coco
عضو رائد
    
المشاركات: 1,795
الانضمام: Oct 2004
|
RE: أحلام الفارس القديم – الشاعر صلاح عبد الصبور
والآن وبعد هذا الاستعراض الطويل لآلة صلاح عبد الصبور النقدية من منظوره هو , في موضوع بناء القصيدة , نحاول أن نطبقه علي ما بأيدينا .
افتتح الشاعر القصيدة برسم أربع لوحات كلها يبدأ بحرف التمني ( لو) وتبدأ بها السطور التالية :
لو أننا كنّا كغُصنيْ شجره
لو أننا كنا بشطّ البحر موجتينْ
لو أننا كنا نجيْمتين جارتينْ
لو أننا كنّا جناحيْ نورسٍ رقيقْ
والشاعر حين يضعنا أمام اللوحات التصويرية الأربع يشدنا لمحاولة الإجابة علي سؤال ( لو ) باعتبار أن لو هنا شرطية تحتاج إلي جواب , ولكننا نكتشف بعد الولوج إلي الجزء التالي من القصيدة , أن ( لو ) هذه ليست ( لو ) الشرطية وإنما مجرد أداة للتمني , ثم نكتشف مع الجزء الأخير أن هناك ( لو ) شرطية التي تحتاج إلي جواب حين يقول :
وأنني سوف أظلُّ واقفاً بلا مكانْ
لو لم يُعدني حبُّكِ الرقيقُ للطهاره
فالجواب مقدم علي الشرط , وأصل الكلام , لو لم يعدني حبك الرقيق للطهارة فإنني سوف أظل واقفا بلا مكان .
فما هي العلاقة بين ( لو ) الأخيرة الشرطية وبين ( لو ) الأولي التي وجدنا أنها للتمني , نكتشف في النهاية أننا إذا لو ربطنا نهاية القصيدة ببدايتها فستكون القصيدة دائرية , إذا وصلنا لنهايتها ثم عدنا لقراءة بدايتها , لفهمنا ( لو ) التي بالمفتتح علي أنها شرطية ولكن جوابها تأخر كثيرا حتي نهاية القصيدة هكذا :
عندئذٍ لا نفترقْ
يضمُّنا معاً طريقْ
يضمّنا معاً طريقْ .
لو كنا كذا وكذا وكذا وكذا.
وبالتالي نفهم أن اللوحات الأربع الأولي ليست مجرد محاولات لاستعراض القدرة التصويرية للشاعر فقط وإنما كان لها دور بالغ الأهمية في إدراك بنية القصيدة .
ولكن أين هي الذروة التي تحدث عنها عبد الصبور في هذه القصيدة , الذروة لن تكون إلا تلك الجمل التقريرية التي صنعت المفارقة بين جملة شرط ( لو ) وجوابها , إنها تلك السطور التي لونتها بلون مخالف للقصيدة وهي تلك الجمل التقريرية التي تكاد تخلو من التصوير :
أُعطيكَ ما أعطتنيَ الدنيا من التجريب والمهاره
لقاءَ يومٍ واحدٍ من البكاره
لا، ليس غيرَ «أنتِ» من يُعيدُني للفارسِ القديمْ
دونَ ثمنْ
دون حسابِ الربحِ والخساره
فالبكارة المفقودة هي أساس بناء القصيدة , البكارة هي عتاد الشاعر الفارس , ضياع البكارة بسبب عالم ملئ بالقبح والدمامة جعل الشاعر مجرب قعيد , ضياع البكارة يعني ضياع الشاعر الفارس , العودة للبكارة هو حلم الشاعر الفارس , عود البكارة تكون بالحب , ولكن أي حب ؟ , إنه حب خاص فسره الشاعر باللوحات الأربع الأولي .
- يتبع -
كوكو
|
|
12-14-2010, 04:44 AM |
|