الزملاء المحترمون .
لا أحبذ الرد على مداخلات بعينها ،و لكني أفضل تقديم رؤية مغايرة تجيب على موضوعات أو فرعيات محددة ، فلست متحمسا لتبديد جهودي في كيديات حوارية لا جدوى منها ، ولا يفوتني توجيه الشكر لمن وجه إلى الشتائم فبهذا أستكمل سجلآ أعتز به ، ففي كل القضايا العادلة التي دافعت عنها وجه لي السفهاء الشتائم مدركين أين توجد الفضائل التي يحاربونها .
بداية أؤكد أن دورنا كمثقفين عرب الآن هو دعم ثورات الحرية ضد الطغاة العرب و التي اندلعت على امتداد العالم العربي ،و التي توقعتها منذ أكثر من 10 سنوات . أكثر من ذلك أكرر ما أقوله دائما أن سوريا بالأخص و تحديدا الآن تحتاج دعم العرب كلهم لسببين ، الأول هو أن النظام السوري أكثر الأنظمة العربية بطشا و فسادا و طائفية ،و الثاني أن تحرر سوريا يعني تلقائيا تحرر لبنان و الشام كله ، و يعني أيضا دعما هائلآ للجناح المدني في الثورة المصرية ، أي أننا عندما ندعم الثورة في سوريا ندعم أنفسنا أيضا . أرى أن موقف حزب الله من ثورة السوريين هو موضوع فرعي تماما ،ولا يجب أن نعطيه أهمية تفوق كثيرا وزن حزب الله أو حتى إيران ، فسوريا الحرة ستشارك في بناء عالم عربي جديد قوي و صحي و شاب ، لا مكان فيه للبؤر الطائفية ولا للملحقيات الفارسية .
فقط سأكتفي في هذه المداخلة باستكمال الصورة التي قدمتها وزملاء أعتز بهم في مداخلات سابقة ، و هنا أحيلكم إلى المداخلات أرقام (3) أبونواس ، (5) بهجت ، (9) بهجت ، (27) أبونواس، (34)بهجت ، (68) كريك بيك ، (73) عاصي ،(79) حمزة الصمادي ، (87) أبونواس ،(89) العلماني ، (98) تموز المديني ، (102) بهجت ، (126) بهجت ، (139) عاصي . بالطبع هناك مداخلات كثيرة ربما أفضل ،و لكني فقط ذكرت المداخلات التي تتكامل في إعطاء صورة واقعية عن موقف حزب الله و قيادته من الثورة السورية .
أضيف هنا رؤية تكميلية حول قضية أرى أنه جرى توظيفها بشكل مغرض لدعم نظام الأسود المافياوي في دمشق ، هي قضية الممانعة و المقاومة و .... الخ .
1- هناك مبدأ عسكري هام يقول بالتخلص من المعركة الخاسرة ، و عدم استنزاف الجهد في محاولة استمرارها ، بل التخلص سريعا منها و التوجه لمعركة جديدة ناجحة . و هذا يعني سرعة التخلص من آثار حرب يونيو 1967 ، و الخروج من هذا الإطار الذي سعت إسرائيل إلى استدامته ليبتلع كل التاريخ العربي ،و يصبح 5 يونيو 1967 يوما بلا نهاية .أريدكم أن تفكروا جيدا في هذا المبدأ ، لنجد أن قيادة سوريا قد عملت دائما على نقيضه . استدامة حرب 1967 و عدم الخروج من إطارها ، بل محاولة جر العرب إليها تحت مسميات هزلية لا معنى لها ، مثل الصمود و التصدي و الممانعة و كعب الغزال يا متحني و ... الخ . لابد للسوريين من التحرر من كل هذا الكابوس الذي لا ينتهي ، عليهم استعادة أرضهم فورا خلال المجتمع الدولي ،و إعادة بناء سياسة إقليمية و دولية قوية خارج التبعية للمشروع الشيعي السياسي .
2- هناك مبالغة كبيرة جدا في أهمية إسرائيل وقوتها ، فإسرائيل مجرد قزم صغير في المنطقة ،و العرب هم من عملقوا إسرائيل بضعفهم و انانيتهم و قصورهم ،و أساسا نتيجة قبولهم لحكومات استبدادية مافياوية . النظام السوري هو أحد العناصر التي عملقت إسرائيل بأدائه المتدني .
3- قضية الجولان ليست قضية مقاومة من أجل الاستقلال الوطني ،و ليست قضية طارئة الآن ،و ليست علاقة بين دولة قزمة و دولة عظمى ، و لكنها قضية سياسة طالت أطول مما ينبغي .. أطول كثيرا جدا مما هو معقول أو مقبول أو متصور .
4- قضية الجولان جرى تهميشها لسبب غير مفهوم ، فكيف يرضى السوريون ببقاء جزءا هاما من بلادهم محتلآ لمدة 44 سنة متصلة ، بل و يعامل كجزء من إسرائيل ، ما يحدث هو عملية خداع كبيرة .
5- لا يمكن تصور أن تتعامل مصر أو سوريا مع إسرائيل بمنطق " المقاومة " فكلاهما دولة لا تقل أهمية وقوة عن إسرائيل ، و الصراع بين أيهما و إسرائيل يجب أن يكون إما صراعا سياسيا أو عسكريا على قدم المساواة ، فبعد هزيمة 1967 و تدمير الجيش المصري ، حاربت مصر خلال مراحل قتالية متتالية هي الصمود و الردع و الإستنزاف ثم العمليات التعرضية الشاملة . الغريب أن سوريا شاركت في عمليات تعرضية شاملة عام 1973 ، فكيف ترتد لتعود إلى شكل ضعيف جدا هو " الممانعة " و التي تعني عمليا الإعتماد على الغير و التوقف الطويل عن أي نشاط عسكري ، و الذي تحول بعد ذلك إلى تقبل مريب لضربات إسرائيلية تأديبية متعددة للقوات السورية سواء في لبنان أو في سوريا ذاتها .
6- لن أذهب إلى ما يقوله البعض عن تواطئ بعثي إسرائيلي ،و لكنه بالقطع سوء إدارة للأمن القومي و لملف الجولان ، و تحجيم غريب لموقف سوريا و أهميتها ودورها .
7- السبب في هذا الموقف المرفوض قوميا ووطنيا هو أن النظام في سوريا فاسد و منحرف و لصوصي لا يريد سوى استحلاب الثروة القومية لمجموعة بعينها " كلبتوكراسي " ، و بالتالي فهو ينكص عن القيام بأهم واجباته وهي الحفاظ على الوطن ووحدة أراضيه ، و يحيل أهم قضاياه إلى جماعات شبه عسكرية تعمل بالوكالة مثل حزب الله و حماس ،و تكون النتيجة هزائم جديدة ،و إنتصارات مجانية إسرائيل .
8- باختصار قضية الجولان يتم معالجتها ضمن إطار فاسد ، ولا يمكن تصورها بهذا الشكل سوى نتيجة لفساد الأنظمة العربية خاصة النظام السوري ، فلا توجد كما أعلم أرض محتلة مناظرة في العالم .عندما يستعيد الشعب السوري حرياته السياسية قريبا ، فسوف يصبح تحرر الجولان مجرد مسألة وقت لا أكثر .
عندما أشاهد الأعلام الفلسطينية و السورية و اليمنية في ميدان التحرير ، أعلم أن أحلامنا العربية لم تتبدد ،و أزداد ثقة أن المستقبل سيكون أفضل ،و ان العرب سيفرضون سيادتهم على أرضهم .. كلها .