اللي ما بيقدر على الحمار بيتشطر عالبردعة يا فارس

حين تعجز النخبة و تفلس تتمرجل بالهجوم على الاسلام أو الدين عموما و تنزوي في قعر التاريخ المظلم لتغطي عجزها و عاهاتها. فالقاصي و الداني يعرف أن الدين و التعليم و الأخلاق وووووو سائر مظاهر أو حقول الحياة الاجتماعية تتشكل تبعا لمصالح القوى المتنفذة اقتصاديا في المجتمع و في العالم و "فتش عن الاقتصاد".

الفئات المتنفذة كما نعرفها و كما يشهد تاريخنا في المنطقة اعتمدت سياسة فرق تسد فدقت الاسافين بين فئات الشعب و استعدتها ضد بعضها حتى تمنع وحدتها ضد تلك الفئات. أحد هذه الأسافين هو التمييز الديني أو الطائفي أو العرقي و ما شاكل.

انظر كل الأنظمة العربية الرجعية أيها لم يتبع فرق تسد؟

اذن القضية سياسية و اقتصادية و ليست دينية و لا للاسلام دخل فيها كما يتنطع متثاقفونا.

هل اضطهاد الأقليات العرقية سببه الدين؟ الأكراد مثلا؟
هل نهب ثروات البلاد و تجويع الشعوب و كتم أنفاسها و افقارها سببه الدين؟
هل بيع الغاز لاسرائيل بأتفه الأسعار سببه الاسلام؟
هل افقار الشعب السعودي في أكبر دول الأوبك سببه الاسلام؟
هل التمييز بين الكويتي "الأصيل" و "البيسري" سببه الاسلام؟
هل اتفاق حيتان الطوائف في لبنان ضد الشعب اللبناني سببه الاسلام؟
هل حكم سوريا بالأجهزة الأمنية سببه الاسلام؟
هل النزاع على الصحراء المغربية سببه الاسلام؟
هل أنا و أنت لا نجد حريتنا الا في الفضاء الويبي بسبب الاسلام؟

انهم يصنعون لنا أوهاما لننشغل بمطاردتها حتى لا ننشغل بمطاردة الأنظمة التي تضطهدنا و تلعن سمانا بكرة و عشية. يريدوننا أن نتفرغ للهجوم على الدين و أن نعود الى متاهات تاريخ مضى و تولى حتى نبتعد عن الواقع المحيط اليوم فنترك الساحة لهم يشكلونها و يحركوننا كما قطع الشطرنج و احنا و لا هنا .. سكارى بافيون الشعوب و باللي كان منذ قرون و بخيوط دخان لا تسمن و لا تغني.

لو افترضنا أن النظام في اي دولة عربية ديمقراطي و يساوي بين كل المواطنين في الحقوق و الواجبات و يحيد الأديان أو يفصلها عن الحقل السياسي هل يبقى للاسلام أو المسيحية أو الهندوسية من دور؟
أليس هو تسييس الدين و استخدامه و ركوبه؟
أليس بأيدي تلك الأنظمة أن تؤسس لدول حديثة تعتمد حقوق الانسان و المساواة في المواطنة و بالتالي عتق رقبة المسيحي من الجزية و المرأة من تسلط الرجل و الأقليات من الاضطهاد وووو؟
طبعا بأيديهم. و هكذا دول مدنية هي التي ينبغي على مثقفينا أن يعملوا من أجلها بدلا من محاربة طواحين هواء و التمترس خلف الشحن الطائفي و الديني و سائر القضايا الثانوية التي هي نتيجة و ليست سببا لواقع المجتمع السياسي و الاقتصادي.

أنا معك بالطبع في ان الاسلام و الاديان عموما ما هي الا مخدرات و مسكرات تطرب لها شعوب متخلفة و لكنها ليست هي بيت القصيد و لا أس البلاء بل النظام هو مصدر كل البلاوي و الذي بيده الحل و الربط. و كما يسيس الدين بامكانه تنحيته الى الرف.

انظر المقالة التي نقلتها لنا و عن أي زمن تتحدث و كم قرن عادت بنا الى الوراء؟ بماذا تفرق عمن يرجع ليحكي لنا عن الحضارة الاسلامية و العصر العباسي أو الأموي؟ كله غرق في الماضي هربا من تحديات الحاضر؟ كله استرجال هروبي و خداع متثاقف لهذه الشعوب. و كان الأجدى أن يبحثوا و يتكلموا و ينشطوا في التحديات التي تواجه مصر بعد ثورة يناير. كيف يستثمرونها و يؤسسوا لمصر جديدة. ما جدوى الكلام عن عمرو بن العاص اليوم؟ و ما أهمية الاحتلال الاسلامي و الموزمبيقي و هذه الموضوعات التي ستشغل العقول و الشعب عن حراسة انجازات الثورة حتى لا تتم سرقتها؟ هؤلاء المثقفون كصاحبنا هنا يفتحون أبوابا في نهايتها هي معادية للثورة و معادية لمصر الجديدة و معادية لمصالح الشعب المصري و مهماته الجديدة. و لو نقطونا بسكاتهم لكان أقرب للتقوى الوطنية.