(09-19-2010, 08:01 PM)علي هلال كتب:  

اقتباس:و بين معتقدات غيبية يتوارثها الإنسان كلون البشرة و طول الأنف ولا خيار له فيها ، من يختار دينه ؟ ، حديثنا عن الإختيار محض ادعاء .

الم تولد انت مسلما ثم تقول انك اصبحت ملحد في سن 17 سنة؟

الم يولد ابراهيم مسلما ويقول انه اصبح مسيحيا؟

...........

يا أخ علي .
هذا الرد هو ما خشيت أن تاتي به بالفعل . لم ؟.
حتى لا أكرر أفكارا يجب ان تكون من المسلمات .
الحكم يكون على السياق العام و ليس الإستثناء نادر الحدوث ، فهذا لا قياس عليه .
فقط أحب أن أوضح من البداية أنني حتى لست ملحدا ولا لا أدريا . إنني في مرحلة من لا يجد قضية تستحق اهتمامه حتى يكون له موقف يتمسك به . الدين بالنسبة لي ليس شيئا جادآ ، فقط ما يستحق الدراسة سوسيولوجية الأديان .
هل تعلم أنه في العالم حوالي 19 دينا رئيسيا ، تنقسم هذه الأديان بدورها إلى 270 مجموعة دينية كبيرة ، بالإضافة إلى العديد من الجماعات التي تؤمن بعقائد متفردة و غير شائعة . تتداول هذه الأديان المئات من قصص الخلق و التكوين ، و التي تتحدث عن نشأة الكون و ظهور الحياة . كل هذه الأديان – تقريبا - ظهرت بشكل تقليدي نتيجة ما يدعيه البعض من مشاهدة تجليلات إلهية لأرباب و ربات مختلفين ، هذه الآلهة مختلفة بل و متناقضة غالبا ، حتى الأديان المتشابهة مثل الأديان الإبراهيمية الثلاث ، فهذا التشابه سطحي فقط ،و لكن بمجرد أن نتعمق أبعد من الغلاف سنجد أشد أنواع التنافر و الإختلافات .
هل تعتقد أن المؤمنون بدين معين كالإسلام مثلآ درسوا كل تلك الأديان و اختاروا الإسلام ، كي تفعل لذك عليك ان تعيش حوالي 2000 سنة لا تفعل شيئا سوى دراسة الأديان المختلفة ،و حتى في هذه الحالة لن تجد المصدر المحايد الذي يناقش تلك العقائد المختلفة بحيدة . ثم ما هي معاييرك في إختيار الدين الحقيقي ، هذا لو كان هناك مثل هذا الدين ؟، أليس تحيزاتك الأولية التي اكتسبتها من الأسرة و البيئة ؟.
هل ما زلت مصرآ انك اخترت الإسلام مثلآ و لم ترثه ،و انك لو وجدته مزيفا ستتركه ،لو قلت ذلك لكنت إما كاذب او واهم ولا شيء آخر ،ولا أريد لك أحدهما .
هناك نوعان من المقتربات التي تتناول ظاهرة الأديان ، المقترب الأول يقوم على الإعتقاد الغيبي بأحد الأديان ، و بالتالي إنكار الأديان الأخرى ، أما المقترب الثاني فهو المقترب العلماني ، و هو يقوم على أساس تجاوز الإيمان الغيبي كلية كمعتقدات بدائية منافية للعقل ، و بالتالي محاولة تفسير ظاهرة الأديان وفقا لمجموعة مختلفة من النظريات ، وهناك بالفعل العديد من تلك النظريات بين أيدينا ، هذه النظريات تتفاوت من حيث الطبيعة و القدرة التفسيرية ، فمنها نظريات أنثروبيولوجية ، و أخرى تطورية ، و ثالثة بيولوجية ، و هناك نظريات تنطلق من التفسير الماركسي للتاريخ ( الجدلية التاريخية ) وهكذا . إختلاف تلك النظريات لا يعني تعارضها جميعا ، فبعضها نظريات متكاملة ، كما أن وجود هذا التنوع طبيعي و متوقع عند دراسة ظاهرة واسعة الإنتشار و معقدة مثل ظاهرة الدين ، و عدم حسم تلك النظريات في نظرية واحدة لا يعني صدق المقترب الأول ، فهو لا يقدم لنا نظرية واحدة متكاملة ، بل مجموعة متناقضة و مشوشة من الأساطير البدائية المعروفة المنشأ .
..............................................................................

(09-19-2010, 11:25 PM)علي هلال كتب:  

اقتباس:لتعرف أن المشكلة كما قلت عشرات المرات في الثقافة لا الدين ، لا أقول أن الإسلام سيصنع حضارة ،و لكني موقن أنه لم يكن ليعيقها .

يارب تتذكر هذه العبارة من فمك دائما واني احب ان اضعها لتقرأها انت وانا والقراء دائما من فم بهجت لا لشئ الا لنفسه .

................

الأخ علي هلال .
ما أكدته لي الحوارات أن هناك عزلة ثقافية يعيشها المصري العقلاني ، فالأنساق الحوارية السائدة أنساق متخلفة لا تشجع على الحوار الجاد . لا أريد أن اطيل في هذه النقطة و لكني أوضح لمرات بلا حصر أننا لا نتعامل مع الدين و لكن مع نموذج ديني بذاته .
هذا الشريط كغيره من الموضوعات التي طرحتها لا يناقش الدين الإسلامي ، ولو أردت ذلك لطرحت الموضوع في الساحة الدينية ، كما أني غير مهتم بالعقائد الدينية و أراها لا تلائمني و لست متخصصا فيها . هذا الشريط كما قلت في مقدمته يناقش الثقافة الإسلامية السائدة ، و حتى بتعبير أكثر دقة الثقافة السائدة بين المسلمين و التي تستخدم خطابا دينيا إسلاميا . إننا نخضع تلك الثقافة لنفس المعايير التي نناقش بها أية ثقافة أخرى ( الأنجلو ساكسونية و اللاتينية مثلآ ) و ليس لمعايير مقارنة الأديان . لست معنيا بمصادر تلك الثقافة و مدى قداستها من عدمه ، و لكني معني فقط بالقضايا التي تطرحها تلك الثقافة و القيم و المفاهيم التي تنشرها . لقد وضعت مجموعة من المعايير لقياس تقدم الثقافة و من جانب آخر تخلفها ،و أخضعت الحضارة الإسلامية المعاصرة لتلك المعايير ،ووصلت إلى استنتجات محددة تدعم فكرة تخلف تلك الحضارة و حاجتها الماسة للنقد و التطوير . لو أخضعنا الثقافة البوذية في شرق آسيا لنفس المعايير ربما لتوصلنا لنتائج مشابهة أو مختلفة كليا أو جزئيا ، و لو أخضعنا الثقافة اليمينية الأمريكية لنفس المعايير فسنجد ما نقوله أيضا . هكذا نرى القضية واضحة كل الوضوح ،و لكن العقلية السائدة غير معتادة على ما يمكن أن نطلق عليه النقد الثقافي ، و الزملاء يعيدون ترجمة ما نقوله ليكون ضمن نسق المساجلات الدينية ، الإسلام ضد أعداء الإسلام ،وهذا أمر لا يهمني ولا أجيده بل أراه سخيفا و مضيعة للوقت .
يا صديقي .. إنني لا أصدر أحكاما عن الإسلام فلست أناقشه ابتداءا ،و لكني أتحدث عن النماذج الدينية ،و ان الإسلام كدين عالمي تاريخي كان له دائما العديد من النماذج التي عبرت عنه من داخل العقيدة الإسلامية ذاتها . من ينكر ذلك و يعتقد أن الإسلام شيء واحد مخطأ لا يفهم كيف تنشأ الفكار و العقائد و كيف تنمو . لدينا مذاهب إسلامية عديدة بعدها اندثر و بعضها مازال حيا وقويا ،و هي ليست كلها على نفس الدرجة من المرونة و القدرة على التعايش و التحاور مع الحضارات الأخرى .
هناك الآن نموذج إسلامي سائد ، هذا النموذج هو ما يعنيني لأنه وحده الذي يحظى بتأييد العوام وعموم رجال الدين و الحكام على السواء ،و يفترض ان يكون مشروعا سياسيا سيقودنا جميعا إلى الدمار و ليس فقط المعتوه الذي يطرحه ..