للاجابة على التساؤل الاخير نعيد اختصار ما تم تناوله
لدى الادارة الامريكية عوامل سلبية متراكمة
فشل على مستوى ادارة الازمات الخارجية ,سياسية واقتصادية , واهمها ملف السلام في المنطقة
فشل على مستوى ادارة الازمة الاقتصادية والمالية الداخلية
انكفاء عسكري وسياسي على اكثر من جبهة في المنطقة
منطق الامور يستدعي ان تعيد الادراة حساباتها في هذه الحالة ولا بد من التخلص من عوامل الانكفاءات والحد اقصى ما يمكن من خسائر وهذا يتطلب تخلص الادارة الامريكية من (الحمولات الزائدة) خاصة الانظمة الفاقعة في قهر شعوبها والحليفة في نفس الوقت للولايات المتحدة واصبحت عديمة الفائدة لمشروعها.

وهذا لا يعني ان الثورة في مصر او تونس او ليبيا او البحرين ...الخ هي مشاريع امريكية , ولتوضيح الامور كي لا تلتبس الفكرة على القارىء نوضح كيف تتعامل الادارة مع هكذا ازمات .
عندما يحصل اي ازمة في المنطقة توضع التقديرات بناء على التقارير الواردة من السفارات وجهاز الاستخبارات وتوضع التصورات وفقا للاحتمالات نجاح او فشل , لا تستطيع الادارة الامريكية ان تراهن على احتمال واحد كي لا تخسر في حال نجاح الاحتمال الاخر فتبدأ باستحضار ( نغمة المبدئيات ولبس القفازات الناعمة ) كي تضمن استثمار اي نتيجة قد تحصل على قاعدة ما عنوّناه (محاولة اكل الثورة وابنائها) لان الادارة بالاساس صرفت الملايين على الاعلام لتقول انها تؤيد الديمقراطيات وحقوق الانسان والمرأة والحيوان وانها داعمة اساسية للسلام في المنطقة وكل من تحالف مع الادارة الامريكية من خارج الانظمة سيلعب على نفس (النغمة) من منظمات غير حكومية الى جمعيات اهلية ومدنية وشخصيات مستقلة الى اعلام مدفوع الاجر سلفا وبالتالي لا تستطيع الادارة الامريكية ان تنقلب على خطابها الديمقراطي (التنويري) وتدير ظهرها لكل هؤلاء (القوة الناعمة) لتقول نعم نحن مع قمع الشعب في مصر او تونس مثلا , لكنها قذفت بالكرة الى ملعب البنتاغون كي يجد حلا يحفظ مصالح الولايات المتحدة الامريكية .
وهذا التمهل الامريكي للبحث التقرير هو سبب التردد الذي اصاب الجمعيات والشخصيات الصحافية والاعلامية والمدنية المدعومين والمسوّقين امريكيا بداية الثورة ,من حركة ستة ابرايل واحمد زويل الى البرادعي الى كل المغوغلين والفيسبوكجية واعضاء جمعيات حقوق الانسان واتحاد المدونين ...الخ

حتى اهم واكثر النخب الفكرية والثقافية والفنية الغير مدعومة امريكيا كانت ضائعة وبلا خيار
بل ان بعضهم تبرع بدعم النظام ثم جاء باكيا نادما منتحبا الى ميدان التحرير
(انا صعب عليّ تامر حسني وعمرو اديب والله )
في المثال المصري والتونسي ما حصل ان البنتاغون عندما القي الحمل عليه ماذا فعل ؟
تواصل ودعم المؤسسات البديلة الاساسية (مؤسسة الجيش) بناء على انه يستحيل قتل الملايين من الناس وان الطرف الوحيد القادر على مسك الامور هو الجيش , وايضا حتى لا يلتبس الامر على القارىء ويظن اني اتهم الجيش المصري او التونسي بالعمالة , لا ابدا لكن ليس امام الادارة الامريكية سوى التعامل مع الجيش سلبا ام ايجابا لانه لا وجود لاحزاب او شخصيات يمكن الاعتماد عليها, فمنذ اللحظة التي اعلنت الادارة الامريكية انها على اتصال مع قيادة الجيش المصري ساعة بساعة من حين اعلن الجيش انه ليس مستعدا لحماية النظام او مواجهة الشعب تغير الوضع جذريا واعلن من ثم خطاب التنحي , حتى في تونس الامر جرى على هذا النمط والذي اجبر بن علي على التنحي بامر عسكري هو رئيس الاركان وليس التحركات الشعبية كسبب رئيسي . وان كان الجيش سواء في مصر او تونس حسم الامر بناءا على ما يجري في الشارع لكن كلمة الحسم كانت لمؤسسة الجيش .
لهذا تناغمت الادارة الامريكية مع قرار الجيش المصري كي لا يذهب الوضع الى ما لا تحمد عقباه بالنسبة للادارة وللالتفاف على ثورة الشعب المصري بطريقة ايجابية تضمن مصالحها ومصالح حليفتها اسرائيل
مع العلم بانه ليس مطلوبا من الجيش المصري ان يذهب باتجاه خيارات تغضب الولايات المتحدة وبالتالي اسرائيل ,علما بان الموضوع الاسرائيلي من التطورات المصرية بحاجة الى موضوع مستقل نثيره في وقت لاحق
وعليه الرهان الان على القوى الشعبية لاعادة مصر الى دورها الاقليمي الرائد من موقع الندية وليس التبعية لان الجيش المصري جيش وطني بالنهاية , لكن شكل النظام الجديد وموقعه على القوى الشعبية المصرية التي قامت بالتغيير والثورة ان توجده من خلال توحيد رؤيتها بعيدا عن تدخلات (العم سام) ليكون الجيش بخدمته واي انكفاء للقوي الشعبية الفاعلة ستأكل الادارة الامريكية الثورة وابنائها وجيشها