(01-04-2011, 08:26 PM)فلسطيني كنعاني كتب:  3- من خلال متابعتي لنسمة لا ارى انها تقصد ما ذهبت إليه من إهانة للمسيحيين.... بل تتعرض فقط لشخص البابا و مؤسسة الفاتيكان و التي هي بالمناسبة تملك تاريخا اسودا ، ليس عندي مانع أن ادخل في تفاصيله في موضوع منفصل.

من وثيقة النادي :

ب) يعمل "نادي الفكر العربي" على ضمان أقصى مساحة متاحة لحرية التعبير عن الرأي لرواده وكتابه، ويعمل من جهة ثانية على تنظيم الحوار والارتقاء بمستواه في ساحاته. لذلك، يقبل "نادي الفكر العربي"، جميع ألوان النقد الموضوعي بحق الأنظمة والحكومات والشخصيات العامة، ولكنه يمنع منعاً باتاً استعمال السب والشتم والكلمات القذرة والأوصاف والنعوت النابية التي تؤدي إلى الخروج من حيز النقد الموضوعي البناء إلى حيز الإهانة والتجريح.

أدخل هذا البند على الوثيقة، كما أذكر، عندما جاء "أحدهم" وأتحفنا بسباب وشتائم وألفاظ حقيرة بحق الرئيس المصري حسني مبارك. ومع هذا، فإن المشرفين والمديرين كثيراً ما يغضون الطرف عن وجود هذا البند كي لا يقيدوا الحوارات وكي لا يلجموا "حرية التعبير"، التي هي من شعارات النادي.

أعتقد بأن علينا في النادي، من الآن وصاعداً، الالتزام التام بتطبيق هذا البند بحذافيره مع الالتزام بتشديد العقوبات عليه. إذ من غير المقبول بعد - على الأقل بالنسبة لي - أن يأتي "هي بن بي" ويشتم "شخصيات عامة" لها ما لها في نفوس الناس، أو يتطاول عليها بكلمات غير لائقة، فهناك دائماً فرق ومسافة بين "حرية الرأي" و"التجريح".

أقول هذا الكلام، الذي سوف أعرضه على "الإدارة" بعد قليل، ولسوف أبتديء بنفسي فأصقل كلماتي وأهذبها وأدمشقها، إذ ليس من المعقول ولا من المقبول أن نلطخ ساحات النادي كل يوم بردح سخيف وكلمات بذيئة بحق أنفسنا وحق "شخصيات عامة". خصوصاً، وهذه مصيبة حقاً، عندما يتضح من خلال الموضوع أو النقاش أن الذي يسب ويشتم ويهجو فيقذع في الهجاء خالي الوفاض، يريد أن يعرب الكلام ... فيعجمه.

بالنسبة لوعد العزيز "فلسطيني كنعاني" أن يفتح موضوعاً منفصلاً لنقد ما يسميه بالتاريخ الأسود للفاتيكان، فأنا أدعوه حقاً لذلك لأنني أخالفه الرأي تماماً. طبعاً، هنا أنا لا أتحدث عن ممارسات البابوات في "القرون الوسطى"، فهذا عصر انتهى وولى وباد. والكنيسة الكاثوليكية تعلمت منه الكثير، ولعل أجمل ما تعلمته تمثل في ما يسمى مجمع الفاتيكان الثاني الذي عقد في ستينات القرن العشرين، والذي أخرج لنا "دستوراً للكنيسة الكاثوليكية" (إن صحت التسمية) فيه الكثير من الانفتاح والتقدمية، والأهم - عندي على الأقل - هو النزعة العلمانية لهذا الدستور. بمعنى، أن هناك قناعة "فاتيكانية" (بابوية مسيحية) بضرورة "فصل الدين عن الدولة" وعدم التنطع إلى الجمع بين القيادة الروحية والقيادة الزمنية كما كان الحال في العصور الوسطى (حتى القرن التاسع عشر على الأقل في الولايات البابوية الإيطالية).

أنا لا أرى الفاتيكان اليوم يشكل أي تهديد للحضارة الحديثة أو بمعنى أدق، وهذا همي الأساسي هنا، أي تهديد "لعلمانية الدول". ولم أره يوماً منذ عهود سحيقة يدعو للتفرقة والعنصرية بل ان الجزء الخاص بالعلاقة مع الديانات المغايرة، خصوصاً الإسلامية، في شريعته (راجع LUMEN GENTIUM ) تتصف بإرادة حقيقية للتعايش.
الفاتيكان اليوم، وبابا روما، بعيد تمام البعد عن العصبية الدينية التي كان عليها البابوات في العصور الوسطى. ولما كان الدين "شر لا بد منه" عند الكثيرين من البشر، فإنني لا أرى أي موجب لإشهار الحرب اليوم على مؤسسة بهذا الكبر وهذه الضخامة إذا كانت لا تضمر لمشاريعنا العلمانية أي سوء، وهي تعلن هذا على رؤوس الأشهاد. طبعاً، أنا أتفهم المحاذير التي تحكم العلاقة مع المؤسسات الدينية، ولكني لا أفهم مهاجمتها عندما تجنح إلى الاعتدال. هنا، أعتقد، وهذا موضوع آخر، بأن "الأزهر" في مصر مؤهل أن يلعب بالنسبة للإسلام نفس الدور الذي يلعبه "الفاتيكان" لو أعطيت له الإمكانيات وأخذ الدعم الكافي.

واسلموا لي
العلماني - زمن التسامح الديني