اقتباس:عملت منظومة الاستبداد في منطقتنا نهبا وسلبا في البلاد ، وقمعا واعتداءا على المواطنين، تحت ستار كثيف من قصف الجماهير المنظم بالشعارات الشعبوية باسم الثورة والوطنية والدفاع عن المقدسات واستعادة الكرامة واسترجاع فلسطين والقدس الشريف وتحرير ارادة الامة من الهجمة الامبريالية – الصهيونية .

ومازالت شعوب المنطقة مسلوبة الحقوق والحرية وتعيش تحت نير ظلم قل نظيره في الساحة الدولية بالرغم من رحيل الاستعمار وتحرر المنطقة . القمع والتدجين هو العامل الاهم في معادلة سيطرة انظمه الاستبدادعلى مقدرات شعوب المنطقه منذ النصف الثاني من القرن المنصرم .
عطل العسكر الذين احتلوا البلاد عبر انقلابات عسكرية التنمية الاقتصادية والحياة البرلمانية وضربوا طوقا امنيا على كافة النشاطات الطلابية والنقابية والثقافية والرياضية فتحولت كافة مؤسسات الدولة واقتصادها الى الة في خدمة الدكتاتور وزبانيته.

عمدت الأنظمة الاستحواذ على كافة المرافق الاقتصادية وجعلت من حقوق المواطنة مكرمة ومنحة يقدمها الديكتاتور إلى الشعب هدية في مناسباته الشخصية أو منحة من أمواله (الحلال) هذا فضلا عن البطش بالمواطنين الذي أصبح لازمة ملحقة بأدوات الاستبداد يرتكبها الطاغية بذريعة حماية الأمن الوطني. والجدير بالذكر أن القمع باسم الوطن تزامن في كافة خطواته مع تنازلات عن الأرض والثوابت الوطنية وحماية امن إسرائيل والحرص على استمرار حالة السلم الغير معلن على حدود الجولان ومقرونا بالتنازل النهائي عن لواء اسكندرون لتركيا مقابل الحفاظ على كرسي الحكم فقط
كشفت الثورات الشعبية الأخيرة في البلاد العربية عن تحالف غير مكتوب بين أنظمة الفساد والاستبداد العربية والمنظومة الدولية الراعية لهذه الأنظمة حفاظا على مصالحها وتحقيقا لأهداف رخيصة ومبتذلة بالمقارنة مع الثمن الذي تدفعه الشعوب من حريتها وكرامتها ولقمة عيشها مقارنة بما تجنيه الدول المتحالفة مع انظمة الشر العربية
جهدت الأنظمة القمعية وبعناية وتوجيه من أسيادها في الخارج إلى تطويع الشعب عبر وسائل البطش والإرهاب والملاحقة من جهة وتقديم الإغراءات والامتيازات والأعطيات من جهة أخرى، فاستقطبت ضعاف النفوس والمشكوك في ولائهم وانتمائهم لهموم الشعب وحاجة الوطن وكان مثقفي السلطة وفعاليات قبلية واجتماعية ضمن الفرقة المستفيدة ماديا ومعنويا من عطايا النظام وامتيازاته . هذه العوامل كانت وما زالت أهم العناصر المكونة لقوة النظام وثباته في وجه المتغيرات والتحولات الجارية في المنطقة . وتمكن نظام الفصل العنصري عبر شعاراته الكاذبة استلاب إرادة الشعب السوري وتهمشيه وارتكاب كافة جرائمه باسم الدفاع عن الوطن . لم تعد ظروف الشعب المزرية تحتمل الراهنة على مزيد من معاناة وشظف العيش ولا سيما أن ثلث الشعب السوري تعيش الأسرة فيه على دولارين في اليوم في الوقت الذي تحتاج الأسرة لعشرين دولارا في اليوم لتستطيع ان تعيش على الكفاف . السؤال الذي يتم تداوله هذه الأيام عن سر سكوت الشعب السوري على القهر والضيم الذي يعانيه من النظام القمعي ؟

يتلخص الجواب على هذا السؤال المهم في جواب واحد مركزي وهو : خصوصية موقع سوريا في مواجهة الدولة العبرية حيث لايخفى أن الكيان الإسرائيلي هو الراعي الأكثر فعالية للنظام باعتباره / النظام السوري من أهم الدول التي حافظت على حدودها هادئة مع إسرائيل بالرغم من احتلالها أراضي سوريا (هضبة الجولان) منذ نيفا وأربعين عاما .تعتبر العلاقة الغير مكتوبة بين الكيان الإسرائيلي والنظام السوري أهم وثيقة غير معلنة بين النظامين وابرز سمات التفاهم بينهما .
هذا وقد ساعدت إسرائيل سوريا في المحافل الدولية عبر اذرعها الدولية ولوبياتها الأوروبية بإنقاذ النظام وحمايته من الجرائم التي ارتكبها في سوريا والعراق ولبنان . ولم يكن الأسد اقل وفاء لرد الجميل الإسرائيلي حيث أنهى الوجود الفلسطيني في لبنان وشارك في تدمير العراق عام 91 في حرب تحرير الكويت ولم يسمح باطلاق رصاصة واحدة باتجاه اسرائيل من الجولان خلال ال 45 سنة المنصرمة .
نعتقد أن الدعم الإسرائيلي في المحافل الدولية للنظام السوري خير دليل على صعوبة مهمة الشعب السوري في مواجهة الاستبداد.

مازال النظام يتلكأ في القيام بإصلاحات وقد نجح في استثمار ظروف المواجهة المزعومة مع العدو الصهيوني وضرورة إرجاء الإصلاحات حتى تحرير الأرض لأنها من أولويات أي نظام وطني. في حين لم يسجل النظام عبر تاريخه محاولة واحدة لاسترجاع الارض المحتلة بل بالعكس تماما استغل حركات المقاومة الوطنية لاستنزاف طاقاتها وزجها في معارك غير متكافئة مع اسرائيل لاجهاض روح المقاومة في المنطقة والتحلل من فتح جبهة سوريا في مواجة اسرائيل .
هذا مع استذكار الدور الإعلامي والإرهاب المعمول به مع الدول العربية لتمرير أهداف النظام واستمراره جاثما فوق صدر الشعب السوري .

المرحلة الراهنة وثورة الشعوب العربية على الطغيان والإطاحة باسوأ نظامين عربيين قبل النظام السوري تستدعي تجميع القوى الوطنية وزجها في معركة واحدة في مواجهة النظام وخاصة ألمعارضه في الخارج ان تلعب دورها في شرح معاناة شعبنا عبر المؤساسات والمنظمات الانسانيه والحقوقيه وشعوب المنطقه للضغط على حكوماتهم للكف عن دعم النظام السوري ليكون سندا داعما للثوره الشبابيه القادمه وياتي دور الكتاب والمثقفين في طليعة الادوار المنتظرة لكشف زيف ادعاءات النظام وشعاراته المزينة بلوحة الصمود والتصدي والممانعة وكلها ليس لها هدف غير الاحتفاظ بالكرسي ونهب البلاد والبطش بالعباد .
حكمة الشعب السوري وصبره لن تحولان دون دخوله على خط المواجهة مع النظام والتصدي لظلمه وجبروته . كما ان حالة التشرذم الذي تعيشه المعارضة السورية لن يمنع الشعب السوري من تهيئة قيادة ميدانية من الشخصيات الوطنية وفعاليات المجتمع المخلصة للوطن ولأهداف الشعب النبيلة .
ولن تنتظر ثورة الشباب القيادات المتهالكة المتكلسة وتوابعها ورموزها. فلا هي جاهزه لاستيعاب تطورات العصر ولا هي راضيه بتبادل ديمقراطي وتداول للمسؤوليات في داخل الأحزاب التي تحولت أكثرها إلى ملكيات للقيادات الفوقية على غرار أنظمة الاستبداد.وهنا أريد أن أتوجه للمعارضة في الداخل بضرورة تفعيل دور المعارضه في الخارج التي تتمتع بفرص وإمكانات غير متوفرة للمعارضة في الداخل .

وقفة لابد منها تجاه الموقف السلبي للاحزاب في الداخل من القيادات الميدانية في الخارج وبالتحديد في أوروبا: قيادة الاحزاب في الداخل عليها ان تتخذ قرارا وبدون ابطاء بافساح المجال لممثلين الشعب السوري والكوردي حصرا في اوروبا للتصرف كشخصية اعتبارية تملك القدرة على إصدار القرارات وتوجيه التعليمات وفق شروط عملها في الخارج وظروفها الموضوعية . لان التواصل الاجتماعي عبر وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة الغت الحدود والمسافات بين المعارف والعلوم والشعوب في ذات الوقت وما يحدث داخل الوطن يبلغ صداه الخارج قبل انتشاره في الداخل.

في هذا الوقت النظام السوري يحسب الكثير للمعارضه في الخارج ومن مصلحة النظام ان تكون المعارضه في الخارج تابعا للداخل لان الداخل لا حول ولا قوة وهم مقيدون وليس لهم مساحه حره. نعتقد ان ساعة العمل الجاد قد زفت وباتت كافة الاطراف معنية بما يحدث في المنطقة وما سيحدث في الوطن.والاكثر الحاحا على المعارضه السورية في الداخل تعميم عامل الثقة بين كافة اجنحة العمل النضالي وكسر الحواجز التي كانت حائلا دون العمل المشترك مما ادى الى انفضاض الجماهير من حول المعارضة حيث بقيت المعارضة تعمل بدون ظهير جماهيري يساندها فوقعت بين براثن اجهزة السلطة فريسة هينة ورخيصة .

الترقيعات وبعض الاغاثات العينيه التي يقدمها النظام للمواطنين المعوزين لا تشفي امراض البلاد من تداعيات نصف قرن من الزمن وعمرها الترقيعات لم ولن تكن بديلا عن اصلاح في البنيه السياسيه والاجتماعيه وجميع القوانين الصارمه التي فرضتها ولن يكون بديلا عن عن قتل وتعذيب اصحاحب الراي والضمير في السجون والمعتقلات وذاكرة الشعوب ليست بضعيفه.
بقلم: وليد بينباش
18-03-2011