رأيي أن هناك فعلا تحالف نجس بين أمن الدولة والتشكيلات خفيفة العقل قليلة الدين عديمة المروءة المتسماة بالإسلام أو المسيحية أو أي دين أو مبدأ أو خلافه.

بملاحظة توقيت اندلاع الأحداث، نجده مترافق مع الحملة على أمن الدولة، أنا أكاد أجزم أن أمن الدولة مع تشكيلاته المتسماة بالإسلام، ولعلهم بل إنهم يحتفظون بتشكيلات أيضا من الفريق الآخر من المسيحيين أعني، زي واحد بيكبس وواحد بيرفع حتى يشغلوا مطحنة الرجوع إلى الخلف.

هل المشكلة في الإسلام نفسه، أو المسيحية نفسها؟ لا أظن أن للموضوع علاقة بالمبادئ والأديان، ذلك أن كافة المبادئ والأديان لها وجهان، الإسلام ليس بدعا عنها، لا يتعلق هذا الأمر بالجانب الإلهي بل بالجانب البشري وطريقة إيجاد المبدأ في الواقع، وحتى الديمقراطية العتيدة تنجب شخصا مثل جورج بوش، والعالمانية التي تعتبر جودو عند البعض تستطيع أن تنجب مثل هتلر وستالين.

البحث لا يكون في جنازة نشبع فيها لطم، ومحاولة تصفية الحساب مع الإسلام كخصم أيدولوجي بمناسبة وجود أفراد وجماعات مجنونة منتسبة له؛ ذلك إن أردتم أن تفتشوا عن جماعات مجنونة، تلكم الأزارقة الخوارج اعتبروا أطفالهم كفارا حتى ينشؤوا وتبلغهم الدعوة فيتم دعوتهم وقبولها أو اعتبارهم مرتدين وخلاف ذلك مما تعتبره الأزراقة طرقا لاستباحة الدم.

البحث يكون فيمن ولم وكيف؟ ولا أرى أن جهاز أمن الدولة وأعوانه من كلا الدينين بعيدون عن هذا الأمر، والصواب تحييدهم جميعا قبل فوات الأوان، أما الانشغال عن هذا باللطم على الإسلام والدعوة عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور فلن ينتج إلا احتقان الأغلبية المسلمة التي تريد الإسلام وترفض هذه الفتن، فتصير مؤهلة للانحياز شيئا فشيئا خلف الفتنة، ونفقد زمام المبادرة وترجع الكرة في ملعب الخصم. أعني جهاز الدولة القديم.

لغة خطاب المجتمع في مصر إسلامية، الأغلبية مسلمة، الإسلام هو المزاج الغالب على أفرادها، ولن يتغير هذا الأمر قريبا، على الأقل ليس بهذه الأدوات التي يستعملها الزملاء من المخالفين، كل ما سيتم هو رفع درجة الاحتقان.
يعرف الزملاء جميعا، المخالفين منهم والموافقين، بغض النظر عن مدى توافقهم معنا في العقيدة السياسية الإسلامية، يعرفون وجود نصوص شرعية تنهى عن هذه الفتن، ويعرفون أن هذه النصوص هي التي ستنزع فتيل الفتنة وتفوت الفرصة على الرجوع إلى الخلف، أما إن أراد الزملاء تغيير المزاج العام الاسلامي بمصر إلى آخر عالماني، فآخر شيء يمكن أن يخدم هذا العمل هو تأزيمه، من الأرجح أن تغيير المجتمعات الفكري يكون إبان هدوءها وخلوها من الفتن، أما تغييرها بالقسر والقمع والأحكام العسكرية، فهو استجلاب للدكتاتورية مجددا، وهو الهدف النهائي أصلا من هذه الفتنة التي أكاد أجزم بوقوف جهاز أمن الدولة خلفها.

قالت فيروز في فلم بنت الحارس
"يا ريمة، كان في حرامي، وكان في حارس، راح الحرامي، فأخد الحارس معو، ولحتى يرجع الحارس، لازم يرجع الحرامي"

لعل الزملاء يريدون عودة الحرامي والحارس؟