أي خوف يعميني يا فارس؟ ومم أخاف؟

عزيزي، لو أعلم موضعا لحوار حقيقي لسعيت إليه، لكنني للأسف بعد أن بلوت الأمر سنين تطاولت وجدته على ما قال أحمد شوقي في رثائيته التي يختمها بقوله
يفتى على ذهب المعزّ وسيفه وهوى النفوس وحقدها الملحاح
ثم رأيت إعجاب كل ذي رأي برأيه، وشطط في الخصومة، واصطحاب ضغائن لا محل لها وقول بغير علم ومن جهل شيئا عاداه وظن بغير يقين وضرب بغير هدى، فكففت عنكم عزيزي حتى تنظروا أمركم وتنظرونا أين تريدون، فوجدت أن القوم يصرون على جلد الماضي والتبرؤ منه والنقد دون بناء، ولم أر من قبيلك حتى لحظتي هذه إلا استنساخ لمشاكل الغير وحلولها، وكم وددت او يطرح العالمانيون العرب تصورا لحل مشكلة تعيشها الناس في يومنا هذا دون هروب إلى الماضي لإلقاء اللائمة على ما وقع فيه.

استعادة أحداث التاريخ لأي سبب يعيد الصراع حولها أشد مما كان، وحين يريد العالماني الإصرار على ذلك فهي أعظم هدية يقدمها للسلفيين من سنة وشيعة.

حقيقة أمكنني لو كنت عالمانيا -لا قدّر الله- أن أخدم هذه الفكرة وأخدم الأمة بها وأجعل لها الأنصار دون تعرض لنبيّ أو إله، بل لأمكنني أن استخرج أنصارا لها يدعون بها في المساجد ويصلون الخمس أيضا.

عزيزي فارس،
شتمك للنبي هو خدمة لخصمك، كمن يلعب الشطرنج فيضع وزيره أمام البيدق قطريا ليضربه ظانا أنه يهدد الملك. بينما لو أنك تطرح تصورا يخرج البحرين مما هي فيه مع المحافظة على خصوصيتها كدولة عربية ذات أكثرية شيعية لوجدت ربما الأغلبية من أهل البحرين تسير معك راضية سعيدة حيث تريد.


دعك من الرسول والصحابة، فما أظنك تطرح بحثا ولا أدواته هنا، وخلافنا معك ليس في الصراع بين علي ومعاوية أو علي وأبي بكر، خلافنا معك في أن الكون له خالق مدبر أوجده من عدم وفرض له ناموسا يسير عليه قسرا وجعل الإنسان مستخلفا يسير على الناموس اختيارا دون غيره.

هذا هو الخلاف وغير ذلك تلهٍ لا طائل خلفه.