رغم أني احترت بين مجمل كلامك بشكل عام ، هل هو باطل أريد به حق أم أحق أريد به باطل ، إلا أنك في أخطأت في جوانب وأصبت في جوانب أخرى ، فمن جهة صحيح بأن المنهج السني يحتاج لمرجعية واحدة لتحسم الخلاف في نهاية المطاف في الكثير من القضايا حتى لا يحصل الهرج والمرج ، إلا أن عدم وجود هذه المرجعية لا يعني بأن المنهج السني بعمومه الآن معاد لكل شيء ، إلا إذا كان هذا - الشيء - يخضع لهواك أو بتعبير أدق لمعاييرك في الحكم على الحضارة والمدنية والثقافة وغيرها .

بخصوص الحديث النبوي ، فالمصيبة هو تعامل أنصاف المتعلمين - من المسلمين - مع الحديث ، وكذلك تعامل معادي الإسلام عامة والسنة خاصة مع الحديث وتفسيره تفسيرات إما شاطحة أو باطحة أو ماطحة - لا يوجد للأخيرة أي معنى - .

لأن الحديث النبوي كان دائماً وعلى طوال التاريخ الإسلامي يخضع للدراسة والنقد والتمحيص ، فبعد خلو السند من الخوارم والعيوب ، يأتي بعد ذلك دور عرض المتن على العقل والقرآن ، فكثير من الأحاديث الصحيحة سنداً سقطت متناً ، وهذه هي منهجية الصحابة فيما بينهم ، فمثلاً عندما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " من حمل جنازة فليتوضأ " رد عليه ابن عباس لا يلزمنا أن نتوضأ من عيدان يابسة ، كما أنه عندما قيل لعائشة عن حديث " امراة دخلت النار في هرة حبستها " واسقاط الحديث على المسلم فقالت " إن الله أكرم من أن يحرق مسلماً بهرة " ورغم أن عائشة أخطأت في الحكم إلا أن الشاهد في المثال هو وجود المنهج العقلي في الحكم على الكثير من الأحاديث .

كما أن هناك أحاديث تعبيراتها مجازية وليست حقيقية ، والمجاز إما أن يكون لتضخيم عمل ما أو للتخفيف منه ، مثل قوله تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا " ، كما أن النبي خاطب مرة زوجاته " أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً " ، فأخذبت نساء النبي قصبة لتقيس كل واحدة طول يدها ، ولكن عائشة قالت بأن المقصود هو طول اليد في الخير وبذل المعروف ، وأيضاً حديث ذبح الموت فقد عرضه الفقهاء على بعضهم البعض ، فكيف يذبح الموت والموت عرض وليس جسماً ؟ إلا أن انتهى تأويل الفقهاء إلا أن الله يخلق الموت على هيئة جسم ثم يذبحه في يوم الآخرة .

وفي هذا العصر قام علماء أهل السنة المجتهدين بعمل دراسات تجديدة للسنة النبوية ومنها جهود الإمام الغزالي ، حيث رفض بعض أحاديث البخاري ومسلم ، وكان يرى تقديم العقل على النقل لأن العقل هو أساس النقل ، وهناك أيضاً جهود القرضاوي والتي لخصها في كتابه القيم " كيف نتعامل مع السنة النبوية " .

نعود للحديث المسلط عليه الضوء ، فلا أظن أن مقصود الحديث حقيقي ، فالنبي لا يعلم من هم أهل النار ولا من هم أهل الجنة ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدري ما هي أحوال من بعده ، لأن النار والجنة يدخلها أي شخص حسب عمله ، فإذا كانت أعماله خيرة دخل الجنة سواء كان رجلاً أو امرأة ، واذا كانت أعماله شريرة دخل النار سواء كان رجلاً او امرأة ، فلا فرق بين المرأة وبين الرجل في المعاملة .

فالإسلام قد أعطى للرجل بعض الحقوق الإضافية على المرأة من ناحية واقعية فعلية ، مثل الميراث مثلاً لأسباب حياتية روعي فيها المنهج الكامل للإسلام في تناول العلاقة بين الجنسين ، ولكنه في الوقت نفسى فضل المرأة على الرجل من ناحية وجدانية شعورية ، فالأم أعلى مكانة من الأب ، والنبي كرر لفظ الأم ثلاث مرات " أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك " وفي الرابعة قال الأب .

ولذلك كما قلت سابقاً القضية لا ينظر لها من جانب واحد ، لأن الإسلام ليس شوارع أو غرف لكل غرفة ما لها ، بل هو نظام متكامل ، وعند الحديث عن أي قضية يتوجب دراستها من كافة الجوانب وجمع جميع الأدلة التي تتحدث عنها .

وحرف الواو في آخر ردك جد له تصريفة فقد بقي معلقاً بدون فائدة ، أي أنه لفظ مهمل ، والمهمل هذيان والهذيان نقص ، والنقص يسيء لصاحبه .