(01-23-2011, 08:15 PM)Basic كتب: أخي طريف
كل النقاط التي ذكرتها لا علاقة لها باللغة بل بمن يتعاملون مع اللغة.
أما الحديث عن المجمع اللغوي فأرجو منك أن تنساه، فهو ليس سلطة كما تحاول أن توحي في مشاركاتك، ودوره لا يزيد عن (الاقتراح) فقط. لذلك فلنترك كل ما يتعلق به ودعنا في المفيد. ما هو المطلوب بالضبط؟ الواضح أن الفكرة المشتركة في كل نقاطك المثارة موجودة في عبارتي: (مسايرة اللغة العربية للحديث من المصطلحات أو المفاهيم أو حتى العبارات الطويلة غير العربية؟). ولكنك تجاهلتها وعمدت إلى تفريع الفكرة إلى نقاط لا تخدمها.
فإذا عدنا إلى قولي السابق، سنجد ما يلي:
ليس جديداً على اللغة العربية أن تضم إلى مفرداتها كلمة مفيدة حتى وإن كانت غير عربية، والأمثلة كثيرة وموجودة في القواميس المعروفة. فكلمة (كشتبان) مثلاً هي كلمة فارسية ولكنها موجودة في القواميس العربية، وكذلك كلمة (طنجرة) التركية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. فما المانع من أن تتم إضافة كلمات أخرى؟ ومن قال أصلاً أنه لم تتم تلك الإضافة؟
أنت تحدثت عن التعليم في سوريا، إذن فأنت تعرف أن مادة المعلوماتية قد دخلت المدارس السورية منذ فترة، وفي هذا الإدخال تمت إضافة العديد من الكلمات والمصطلحات. بعضها يتم تداوله بين العوام وبعضها الآخر لم يتم تداوله، ولكن هذا ليس قسرياً أولاً، ولا يمنع استعمال الألفاظ الرديفة حتى في المدارس، بل والكتب الرسمية لمؤسسات الدولة أو الخاصة وهاك أمثلة:
تم تعريب كلمة "كمبيوتر" على أنها "حاسب"، وهذا التعريب هو مجرد ترجمة حرفية ولم يتم خلق كلمة جديدة. كثير من الناس العوام هنا حتى في الشارع والسوق يستعملون هذه الكلمة الجديدة ببداهة. أما كلمة (إنترنت) فهي مذكورة في هذه الكتب كما هي. ولسوء الحظ لا يمكن الاتصال حالياً بـ (ابن منظور) ليضيف الكلمة إلى قاموسه المشهور.
وأنت لو كنت موظفاً في دائرة حكومية وتقدمت بكتاب لرؤسائك أو لوزيرك لتزويد مكتبك بوصلة للإنترنت فلن تعاقب بخصم من مرتبك لأنك استعملت كلمة (إنترنت) الإنكليزية في كتابتك.
إذن، فالإضافات موجودة، بل ومستمرة. وهذا موجود حتى في اللغات الأجنبية. ففي أميركا مثلاً يكتبون Tajweed لأنهم لم يجدوا ما يقابل كلمة (تجويد) في لغتهم.
اللغة العربية أداة عادية، ومن يفترض تقديسها إنما هو متوهم، وذلك لأن متحدثو العربية في هذه الأيام غير عاجزين أن يستعملوا أي مصطلح إن كان في في حديثهم اليومي أو في معاملاتهم الرسمية أو في كتبهم المدرسية. وعند عدم وجود البديل لا يتحرجون من استعمال المصطلح الأساسي كما هو نطقاً وكتابة. ومثلهم في ذلك مثل أي شعب آخر، لذلك فاللغة العربية لا دور لها في التخلف الثقافي كما عنونت موضوعك.
فإذا أحببت أن تناقش أسباب التخلف الثقافي في هذه المنطقة فعليك البحث عن أسبابه الحقيقية ودعك من اللغة العربية. ولو كنت مكانك، لطلبت من إدارة النادي تغيير عنوان هذا الموضوع إلى:
من لا يجيد استعمال العربية هو متخلف ثقافي.
وذلك أفضل تخيل مشاكل من لا شيء.
وأن تسوق أمثلة في كتاباتك فهو أفضل من مجرد طرح نقاط غير مثبتة.
أما قولك: (الانفصال بين اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة). فهو موضوع آخر ولا علاقة له بعنوان موضوعك هذا.
في العربية لهجتان، فصحى وعامية، فأين المشكلة؟ ولماذا تريد اعتماد العامية في الكتابة بينما الخيار الآخر غير ملغى؟ بل ويستعمله الجميع.
إذا أمسك أحدهم كتاباً بالفصحى ولم يفهم ما كتب فيه فهذه مشكلته الشخصية وليست مشكلة اللغة. لماذا نفترض أن الناس هنا يكتبون في هذه الأيام بلغة عنترة وننسى أن كل الكتابات العصرية مكتوبة بلغة سهلة يمكن تقبلها من أي قارئ.
عزيزي
انت تشير الى ان اللغة ليست هي المسؤولة وانما الذي يتعامل مع اللغة. وعلى الرغم من ان ذلك صحيح وقد قلت سابقا ان اللغة اداة، الا انك تسترسل لتقول ان كل النقاط موجودة في عبارتك التي تبدا " مسايرة اللغة العربية .." ولكن اللغة العربية ليست مسؤولة، انها اداة، ولذلك لاتستطيع ان تنبري بذاتها لتساير او لاتساير. من هنا وجب الكلام عن النقاط التي ذكرتها لاعادة حيوية الاداة.
والكلمات الاجنبية التي تفضلت بها على انها موجودة في القواميس، انطلق من انها موجودة بفضل ( ابن منظور) وابناء عصره وليس بفضل ابناء عصرنا، وهذا بالذات الذي انقده واطالب بإعادة هذا الحق.
ليس صحيحا ان القواميس الموجودة اليوم هي وحدها التي ورثناها عن ابن منظور وامثاله، بل ان المجامع اللغوية تطبع قواميس حديثة فيها الكلمات الحديثة التي اتخذ قرار بإضافتها مثل القاموس الوسيط عن المجمع اللغوي المصري. ولو كان الامر كما تفضلت لاضفت نقطة اخرى الى النقاط التي تسبب معضلات للغة العربية.
" حاسب" هو ليس ترجمة لكلمة كمبيوتر، بل اشتقاق عن كلمة الحساب وهي لاتغطي ابعاد معنى الكمبيوتر على الاطلاق. وكما ترى فالقضية " تعريب" حتى لو كان غير موفق، وعلى حساب المعنى والخصوصية، ولحسن الحظ لم ينجح.
غير انها مثال جيد على الافتعال في التطوير والقفز على الكلمات الشائعة لحشر كلمات " ميتة" اكلينيكا، الامر الذي يؤدي عمليا الى بعثرة الجهود وانتفاخ اللغة بلا معنى وخلق المزيد من الالتباس وابقاء الفوضى الخلاقة، كل ذلك على قاعدة قدسية اللغة التراثية وليس انطلاقا من ان اللغة اداة تواصل واستيعاب للحداثة وصهر المجتمع في بوتقة فكرية واحدة وتحفيز الابداع العصري وحفظ تراث اليوم للاجيال القادمة.
والغريب انك تستشهد بامريكا اللاتينية في اقتباسها لكلمة تجويد، وتقرهم عليه، وهو ذات الامر الذي اطالب فيه. لماذا يجب انتاج كلمة حاسوب في عملية قيصرية وكلمة كمبيوتر موجودة ومتتداولة وليست هناك حاجة " لحاسوب" الا بسبب " التعريب الايديولوجي" وليس لحاجة تواصلية لغوية؟ هذه عينة من المشاكل وطرق معالجتها لتبقى المشاكل الرئيسية والمزمنة حية
وبالمناسبة، وبإعتقادي، فإن سياسة التغاضي التي تمارسها السلطات ليس نابعا عن القبول، وانما لكون العامية راسخة وعلى امل ان يطويها النسيان بالتدريج. اي مرغما اخاك لابطل