اقتباس:موضوع جميل ومرحلي مهم ، شكرا
شكرا لمرورك الكريم
نكــــــمل
6. هل يكون مثال نوال السعداوي نموذجا صحيا لكتابة المرأة؟ وهل سجنت قضية التحرر كتابة المرأة في حلقة مفرغة؟
باسمة يونس
ولم لا ؟ نوال السعداوي كتبت عن المرأة التي تراها وتعيش معها والتي سمعت مشكلاتها ورأت معاناتها، فلم لا تكون ناقلة لواقع صحيح تعايشه ؟ ولماذا نريد أن نحصر كتابات النساء كلها في بوتقة واحدة ؟ هناك امرأة تكتب مثل نوال وأخرى تكتب مثل نجيب محفوظ وثالثة تكتب مثل مي زيادة وغيرهن. وأعني هنا أننا بحاجة إلى مثل كتابات نوال السعداوي كي ننظر إلى الأمر من مختلف الزوايا ولسنا بحاجة إلى مئات الكاتبات اللواتي يشبهن نجيب محفوظ فقط. وبالنسبة لي شخصيا قرأت الكثير لنوال السعداوي وكانت لها بعض الآراء التي تغلغلت في عمق الواقع بجرأة وصراحة كاملة وهذا يجب أن لا يلغي أبدا قدراتها الكتابية وأسلوبها القصصي الممتع وحسها المرهف في التنقيب عن القضايا النسائية التي تحتاج فضح كي يمكن البدء بعلاجها. وبالنسبة لقضية التحرر، فهي حتى الآن تشبه قضية الثقافة ومعناها، فالكثير من الناس لا يفقهون معنى التحرر المطلوب وخصوصا فئة معينة من النساء اللواتي يستخدمن شعار التحرر ويرفعنه بهدف تحقيق مآرب ساذجة لسنا بحاجة لها ولا نطلبها كنساء.التحرر الذي يجب أن نركز عليه ونشجعه ونعززه هو التحرر من الكثير من المواجهات الشائكة التي تشبه شيئا من هذه الأسئلة والتي تحاول بشكل أو بآخر التقليل من شأن المرأة ومن فكرها المتطور وإعادتها إلى قفص الجسد رغبة في تشويه طهارته وتحويلها إلى مومس بغض النظر عن كينونتها. وربما علينا الآن الدعوة للابتعاد عن جسد المرأة وعدم التفكير به كمتعة لأن المرأة أنهكت بالفعل جسديا وفكريا ولم تصل حتى الآن إلى جزيرة الراحة التي تجعل من جسدها أرضا لأمان الرجل وظلا يمكن أن يتفيأ به.
أمنية طلعت
نوال السعداوي باحثة هامة جدا ولها مؤلفات مهمة ولكن أن تكون نموذجا أم لا فهذا أمر لم أفكر فيه حيث أنني لا آخذ نماذج في الحياة أحاكيها كي أعبر عما بداخلي، أنا لي شخصيتي المستقلة وأنا النموذج الوحيد الذي أحاكيه..أنا نفسي يا سيدي ولكن هذا لا ينفي احترامي للكثير مما قدمت نوال السعداوي من أفكار وإن كنت لا أوافقها على كثير مما قدمته أيضا، لكنها في النهاية قدمت ما لديها من أفكار أو تجارب نتفق أو نختلف عليها لكن لا يمكن أن نختلف على أنها باحثة مهمة ومبدعة جيدة. أما موضوع قضية التحرر والسجن، فأنا أرى حرية المرأة مرتبطة بحرية الرجل أو المجتمع كله، نحن نعيش يا سيدي في مجتمع سجين وأسير أفكار وتابوهات ومثلثات برمودا كثيرة جدا، علينا أن نحطم أوهام مجتمعنا ككل كي نفك قيود المجتمع كله ونحرره، فإذا ما تحرر مجتمعنا تحررت المرأة بالتبعية، لكني لا أتعامل مع المرأة على إنها مقيدة أو مقهورة، فلدينا من القوانين ما يسمح لأي امرأة بالانطلاق بشكل صحي في المجتمع، لكنها لا تستخدمها وتبقى أسيرة داخل أعراف وعادات وقوانين المجتمع، إذا هي تتحمل جزء من بقائها مقيدة...بالنسبة لي أنا فأنا لست متحدثة رسمية باسم المرأة أو الكاتبات العربيات، فأنا لا أعيش في سجن كمبدعة، بدليل كتاباتي، أفكاري وما أعبر عنه إنساني بحت ويعبر عن مشاكل مجتمع بشكل عام، وفي روايتي الجديدة( تحت الطبع حاليا ضمن روايات الهلال) أتحدث عن مشكلة جيل كامل ذكورا وإناثا من عام 1990 وحتى 2003 أي تنتهي الرواية مع سقوط بغداد..لا يوجد فيها أي شيء أنثوي أو ذكوري ولا يوجد فيها أجساد معطوبة أو مقهورة وإنما يوجد فيها مأساة جيل عربي عاش حلم الحرية فلم يجد سوى الضياع.
مالكة العسال
الدكتورة نوال السعداوي كاتبة عظيمة، وأنا أقدرها، وأقف لها إجلالا لجرأتها في الوقوف على بعض الظواهر الإنسانية والنسائية بالخصوص، أبى من أبى وكره من كره، وخَصّتها بالتحليل المتين، والشجب، والنقد لبعضها، انطلاقا من قناعتها في توعية ليس القارئ فحسب،بل الإنسان عامة. وقد كانت في نصوصها: الطبيبة النفسانية، والمحللة الاجتماعية، والقاضية والمحامية إلى كونها كاتبة، فهي إذن ليست نموذجا للمرأة فقط، بل للذكر أيضا وللإنسان عموما. ومن لم يقرأ للكاتبة للدكتورة نوال السعداوي فأنا أستثنيه من الوجود في هذا المجال. أما الشطر الثاني من السؤال: أساس الكتابة يا سيدي هو التحرر والحرية والاستقلالية: معناه إفساح المجال للقدرة على التعبير، وإطلاق عنان الخيال للتأمل، واستبصار ما هو مطروح في الواقع المعيش، ولا يمكن أن تسقط في حلقات مفرغة إطلاقا. إلا من طرف مَن هم متمسكين بتلابيب الماضي، وأعني بهم مَن عقليتهم متحجرة على قيم وأعراف تقليدية، ومفاهيم فكرية مؤسسة على سلسلة من الثوابت الدينية والاجتماعية والنفسية.
فاطمة ناعوت
أحبُّ أن أضع نوال السعداوي في مرتبة أخرى غير "الروائية". أراها مناضلةً نسوية وحقوقية تسعى لبث وعي مضاد للوعي السائد المنهزم تحت أسنّة القمع السلطويّ البطريركي في مصر وغيرها من بلدان العرب. القمع الواقع فوق هامة المرأة والرجل على السواء. من يطّلع على نشاطاتها عن كثب، مثلي، يستطيع أن يرى ذلك بجلاء. لا أستطيع أن أعتبرها روائية وإن كان منجزُها من الروايات والسرديات الكثير. هي في مرتبة أعلى من الكاتبة. لأن قارئ رواياتها ومسرحياتها سوف يلمس رأسًا أن ثمة رسالةً تعبوية مخبأة تحت طيات السرد. رسالة ضِدُّ للعسف والقهر اللذين تخور المرأة أمامهما. أحيلك إلى مسرحيتها "إيزيس" التي كتبتُ عنها دراسةً، نُشرت في مجلة نزوى، في مقارنتها بمسرحية "إيزيس" لتوفيق الحكيم. والفرق جليٌّ بين الكاتبين في شأن موقف كل منهما من المرأة. عدو المرأة الأشهر في مقابل ناشطة حقوقية فيمينيستية عتيدة! حاولت نوال السعداوي أن تكرّس حتمية عودة المجتمع الماطريركي النبيل في مواجهة المجتمع الباطريركي الشرس الراهن الذي أغرقنا في الحروب والفساد. نوال السعداوي طبيبة نساء وتوليد في الأساس، وبحكم عملها واجهت العديد من انهزامات المرأة وأحزانها بمعرفة الرجال. تكلمت عن الختان لأنها عانت من مذبحته بنفسها وشقيقتها ثم مريضاتها البائسات. لم تكتف بدورها كطبيبة تعالج النساء عضويًّا، بل حاولت أن تعالج الأهم، وعيهن المُخرَّب. السعداوي تكسر تابو الجسد ليس من أجل أية شهرة، لأنها نائلةٌ هذه الشهرة بالفعل في بلادها وبلاد الغرب. ومثلها لا تعبأ بتلك الأمور. نوال السعداوي صاحبةُ رسالة حقيقية حتى وإن تجنّت عليها بلادُها. كتاباتُها تعبويةٌ أكثر منها إبداعية.
غالية خوجة
لنترك نوال السعداوي نموذجاً خاصاً. ومتى تم تقليد النموذج، ابتلينا بالنسخ المشوهة. ثانياً، لا أريد أن أقيّـم تجربة السعداوي بكلمتين عابرتين في جواب عن سؤال. ثالثاً، أرى بأن الحلقة المفرغة هي الفهم الخاطئ لمفهوم التحرر. وبرأيي، ليتم التحرر لا بد من تحرير عقلية الرجل من ظلامها أيضاً.. فهؤلاء الذين يشجعون مثلاً كتابات المرأة الهابطة لمجرد أنها تحتفي بالجسد العاكس لغرائزهم، أ ليسوا سجناء ؟ وهذه المرأة الكاتبة أ ليست مسجونة معهم أيضاً ؟
باختصار، ومن تجربتي في الكتابة والحياة، أراني متماهية مع رؤياي بعيداً عن كل ما هو متداول ومألوف، فننكتب، وبلا أي نموذج مسبق، وإلا فما فائدة أن نكتب إذا لم نكتشف ما يخالف حتى الاختلاف؟! وإذا كان من سقوط واستغلال للمرأة وجسدها، فذلك دالّ على سقوط الرجل قبلها وبعدها، ودالّ على أنه غارق في الاستغلال المثنوي في ذات الآن كونه (مستغلاً، بفتح الغين ) أولا ً، ثم (مستغلاً ـ بكسر الغين)، وكلا الصفتين الواقعتين خبراً تدل على إنسانية ناقصة تآلف معها الرجل وطبع بها المرأة ـ طبعاً إلا ّ الفاعلات الممتلكات للوعي المضيء الخلاق، وإنهن، ويلهنّ من هول المعاناة ـ وهذه هي التهلكة التي سقط وسقط وسقط في مطبها أو هاويتها التي لا رجعة منها الرجل بهيئتيه( الذكر) و(الأنثى) المصنوعة كنسخة عنه، وهو المصنوع كنسخة مشوهة عن كل ظلام وظلم ورثه من نماذج سابقة. وفقط، عندما تتعامل الكتابة مع نفسها كحالة إبداعية كما أعني تماماً وأحيا، تجد أنها تدخل في أفلاك الإنسانية الغائبة عن ساكني الأرض، الحاضرة في الذات كونية المتجسدة قصيدة مثلا ً.. وهذا التجسد هو ميتافيزيقي، متحول، لا يثبت حتى في كلماته، وبالمقابل، لهذه التحولات روح خلاقة وليس جسداً أنثوياً.. وهذه الروح كلما اتسعت، ضاق عليها الجسد والكون واللغات.
صفاء النجار
د.نوال السعداوي لديها العديد من الكتابات الفكرية التي أحرص أشد الحرص على قراءتها. وكتبها من أهم الكتب المؤثرة في تكويني وتكوين وعيي نحو جسدي ووعي بالمأزق الذي تعيشه المرأة نتيجة استجابتها لشروط المجتمع وتجاهلها لمقومات قوتها الطبيعة.وسقوطها في فخ الشعور بالدونية. وأيضا أدركت من خلال قراءتي لكتب نوال السعداوي التناقض الذي يعيشه الرجل بين طاووسيته الظاهرة وهشاشته الداخلية. وهي كتب تكشف زيف ادعاءات الرجل والمرأة أيضا والصور القاصرة والمغلوطة لكل منهما عن الآخر فكتابات مثل: الأنثى هي الأصل، ومذكرات طبيبة. كتابات نموذجية لكشف زيف المجتمع من خلال عرض الحقائق العلمية وتحليل الوقائع الاجتماعية. أما كتابات د.نوال السعدواي الأدبية فهي روايات تتسم بالمباشرة والنبرة العالية غير الفنية والأفكار أعلى فيها من البناء والشخصيات، لذا أقرأ روايات نوال السعداوي للعلم بالشيء. لكنها ليست نموذج متميز لكتابات المرأة الأدبية.
فيما يتعلق بقضية التحرر. كل كاتبة تعبر في كتابتها عن مفهومها الخاص للتحرر وهو مفهوم ينمو ويتطور مع نمو شخصية الكاتبة ونمو وعيها بذاتها وبالآخر، والكتابة عن تحرير المرأة تتضمن بصورة أعمق الكتابة عن تحرير الرجل من أوهامه عن نفسه وعن المرأة وبالتالي تحرير المجتمع كله. فالتحرر يشكل هم إنساني، تختلف درجته من مجتمع إلى آخر ومن شخص إلى آخر وقد يصل إلى التجرد وذوبان الذات في الذات الإلهية كما في التصوف.
سوزان خواتمي
أحيي تجربة نوال السعدواي على صعيد التميز والتفرد.. قد لا أتفق مع كل أفكارها، وهذا أمر إيجابي للتنوع الفكري والانفتاح على مطلق الأفكار دون تبنيها بآلية الببغاوات، لكني أقدر تجربتها الكتابية كنموذج قادر على أن يطرح خياراته وتحدياته في عمق مجتمع مغلق ورافض لأسباب التغيير جملة وتفصيلاً، كما أن لتحليلها المنهجي والعلمي أثره في دراسة خصوصية المجتمع المصري ومشاكله. ومما هو خارج النص أيضا القضية الحامل، أرى أن سجن كتابات المرأة في قضية تحررها هو ظلم للكتابة، كما هو ظلم لهذه القضية أيضا، ف ( تحرر المرأة) ليس قضية منفصلة عن قضايا المجتمع الأخرى حتى يتم التعامل معها على نحو خاص. إن المرأة جزء من هذا المجتمع وهي لاعتبارات تخص التخلف الذي نعيشه تعاني كما يعاني الآخرون. إن حل مشكل المجتمع بكليتها (التنمية - البطالة - التعليم - الديمقراطية - حقوق الإنسان) سيعني ضمناً حل قضية المرأة كونها موزعة داخل هذه القضايا، دون انفصال، وبالرغم من الأشياء/ الضغوط التي تخص المرأة بوصفها نوع نعم.. لكن حتى هذه لا يمكن النظر إليها بمعزل عن قضايا المجتمع. فكيف نطالب بحرية المرأة في مجتمع مقموع بمجمله؟ وكيف للمرأة أن تنجو بنفسها من قضايا المجتمع، وتقيم جزيرتها المعزولة عن المجتمع تبني فيها تحررها؟ أنا أنظر إلى الحياة بشكل كلي وجمعي، وهذا يعني أن المرأة قبل كل اعتبار آخر هي إنسان مثلها مثل الرجل توحدهما هذه الصفة الجامعة.
كوكو