اقتباس:عندما اجد احدهم محتاجا فإنني اجد في نفسي شعورا يدفعني لمساعدته قبل التفكير بالرضا النفسي وغيره والرضا على كل حال يأتي بعد المساعدة وليس قبلها ومن يحركني هو شعور داخلي وليس محرض خارجي اسمه جنة .
وهناك فرق بين المقابل المعنوي والمقابل المادي
المقابل المعنوي تحصل عليه من تلقاء نفسك وأما المادي فتنتظر من يقدمه لك وهنا نجد ان المحرض الاول نبيل الهدف والثاني هدفه منفعي وليس الخير فقط .
ولو حذفنا كلمة الجنة والنار وغيرها فإن الإنسان سيبقى يفعل الخير بعيدا عن أي محرض

تلقائية الشعور تبحث عن الخير اساساً ، وكل فعل خير سيجر سعادة ورضا ، وكل شر عاقبته وخيمة ، وهكذا يفكر أولي الألباب لأنهم يعقلون وقع الخير والشر على شعورهم ، والاستجابة التلقائية هي فطرة الله التي امتدحها ، فالله ذم الإنسان وامتدح فطرته ، ذمه بسبب ماديته ، وامتدحه بفطرته التي تمتدحها انت الآن ..

المحرض الخارجي يثبتك على فعل الخير ويدعمه وليس ضده ويحميه ايضا ، ويساعده على الاكتمال والولادة السليمة لأفعال الخير ، لهذا الإسلام يسمى دين الفطرة ، فدائما الاحساس الاول هو الخيّر دائما وهو من الفطرة ، مثلما حصل للوليد بن المغيرة عندما سمع القران وأعجب به شعوره الاول ، وقال لقد سمعت من محمد انفا كلاما ما هو بقول انس ولا جن، وان له حلاوة وعليه طلاوة ، وإن أعلاه لمثمر وإن اسفله لمغدق .. لكنه فكر وقدر ، أي دخلت المادية في الموضوع ، ثم نظر ثم عبس وبسر ، أي دخل الآن في عالم الكآبة لأنه اختار الشر ورفض اختيار الفطرة ، ولهذا تألمت فطرته .. وظهرت عليه علامات التفكير الغير طبيعي الشيطاني والإعراض والتكبر ، وهي صفة الشيطان الاولى .. كل معرض عن الحق هو متكبر ، وهذا هو تعريف التكبر : بطر الحق وغمط الناس ..

ليت الفطرة تترك على سجيتها دائما ، إذا لاهتديت الى الحق من تلقاء نفسك . ولكن تدخل الانسان في الفطرة هو الذي يحرفه ، والفطرة غير ملزمة لأنها لو كانت كذلك لكان الإنسان مسيرا ومجبرا على فعل الخير ، ولما كانت هناك ميزة لأحد على أحد ، وكل انسان مادي هو معاكس للفطرة ( وإن يروا كل اية يعرضوا عنها ) ، وعندما تتامل أية ثمرة تجد أنك مأخوذ بجمال وعظمة ابداع ، ويريد شعورك ان يشكر احداً ، فيأتي العقل الملحد ويقمع هذه الفطرة ويقول : اسكت فهذه محض صدف ، ترتيب حبات الرمان في جوفها جاء بمحض صدف وعشوائية ، اذا لا داعي لأن يعجب الملحد بأي شيء جميل لأنها عشوائية عبثية ، من هنا نرى فقرهم في الفنون والاداب ، لأن الجمال لا يعني الشيء الكثير عند العقل ، ونعرف ان الالحاد اذا ضد المشاعر الانسانية والفطرة وضد الجمال وضد العقل وضد العلم .

كذلك عندما يرى شيئا مهولا او حركة من حركات الطبيعة العظيمة ، يقاوم الملحد فطرته التي تدفعه للخوف والوجل وتحميل نفسه شيئا من الذنب ، فيقمع هذا الشعور ، ويقول : اسكت فهذه عشوائية عمياء لا علاقة بينها وبين احاسيسنا ، لهذا المادي الملحد يقاوم شعوره طوال حياته ، ويلزمه في كل مرة ويلزمه الشعور ، ولكنه لا يتعلم ، ويعود مرة أخرى لطلب الحب أو الخوف ، لكن المؤمن الحق لا يسكّت شعور الفطرة في داخله ، وعقله يستجيب مع هذا الشعور بتناغم ، لهذا يشعر بالانسجام والطمأنينة ويسلم من الصراع الداخلي والازدواجية ، لهذا القرآن يؤيد التفكر في آيات الكون الكثيرة ، فتزيد المؤمن إيمانا وإطمئنانا ، وكل ما في الكون ينعكس على الشعور الانساني ، وردة فعل هذا الشعور تجاه كل شيء إما حب أو خوف ، وكل واحدة من ردود الأفعال تأخذ شكلا من الاشكال : الإعجاب هو حب ، والشوق حب ، والجمال حب ، والنشوة والايجابية .. إلخ كلها حب ، والعبادة حب . والخوف يأخذ اشكالا اخرى : القلق والعقد والترقب والحذر والذعر .. إلخ .