أنا مش فاهم الناس المعترضه على مبدأ القصاص دول عايشين معانا هنا على الأرض وفى منطقتنا منطقه الشرق الأوسخ أم يتحدثون وهم يعيشون داخل مدينه أفلاطون الفاضله !

فى منطقتنا زادت نسب الجهل والتخلف والبطاله وصارت أعمال البلطجه تمارس بشكل شبه يومى وقد يفقد الشخص حياته لأتفه الأسباب على يد بلطجى أو عاطل جاهل متخلف وفى تلك الحاله لايشفى غليل أهله سوى القصاص من القاتل .

منذ حوالى أسبوع فقط وفى المنطقه التى أسكنها فقد شاب شهم حياته عندما كان يحاول مساعده رجل فى تخليص زوجته من ثلاثه بلطجيه حاولوا اختطافها منه واغتصابها فى حوالى الساعه الثانيه صباحا وهم عائدون من الخارج , وكأن موقفه استفز هؤلاء البلطجيه من منطلق " وأنت مال دين أمك يعنى عامل فيها راجل ! " فقتلوه ذبحا وتركوها وزوجها وفروا هاربين , لكن فى خلال ساعات ألقت الشرطه القبض عليهم .

منذ حوالى سته عشر عاما قضى ابن خالى وهو وحيد والده وكان شابا فى مقتبل العمر وهو كان من أعز أصدقائى ,درس القانون وكان يحضر للدراسات العليا , وقد قضى فى مشاجره نشبت بين ابن عمته وجيرانهم وكان يحاول فض المشاجره فكان نصيبه طعنتين احداهما كانت من الخلف فى مواجهه القلب ونفذت حتى طالت قلبه , والأخرى كانت فى رقبته أحدثت ثقبا بالقصبه الهوائيه , وكان نصيب الجناه عشر سنوات سجنا لكل منهما , وقد قضوا العقوبه وخرجوا ويعيشون الأن بمنتهى الحريه فى حين أن خالى ربما فقد عقله حزنا على فراق ابنه .

منذ حوالى عشر سنوات أيضا حدثت جريمه قتل فى حلوان كان ضحيتها ضابط شرطه برتبه ملازم أول وهو شقيق زوجه ابن خالى الأخر , وقد قتل فى مشاجره بين شقيقه وجيرانهم بسبب الخلاف على ركن السياره , وعندما نزل لنجده شقيقه " بدون سلاحه الميرى حرصا على حق الجيره " قتله هؤلاء الأوغاد بدم بارد , وقد فقدت والدته بصرها من شده بكائها حزنا عليه .

تلك أمثله مما يحدث يوميا فى مجتمعاتنا , فأى تعويض مادى يمكن أن يعوض هؤلاء المكلومين حزنا على ابنائهم وماهو موقف الزملاء ممن يرفضون مبدأ القصاص لو أنهم تعرضوا لمثل تلك المواقف لاقدر الله ؟

القصاص فى تلك الحالات هو ليس تشفيا فى القتله , وانما هو أجراء كافى لردع من تسول له نفسه تكرار تلك الجرائم , فقتل الجانى هنا لن يعيد الضحيه الى الحياه لكنه سيبقى ضحيه أخرى على قيد الحياه , اذ كيف أأمن على نفسى من التعرض لمثل هذا الخطر فى تعاملاتى اليوميه لو أنى مثلا تشاجرت مع سائق سياره سرفيس واخد الطريق لحسابه من أن يخرج من سيارته حاملا لافيه حديد أو سنجه حديد يضربنى بها ويهرب ! أو من بلطجى يريد فرض اتاوه وأنا أرفض دفعها فيتسبب لى فى عاهه مستديمه لأكون عبره لغيرى !

حتى فى جرائم الثأر , لو أن العقوبه هى اعدام الجانى لقتله شخص عمدا مع سبق الاصرار والترصد بصرف النظر عن الدوافع لانتهت مشكله الثأر من مجتمعاتنا تماما , فلو أن كل من تسول له نفسه قتل انسان أخر حتى ولو بدافع الثأر يعلم مسبقا أن عقوبته هى الاعدام شنقا لفكر ألف مره قبل الاقدام على ارتكاب مثل تلك الجريمه الشنيعه .

صحيح أن الدوله تختلف عن الأشخاص لكن على الدوله أن تراعى فى قوانينها تحقيق مصالح الأشخاص , وتشديد العقوبات يحقق مصالح الأشخاص بفرض الأمن والسلم فى المجتمع , ونحن لا نخترع قوانين عندما نقول بالقصاص , فبعض الدول ومنها مصر تقر عقوبه الاعدام بحق القاتل اذا اقترن القتل بدافع السرقه أو الاغتصاب أو ما شابه , تلك العقوبه تحقق مبدأ القصاص وبنفس الوقت تضمن الأمن للمجتمع , لكنها يجب أن تنسحب على جرائم أخرى كثيره .