(12-18-2010, 08:41 PM)إبراهيم كتب: وإذا قارنا بين صفات المسيح وتعاليمه وبين غيره لوجدنا بهدوء أن المسيح أقرب في صفاته و أفعاله لما هو إلهي أكثر منه لما هو بشري أو فطري. فطري؟ هل أنا قلت "فطري"؟ أستغفر الله! المسيح ليس نبي الفطرة بل هو يتجاوز الفطرة الإنسانية ويعلو بنا إلى المستوى الإلهي الذي هو فيه؛ فليس أبدع جمالاً هنا سوى أن نقف معه على الجبل لنستمع إلى موعظته الشهيرة (إنجيل متى الفصل الخامس إلى السابع) الفطرة تقول: تقفأ لي عيناً وأقفأ لك عيناً! لكن المسيح يقول لنا كلا: لا تنساقوا وراء فطرتكم فهي خادعة فإن فقأت عين أخيك لأنه فقأ عينك فهذا سيخلق لنا مجتمعاً مشوهاً من العميان لأنه انساق وراء فطرته. نحن بحاجة لمسيح إلهي يتسامى بنا في إلهيته على الفطرة وندائها الأرضي الترابي الفاني. المسيحية تدعوك إلى التسامي. نعم، أخلاق المسيح ليست أخلاقاً بشرية عادية وإنما هي أخلاق إلهية. إن أردت أن تكون لك أخلاق الله فلتكن لك أخلاق المسيح. جميع الأنبياء استغفروا الله على خطاياهم وأما المسيح فهو الوحيد الذي لا نجد له لا في القرآن ولا في الإنجيل المقدس استغفارًا على خطيئة. الذي لا نجد ذكر لاستغفاره الله على خطايا معينة. لا بل نجده يتحدى خصومه قائلا: من منكم يبكتني على خطية؟ ولم يأت رد جسور يورد عليه إثمًا أو يسجل عليه خطيئة. إذن، كلمة الله ليس مجرد نبي من الأنبياء بل هو أكبر بكثير من مجرد نبي عادي من الأنبياء. إنه كلمة الله المعصوم من الخطيئة، وما أسعدي بك أيها المسيح المنفرد في كل شيء!
يتميز الاسلام عن غيره من الأديان بأنه دعوه شامله شملت كل ما سبقها من أديان ورسل وأنبياء وأقرت وأعترفت بها وألزمت أتباعها بهذا الاعتراف , فمسلم مثلى يقدس السيد المسيح ويعظمه ولا يفرق بينه وبين النبى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
لو قارننا مقارنه منصفه بين الاسلام وما سبقه من أديان ومنها اليهوديه فلن تكون هناك خلافات جوهريه عميقه سوى فى مسأله ألوهيه المسيح أو بنوته , وهو الخلاف الموجود أصلا بين أتباع المسيحيه ذاتها , فمنهم من يراه يسوع رب المجد , ومنهم من يراه ابن الله , ومنهم من يراه عبد الله ورسوله .
اذا يستطيع المتدين أن يكون مسلما وفى نفس الوقت ملتزما بتعاليم السيد المسيح , فلو فقأ أخى عينى أستطيع أن أعفو وأتسامح ولن يحاسبنى الاسلام على هذا العفو وتقصيرى فى فقأ عين أخى كما فقأ عينى , لكن تعاليم الاسلام موجهه الى البشر بما تحويه نفوسهم من تفاوت وتناقضات وليست الى جماعه من الملائكه والأنبياء, فأقرت بمبدأ القصاص لتهدئه النفس البشريه وبنفس الوقت أقرت بمبدأ العفو والتسامح لمن يرى فى ذلك سمو أخلاقى .
أنا لا أستطيع هضم مثل هذا الكلام من ناس يؤمنون بأن العهد القديم بما أصدره من تعاليم شديده القسوه والعنف هو كلام الله , ثم يقولون أن الله صاحب هذا الكلام هو من تجسد شخصيا على هيئه يسوع وأصدر تعاليمه الجديده فى موعظه الجبل , ثم يرفضون الاسلام لأنه جاء بتعاليم تعبر عن الوسطيه والاعتدال .
الله فى الاسلام غير أنه منزه فهو ليس معزولا , يقول الله سبحانه وتعالى فى حديث قدسى :أَنَا عند ظن عبدى بى وأنا معه اذا ذكرنى , فان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى , وان ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم , وان تقرب الى بشبر تقربت اليه ذراعا , وان تقرب الى ذراعا تقربت له باعا , وان أتانى يمشى أتيته هروله .
ويقول تعالى فى كتابه العزيز " اذكرونى أذكركم " أى أذكرونى بطاعتى أذكركم برحمتى ومغفرتى .
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ينزل الله - عز وجل - إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك ، أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له . فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر .
كان سعد بن أبى وقاص أحد المبشرين العشر بالجنه مشهودا له بأنه مستجاب الدعوه ,وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول له اللهم سدد رميته وأجب دعوته , ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعلي والزبير فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك فقال الرجل أراك تتهددني كأنك نبي !فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا للهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبه إياهم، فاجعله آية وعبرة فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء، حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها، وما زالت تتخبطه حتى مات .
فهذا الذى يحمل أعلى شهاده علميه لن يضيره شىء أن يبقى على ايمانه بالله ورسوله وأن يتبع تعاليم السيد المسيح , فتعاليمه قد شملها الاسلام ولا تتعارض معه .