كل أمة تعاني من التخلف الفكري والثقافي والمنهجي والتشرذم الحضاري والتشتت والضياع وفقدان البوصلة السياسية والدولية ، فإن هذه الصفات ستنعكس بشكل أو بآخر على فهمها لدينها ومبادئها ، وهذا ما ينطبق على المسلمين في الوقت الراهن ، إذ أننا لا نعاني مشكلة في الدين أو في الإسلام نفسه بقدر ما نعاني مشكلة في فهمه وفهم نصوصه وإسقاطها على أرض الواقع ، فمن يرفض التلفاز أو الإنترنت مثلاً ويصم الحضارة الغربية بالتخلف والهمجية هو بحق يعاني من مشكلة في الفهم والتفكير .

ولذلك الحل لمشاكل المسلمين وتخليصهم من براثن الرجعية والتخلف ، وإنتشالهم من أوحال الضياع الذي يعيشون فيه وإرجاع عهد العزة والمنعة لهم ولأمتهم يكمن في إعادة الفهم للدين الإسلامي وتراثه وفقهه ولا سبيل غير هذا السبيل ، لأن لكل أمة مقومات نهوضوية تختلف عن غيرها ، فقد نتفق في بعض الخطوط العريضة ولكننا لن نتفق على التفاصيل وطريقة التطبيق وغيرها .

فإن كانت الطريقة الديمقراطية سبيل ناجح للتغيير في الغرب ، فإن مثل هذه الطريقة ستكون من أفشل الطرق لو جربناها في مناطق لا تؤمن بالديمقراطية مثل الأنظمة العربية الشمولية .

ومن خلال حسبة بسيطة جداً للفرق بين النهضة العربية الإسلامية والنهضة الغربية نستطيع معرفة الفرق ، فالكنيسة والنظام الملكي الجائز في العصور الوسطى كان من أشد المعادين للعقل والنظريات العلمية والعلماء مثل جاليلوا وغيرهم ومارس بحقهم شتى أصناف الإضطهاد السياسي والفكري وكان النظام الديني عبقة كأداء من أجل النهضة والتنوير ، ولذلك النهضة والوصول للحضارة يكمن بإزاحة هذه العقبة !
أما نحن فعصر النهضة الإسلامية كان في ظل الإسلام وتحت رعايته وقائمة على نصوصه وأدبياته ، وبعد تغييب الإسلام وضياعه والمجيء بعلمانية مسخ في الوطان العربية إنقلب حالنا رأساً على عقب ، ولذلك من أجل النهضة التي كنا ننعم بظلها في الفترات السابقة علينا إعادة الأمور لنصابها الصحيح .

ولنا عودة إذا تسير لنا ذلك .