العزيز أرماند .
لم أكن معنيا بقضية السيدة كاميليا ،و لكن المهم هو ما تشير إليه القضية وردود الفعل ،وهو ما أراك أجدت عرضه بشكل رائع شدني إلى الشريط ، أنت تعبر - يا صديقي - ببراعة و عقلانية شديدة عن نفس الأفكار التي راودتني ، لهذا تجد تعليقاتي مختصرة ، فالإتفاق هو " عدو " الحوار ،و لكن لا حيلة لنا في اتفاق يمليه الإخلاص الكبير لمبادئ الحرية و الخوف على الوطن و مصيره .
سأضع بعض الأفكار في شكل نقاط ،و ستجدها مجرد تعبير آخر عن نفس الموقف .
1- الحكم على الأفكار و المواقف يكون من مستتبعاتها أو نتائجها ، أما عشوائية إطلاق المواقف و الأحكام هو دائما عمل ضار ، فلا يمكن أن يتقدم راكب الجوادين كثيرا . المواقف التي تدعم الأصولية الدينية أو الغوغائية الشعبية و الإحتقان الطائفي لا يمكن أن تكون خيرة .
2- أتفهم غضبك من تخبط العلمانيين أو الليبراليين و ميوعة مواقفهم ، فقط أريدك أن تفكر أن هناك نوعان من العلمانيين . الأول قلة نادرة -أراك منهم- أطلق عليهم المثقف العلماني ، وهؤلاء علمانيون عن قناعة فكرية قائمة على تقاليد حضارية و ثقافية معاصرة ،و الثاني هم علمانيون بالتقليد أو علمانيون أصوليون !، أي من يتخذ موقف علماني نتيجة رفضه ( العشوائي) لبعض مواقف الإسلاميين ، أي من داخل الإطار الذي ينتج الأصولية ، أي فرع من نفس الشجرة تتجه يسارا بدلآ من اليمين كغيرها من الفروع ، العلماني الحقيقي فرع من شجرة مختلفة كلية . المشكلة كلها في الإطار ، الإطار الإسلامي النصي يصنع أيضا بديله الموضوعي من نفس طبيعة الإطار إسلامي نصي !، أما الإطار العقلاني المعاصر فحتى نموذجه الديني سيكون عقلاني .
3- لم يكن نادرآ أن تصيبني النيران الصديقة ،و لكني أدركت أنها لم تكن أبدآ صديقة . هؤلاء ليسوا علمانيين و ليسوا مفكرين ،و يتنقلون بين الشيء و نقيضه بخفة آسرة !.لهذا أتمنى الا تيأس سريعا ، فكلما كان المرض أشد خطورة و حرجا كلما كانت الحاجة لجهود الإنقاذ أشد .