عزيزي إبراهيم،

إجا على بالي أزفّر لساني بصفاقة حين ذكرت وجهة نظر الغرب في النساء المتحجبات، مستعيدا ذلك العهد الذي كان لساني يتعوذ من ذاته حين ينطق، ثم ضبطت نفسي بصعوبة، وبلعت قولي ونظرت في الأمر من جديد.

نبتدئ بالإنسان،
الإنسان عبارة عن حزمة فريدة من المشاعر والأفكار والقيم والمبادئ والمثل والمعايير والمقاييس والغايات والعقد والمشاكل، والتي لا تتكرر مطلقا، كما سماها محمد عبده مجموعة إنسان.
هذه الحزمة لا تشبه أحدا ولا يشبهها أحد، لكن هناك بعض القواسم المشتركة غالبا.
من القواسم المشتركة أن الإنسان يعمد غالبا إلى ربط سلوكه بمفاهيمه، ذلك حين يعيش الإنسان بشكل طبيعي بعيد عن القسر والقهر، وحين تجد المرأة أن الحجاب هو الذي يعبر عن مفاهيمها عن الحياة فلتعبر عن مفاهيمها به، وحين تجد أن الميني جوب هو الذي يعبر عن مفاهيمها فلتقم بذلك.

ما ينتقص من آدمية المرأة أو المرء هو القسر، فالإنسان جعله الله حرا فلا يجب قسره على ما لا يريد، إلا ما كان من باب توافق الجماعة البشرية لحفظ نظامها العام.

حين تختار المرأة أن تمارس آدميتها عن طريق تطبيق فرض أوجبه الله عليها وهي تحب الله وتحب أن تطيعه، فليس لي ولا لك ولا لساركوزي أن يحول بينها وبين ما تريد، هاظ اسمه تطفل.

حين نريد أن نسأل الله عز وجل لم صنع هذا....

أنت حين تعمل على الكمبيوتر لا تسأل أي بي أم لم صنعت كذا وذاك، حين تسوق سيارة البنز لا تسأل شركة المرسيدس لم صنعت كذا وذاك.

لم خلق الله الإلكترون السالب بشحنة تساوي البروتون الموجب، وخالف بينهما في الكتلة بشكل تباين فظيع؟

الفارق بين الإلكترون والإنسان، أن الإلكترون مقسور مجبر على ما يصنع، لا يملك أن يخالفه ولا ينبغي له ذلك، أما الإنسان فقد أطلق الله له إرادة حرة ضمن إرادة الله المطلقة، وهي أن يختار لعقله ويختار لسلوكه، وأجبره على ما عداهما.

طلب الله من الإنسان رجلا أو امرأة أن يخضعا لنظام حدده لهما، وجعل أمر خضوعهما لهذا الناموس باختيار منهما، فإن شاءا رفضاه وإن شاءا أقاماه، ولأن الحرية ليست مجانية فهما مسؤولان عما يصنعان، مطلوب منهما تحمل نتيجة هذا الإختيار.

بالنسبة للغرب والصورة المهينة أمامه؛ ومن جعل الغرب قيما حتى نبالي به وبما يرى؟ ولم يكون الغرب هو المحدد لأذواقنا وأمزجتنا ومفاهيمنا وسلوكنا؟ وماذا يعرف الغرب غير ظاهر من الحياة الدنيا يخدع الناس به بعض حين بزخرفه وبطره ونمردته وعلوه وإفساده في الأرض وإهلاكه الحرث والنسل ثم يلبث أن يسقط حين يأتي أمره ومنتهاه.
أول شي، الغرب إن عجبه إن النسوان المسلمات يلبسن الجلباب فمليح، ما عجبه أحسن، لـ...... ما يعجبه
ثاني شي، لو أوقدنا الأصابع العشرة شمعا للغرب، فسنبقى في نظره زنوج الصحراء، ولن ينظر الغرب إلينا إلا كبرابرة جنتل في أحسن صورنا في عينيه، ورب سكّير مدمن منهم أحب إليهم من نحرير مؤمن منا، ولا يلاموا فالغصن مني ولو مال...

بالنسبة للتنقل من وإلى أوربا،
على أوربا وأمريكا أن يعلموا أن العالم ليس حكرا عليهم، وأن الناس ستتنقل بين ظهرانيهم، وأن عليهم أن يتقبلوا الناس كما هم فعلا، ولا يطلبوا من أحد أن يتغير، وليس مطلوبا من أحد أن يعجب أحدا.. وللمحجبة حق التنقل مثل غيرها، هذا إن كان الغرب يؤمن بالشعارات التي يطلقها. لكن الغرب تغص محصلته بنا لسبب أيديولوجي كيدي لا أكثر ولا أقل. الغرب يعلم أنه قد شارف على الإفلاس، وأنا من المنتظرين لإعلان ذلك في حياتي إن امتدت بإذن الله، وحينها سيتم ملأ الفراغ بغيره.

كما يحق للمرأة الغربية الغير مسلمية أن تتنقل بتنورتها القصيرة المشقوقة أو بنطالها المنضغط على لحمها، أيضا يحق للمتجلببة أن تقوم بالمثل... وما رفضهم للمتجلببة لجلبابها، ولولا أنه ذكر في الإسلام أو ارتبط به لربما وجدت تقليعات الموضة الباريسية تعمد إليه بين الفينة والفينة، ما هو إلا لارتباطه بالخصم القديم وشبحه الذي يطل وينذر بالثبور وعظائم الأمور بين الفينة والفينة.

ضربت الوضوء والأفخارستيا والعماد وغيره كأمثلة تعبدية، الإنسان يرتاح حين يقوم بها، والجلباب مثله أمر تعبدي يخص المرأة، من تريد أن تعبد الله كما يريد تطيعه كما يريد، ومن لا تريد فقد استغنى الله وهو الحميد المجيد.

هل كلامك صحيح أن العرب لم تكن تتجلبب على عهد رسول الله؟ هل قمت بتدقيق الأحاديث الذتي ذكرت الجلباب صراحة وثبت لك فسادها؟

موضوع ابن رشد فيه خلاف كبير، وأظن أن ذنبه سياسي وليس عقائدي، لعل الرجل قد تطرق إلى آلية الحكم وانتقاله فأغضب القائمين على الأمر فنالوا منه بحجة فساد العقيدة، كدأب أجدادهم في سائر العلماء قديما؟

من ذبح حسينا لملكه ليس عسيرا عليه أن يرجم ابن رشد لأقل من ذلك، آه من دمك يا حسين فقد جعلنا سفكه رقيقا مخذولين، ما أسعدك وأشقانا من بعدك، سلام الله عليك وعلى أخيك، وعلى أمك وأبيك، وعلى جدك أتم الصلاة وأزكى التسليم.

حين تجد أي عالم يضطهد في تاريخ قوم، ابحث عن أثر الملك والسلطة في ذلك، فالملك عقيم.