الثورة المخملية السورية: حُلم برسم القصر الجمهوري
بواسطة
admin2
– 2011/03/29نشر فى: مقالات وتحليلات





د.أسامة قاضي: كلنا شركاء

لم يعد الأمر يحتمل التجاهل أو استخدام أدوات إعلامية بدائية، واستخدام تصريحات تستخف بعقول الشعب السوري، ولااتهامات باطلة سخيفة تفوهت بها الدكتورة بثينة شعبان، وسيحاسبها التاريخ عليها في حينه، ولكن هذه الأخطاء المفصلية التي سكت عنها الشارع السوري الذي كان مغلوباً على أمره لم يعد يطيق احتمالها، ولو كانت "بثينة" أمينة لنقلت بأمانة للرئيس واقع طبول الثورة التي تدق، ومطالب الحرية التي تصدح بها حناجر السوريين، واعترفت أنه كان هناك تجاهلاً لمطالب الشارع على مدى عقود، وأن السوريين عوملوا معاملة أسوأ من العبيد ، لأنه لايحق في أي تشريع أرضي، أو سماوي قتل العبيد، لابل الحض على تحريرهم هي السياسة الشرعية في التعامل معهم، أما استباحة دمائهم وحرياتهم وأموالهم، فهذه سياسة همجية، تركها التتار ورائهم تاريخاً بعدما تابوا إلى الله.

اختار السيد الرئيس بطانة في معظمها سيء، وغالبيتها شديدة السوء، لم تفلح في تقديم المشورة الأمينة فيما يخص الجانب الاقتصادي ولا السياسي، والمفاجئة أنها غررت به حتى أمنياً، فانتقلت عدوى أزمة الثقة مابين الحكومة والشعب، إلى داخل أروقة القصر الجمهوري مابين الرئيس وبطانته المقربة.

في هذه المرحلة التاريخية أرى ضرورة اللجوء إلى لجنة وطنية "إسعافية"، استشارية مستقلة يكون لها ناطقها الخاص بها دون تدخل في تشكيلها، تتكون من خيرة المفكرين والتكنوقراط السوريين في الوطن والمغترب، ليشرفوا على حزمة التغيير الجوهري في صميم البنية الهيكلية السورية الأمنية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والدينية، وتأمين أعلى درجات الضمانات الأمنية لها خشية انقضاض فلول الأجهزة الأمنية عليها، ووضع جدول زمني سريع والإشراف عليه من قبل اللجنة، وإعلام السيد الرئيس بتطبيقاتها وتنفيذها في مواعيدها دون إبطاء.

وإني أعتقد أن أولى الخطوات العملية هي إستقالة السيد الرئيس من الأمانة العامة لحزب البعث العربي الإشتراكي، وإلغاء قانون الطوارئ، والسماح بالتظاهر السلمي، وتبييض السجون من معتقلي الرأي، بعد إلغاء المادة الثامنة من الدستور، وإلغاء المادة 13 وتوابعها – كما أوصيت في أكثر من مناسبة- وإدخال معايير الحكم الرشيد في الخطط الخمسية، وتطبيق الحزمة الخماسية الألمانية لتحقيق المعجزة السورية الاقتصادية، وذلك بعدم فصل الليبرالية السياسية عن الاقتصادية، ضمن أجواء حريات الإعلام، والقضاء المستقل.

بإمكان السيد الرئيس تشكيل حزب جديد على طريقة حزب العدالة والتنمية، والإستفادة من التجربة التركية، وطلب المعونة من صديق الشعب السوري السيد رجب طيب أردوغان بتقديم نصائحه، وضماناته في هذا الشأن، وإشرافه على الانتخابات السورية وضمان نزاهتها، بحضور ممثلي المجتمع المدني السوري لمراقبة الانتخابات، بعد الخلاص من أمثال وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ديالا الحاج عارف التي كانت بمثابة جهاز أمني، وسيسجل التاريخ أنها وقفت في وجه تطوير مؤسسات المجتمع المدني، وكانت عقبة في وجه تطوير سورية مدنياً، فبينما هناك أكثر من 40 ألف مؤسسة مجتمع مدني في المغرب، لم يعد لدى سورية بفضل "همتها العلية" في قمع مؤسسات المجتمع المدني سوى أقل من 1000 مؤسسة لايحق لها حتى إصدار نشرة سنوية، وكانت وراء إغلاق هيئة مكافحة البطالة في سورية التي خلقت مئات ألوف فرص العمل.

بعدها يجب التحضير بعد تعديل الدستور لخوض انتخابات حرة نزيهة، بعد فتح المجال للجميع لتشكيل أحزاب سياسية، ويبقى الإحتكام لصندوق الاقتراع، وهذا كله يأتي بعد حل وزارة الإعلام، والخلاص من أمثال الدكتور محسن بلال الذي أوصل الإعلام السوري إلى الحضيض، ووضع ميزانيتها من أجل تشجيع الصحافة الحرة، وكذلك حل الأجهزة الأمنية المخابراتية، والإبقاء على مؤسستي الجيش والشرطة، بعد وضع رجال يتمتعون بالنزاهة والسمعة الحسنة، وحلّ فرقة الحرس الجمهوري، وتوزيع جنودها البواسل التي تفخر بهم سورية،على وحدات الجيش التي تحتاج سواعدهم لتحرير جولاننا الحبيب، وتسجلهم في سجل الأبطال، وربما ستحتاجهم سورية للقبض على ماعرف ب"الشبيحة" المسلحين والذين أساؤوا لسمعة سورية، وحاولوا ترويع الآمنين على مدى سنين، وهذا لن يعجز أبطال الحرس الجمهوري الأشاوس، وهي خدمة لن ينساها السوريين لهم.

كذلك ينبغي تشكيل لجنة مستقلة تماماً لمحاسبة المفسدين، وإعطاء مهلة بسيطة لتسليم المفسدين لكل "الأموال الحرام" التي تحصّلوا عليها، إلى خزينة الدولة ضمن فترة وجيزة جداً، حتى يشملهم عفو عام كي يتم فتح صفحة جديدة مع الشعب السوري الذي ابتلي بعصابة مفسدين لم تبق ولم تذر.

لقد قام مجموعة من المفكرين السوريين بكتابة تقرير "استشراف مستقبل سورية 2025" بالتعاون من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والذي تم تجاهله تماماً منذ عام 2007 إلى الآن،حيث وصّف التقرير الواقع السوري بكل أمانة، ووضع حلول وسيناريوهات إصلاحية عبر أكثر من 13 الف صفحة، على يد أكثر من ستين مفكراً سورياً، يحسن الاسترشاد بها في هذه المرحلة التاريخية، ضمن أجواء الحريات التي اشتاق إلى تنفسها السوريون.

إن مهمة اللجنة الإسعافية أن تقود إلى ثورة مخملية سورية لاتكلف سورية أية قطرة دم سوري غال على قلوبنا، وتضع سورية على طريق الحرية الحقيقية دون مراوغات، وحبذا أن يبدأ هذا التحرك بتغيير وجوه الناطقين باسم القصر الرئاسي، من مثل الآنسة بثينة شعبان، لأن تصريحاتها المسيئة تفضي إلى زعزعة الثقة بدل تمتينها، وطبعاً يتمنى الشارع ألا يتحفنا لابصورة فاروق الشرع، ولا نجاح العطار، وبالطبع ليس رستم غزالي الذي لاأدري من هو صاحب الفكرة "الجهنمية" وراء إرسال هذه الشخصية "المسالمة والبريئة" لمقابلة أهالي درعا الأحرار، وتاريخه حافل في لبنان، ولعله في المستقبل يجد القصر الجمهوري شخصيات مشروعيتهم الشعبية غير مشروخة تكون عوناً للسوريين في رسم ملامح جديدة مشرقة، وأشخاص لايعتقد الشارع أنهم جزءاً من تاريخ حافل بالأخطاء، مليء بالمغالطات التي لم يعد الشعب السوري قادر على تحملها.