المقاهي التي نرتادها، ونستقبل وجوهاً جديدة ونكتب مقالات مختلفة، ونسهر في شوارع غير مضاءة، وتبقى هواتفنا الخليوية بمنأى عن الازمة فيما يضاعف أصحاب المولدات الكهربائية تعرفة الاشتراك. أما الجديد في مأزقنا العتيد فسيكون هذه المرة مالياً، اذ ان الأزمة ستهدمنا على وقع وضع اقتصادي متدهور في العالم كله، قد يعجز في ظله مغتربونا عن اعانة أهلهم، وقد لا تصمد مؤسسات كثيرة نعمل فيها.

المفارقة تكمن في ان مشهداً من هذا النوع قد لا يكون بالنسبة لكثيرين، مشهداً سلبياً بالكامل، اذ ان تعاقب الأزمات جعل منه محطة في حياة المرء يشعر حيالها بنوع من الشوق. انها حياتنا، ومن القسوة الا يشعر المرء برغبة باستعادة لحظات عاطفية شهدتها أيامه المنقضية. ولكن ان يكون المشهد أعلاه جزءاً من ذكريات قد يطاولها حنين فإن ذلك كافٍ لأن يردع ليليان عن التفكير في العودة. وان نكون نحن الذين نعيش غير مختارين تحت وطأة شوق لانفجار ما، فذلك قدرنا الذي لا نملك تغييره، أما ان يختار المرء ذلك لنفسه ولابنه فذلك قد لا يكون مفهوماً لعاقل.

ولكنْ ثمة أمر إضافي في معادلة أشواق المغترب حيال معضلاتنا، تتمثل في البرودة التي يُقابلنا بها ذلك المغترب في أيامنا العادية، اذ إنه من المرجح اننا نفقد جاذبيتنا في فترات الهدوء القصيرة التي تتخلل أيامنا. وتتكشف أثناء سعينا للتماهي مع الحياة الطبيعية في البلدان الطبيعية مستويات تخلفنا عما حققه الآخرون خلال عيشهم العادي في المدن البعيدة، فيتفوق أبناؤهم على أبنائنا بما تعلموه، ويتفوقون هم علينا بما يعرفون ويكتشفون، فيما نحن قابعون في بركة الأدرينالين التي استهلكت أجسامنا وأعمارنا.


http://international.daralhayat.com/inte...cle/167948
08-07-2010, 11:49 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بواسطة بسام الخوري - 08-07-2010, 11:49 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Wink دعاء الدخول .. 'Architect 0 973 06-06-2010, 06:35 PM
آخر رد: 'Architect

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS