هذا الشئ الذى يسمى تجاوزا بمقال ذكرنى بواقعة حدثت لى مفادها أنه منذ أشهر قليلة ونظرا لعطل مفاجئ أصاب مركبتى الحديدية قررت أن أستغل الفرصة وأصادق البيئة وأستقل مركبة حديدية عامة, وبعد طردى من أول مركبة حديدية عامة أستقلها نتيجة عدم وجود ثمن التذكرة بالظبط معى وهو دولار و20 سنت يجب وضعهم فى ألة عجيبة ومثيرة بجوار السائق والذى تفضل مشكورا بطردى من الأتوبيس بعد تلقينى درسا لن أنساه ماحييت - بالرغم من إنى الأن مش فاكر حاجة خالص عنه - عن ألية دفع التذاكر فى المواصلات العامة والحقيقة أنا تفهمت موقف الرجل والدوافع السيكولوجية التى تكمن وراءه . . . تخيل نفسك سواق أتوبيس! شغلانة مايعلم بيها إلا ربنا ولامفر من إنك تنفسن عاجلا أو أجلا- هو غالبا عاجلا لكن أجلا هنا لزوم الفذلكة والبلاغة والأدب. طبعا التشفيف نتيجة متوقعة وطبيعية جدا للنفسنة والرجل الحقيقة لم يقصر تجاهى أبدا فى عملية التشفيف. المهم ماعلينا, نزلت من الأتوبيس مذموما مدحورا عليل الروح سقيم الوجدان فقررت ركوب ميكروباص بدلا من الأتوبيس حيث يأخذ قائد المركبة منك الأجرة ويعطيك الباقى فى أجواء حميمية يسودها الود والمحبة والرغبة فى التعاون الثنائى المشترك لصالح الشعبين الشقيقين ولا ماكينات عجيبة ومثيرة بلا زفت. رحلة الذهاب مرت بسلام لم يعكر صفوها سوى سواق الأتوبيس إبن القحبة الذى شفف لى على غيار الريق- وبالمناسبة أنا غيرت رأيى وغير متقهم لموقفه ولن أغفر له ماحييت الشفة السامة التى شففها لى والتى زلزلت كيانى وعصفت بأحاسيسى- أما بالنسبة لرحلة العودة فقد بدأت بداية موفقة ومبشرة ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن. الميكروباص كان نصف ممتلئ وكل راكب قاعد على كرسى والكرسى المجاور له خالى من المؤخرات البشرية وكل واحد عايش مع نفسه ومحترم حاله, إلى أن توقف الأتوبيس فى أحد المحطات وصعدت فاتورة. الفاتورة التى صعدت للتو إلى مسرح الأحداث كانت على شكل شاب أسود فى مطلع العشرينات من عمره ويشبه إلى حد كبير نجاح الموجى - لكن زايد سوى حبتين- أما الملفت للإنتباه فى الفاتورة فهو أنه من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه يرتدى ملابس حمراء ملتهبة وستايل مشابه لنجوم الراب فى يوم قاربت درجة حرارته ال110. بعد إستفاقتى من مفاجأة الطقم الأحمر بدأت تنتابنى هواجس وشكوك ومخاوف حقيقية أن ينتهى الأمر بهذه الفاتورة أن تأتى وتجلس بجانبى وهو الشئ الذى تحقق حرفيا بعد ثوان قليلة ووجدت هذا اللغم البشرى فى الكرسى المجاور لى فأستسلمت لقضاء الله وقدره وقبلت بالأمر الواقع. لم تمض ثوان معدودة إلا ووجدت الفاتورة الحمراء القابعة بجانبى يستل تليفونه المحمول من غمده ويبعبص فيه قليلا ثم يجرى مكالمة تليفونية مع شخص مجهول بالنسبة لى - وبالتالى لاأستطيع وصفه لكنه بالتأكيد ليس عالم صواريخ وغالبا سيكون من نوعية إبن القحبة المتواجد بجانبى طبقا للمعادلة الرياضية المعروفة "الطيور ÷ أشكالها تقع" وغالبا بيتفقوا على صفقة مخدرات أو أى جريمة أو حماقة يرتكبوها سويا. نتيجة للتقارب الجغرافى بينى وبين إبن القحبة وحقيقة كونه معندهوش دم وعمال يجعر زى الجاموسة فى التليفون فقد أصبحت مستمعا - رغما عنى وبالإكراه- لمحادثته الهاتفية.
المكالمة فى البداية بدأت بالبداية المعهودة للمكالمات التليفونية ونظام سلامات وطيبات وإزاى الصحة وإزاى الحال إلخ ثم بدأت المكالمة تنحو منحى أخر غالبا نتيجة لسؤال الفاتورة المجهولة للفاتورة القابعة بجانبى عن رأى فخامته فى ولاية نيوجيرسى وهو الشئ الذى يوحى بأن إبن القحبة ليس من نيوجيرسى ولكن يمارس عملية رمى بلا سريعة عليها. فى خلال ماتبقى من المكالمة وحتى نزولى من الميكروباص أخذت الفاتورة الحمراء تدلى بدلوها وتعبر عن رأيها فى ولاية نيوجيرسى وشعبها المناضل بمنتهى الصراحة والوضوح وبشكل لايقبل اللبس أو التأويل. يلاحظ أنه أثناء القيام بعملية التعبير عن الرأى المشار إليها أنفا أن الكلمات الأكثر إستخداما كانت man,fuck,shit والجملة الأكثر تكرارا كانت man, you know what i mean man?. بالنسبة لمحتوى الرأى نفسه ففخامته بإختصار يشعر بالقرف والإشمئزاز من ولاية نيوجيرسى وشعبها المناضل ويحس كما لو أنه فى دولة عالم ثالث. الأمر لم يتوقف عند إبداء رأى عام فى الولاية ولكن فخامته بدأ يسرد حيثيات الحكم التاريخى الذى أصدره. من الجمل التى ترددت بكثرة فى حيثيات فخامته وكانت مصحوبة دائما بنظرة من طرف عينه تجاهى جملة people here are nasty and mean man, you know what i mean man?man, fuck that shit man, people are very nasty here man, you know what i mean man?
ومن كثرة ترداد هذه الجملة بدأت تساورنى شكوك أنه من المحتمل أن يكون هذا الحمار جزء من برنامج كالكاميرا الخفية أو شئ مشابه ويسعى لإستثارتى فتجاهلت دين أمه تماما وأنخرطت فى مونولوج داخلى يتمركز حول تساؤل هو هل إبن الشرموطة هذا أتيحت له الفرصة يوما ما للنظر فى المرآة أم أنه لم يخض تلك التجربة القاسية بعد? بعد دقائق معدودة صعد إلى الميكروباص كيان له بعض الخصائص التشريحية الأنثوية وهو الشئ الذى من الواضح أنه أسال لعاب إبن القحبة فقرر إنهاء المكالمة والتركيز مع الكيان الشبه أنثوى لعله ينجح فى تمرير جيناته للأجيال المقبلة حتى لايحرم الجنس البشرى من حضوره المتميز وبالفعل بدأ فى إصدار أصوات والقيام بحركات كالتى نراها بين الحيوانات فى مواسم التسافد فتابعت المشهد على سبيل التسلية وبداخلى تساؤل عن حجم الضرر الهائل الذى من المتوقع أن يلحق بالحضارة الإنسانية لو تمكن هذا الثنائى الخطير من فعلها والقيام بعملية تبادل للسوائل الحيوية ولكن لم أتمكن من متابعة المشهد أو معرفة نتيجته نظرا لوصول الميكروباص لمحطتى ونزولى منه معاهدا نفسى ألا أقترب من وسيلة مواصلات عامة بعد ذلك مهما كلفنى الأمر حتى لا أحتك بمثل تلك الأشكال و كس دين أم البيئة إياكش تولع بجاز وسخ.

البشر من نوعية كاتب هذا الشئ بيكونوا عبارة عن شوية جرابيع قادمين من بيئات منحطة ووضيعة وشاء حظ أمريكا العاثر أن تكون مستقرا لهم وبالتالى بيقوموا بإستكمال مابدأوه فى بلادهم من سفالة وإنحطاط وإرتزاق فى إطار من العقد النفسية. من يقرأ المقال يعتقد أن العرب واقفين طوابير فى محاولة منهم للتعرف على هذا البغل وهو يتمنع عليهم فى حين لو بحثت عن كاتب هذا المقال ستجده مثل الفاتورة الحمراء السابق الإشارة إليها مجرد جربوع ليس هناك أى شخص محترم لديه رغبة فى التعرف على حثالة مثله وكوسيلة دفاعية نفسية بيحاول إظهار الأمر كما لو كان الرفض من ناحيته هو!