افول الحضاره المصريه القديمه
يهدف هذا البحث الى اعطاء نظره موجزه في اسباب أفول الحضاره المصريه القديمه وهل ان العرب
والمسلمين هم من وقف خلف ذلك الافول
مقدمه لابد منها :
لطالما شهدت ساحات المنتديات العلمانيه واللا دينيه وألدينيه حوارات أدت ألى مشاجرات ومشاحنات لاحصر لها بين مسلمين أو ملحدين من مصر وبين أقباط أو ملحدين من نفس البلد . ولست مبالغا أن قلت بان ماتشهده دائما ألساحه ألمصريه ، من خلافات أدت الى اقتتال بين أفراد ألبلد الواحد وسالت دماء غاليه بسببه من الطرفين ، يعتمد على ذات الرؤيه ويستند ألى فرضيه اتهام ألعرب – المسلمين بأنهم هم ألذين دمروا حضاره وثقافه ألبلد الفرعونيه ألاصيله وأنهم اي العرب هم ألذين مارسوا ألاضطهاد على ممثلي تلك ألحضاره ألا وهم الاقباط.
في اعتقاد اؤلئك ألمروجين ونتيجه لتلك ألرؤيه ظهرت في العقود ألاخيره من القرن ألماضي حركات سمت نفسها فرعونيه او انها تمثل الحضاره الفرعونيه وممثليها طبعا ألاقباط و حتى بعض ألعرب ألذين كرهوا ألانتماء الى اي شيء اسمه عربي وكان لهذه ألحركات تاثير أكيد في تكريس رؤيه ألفرعوني المضطهد والمدمر على يد ألعربي المتغطرس الفاشي باسلامه البدوي العنصري .
مشكله تلك الحركات وغيرها كثير تمثلت بانها كانت حركات عاطفيه اتخذت من الاساطير والحكايات مصدرا لبناء تراث أفتراضي مشترك و محاوله تجذيره في تأريخ قديم مرتبط بحضاره ما.
ويبالغ ممثلو تلك الحركات في أظهار عظمه الامه الافتراضيه التي ينتمون اليها ويحاولون خلق تراث مشترك مظهرين عناصر تشابه بينهم وبين تلك الامه وكيف انهم بتمثيلهم لتلك ألحضاره سيكونون حتما أرقى واكثر اصاله من ألوافدين والمحتلين فهذا من عنصر سامي محتقر والاخر أري يمثل السيد والمتفوق وينسى ألجميع أن مثل هذه ألاسطوره لاوجود لها ألا ان نحن صدقنا اسطوره نوح وطوفانه ألمزعوم ، ومن يريد تصديق تلك الاسطوره فسيصدق كل مايقال من خرافات واساطير .
مثل تلك الاساطير ألتي تخلق تاريخا مشتركا واصولا واحده لقوم أو لشعب ما ليست بالفريده او النادره فقد شهدت جميع دول ألعالم مثل تلك ألحركات ولازالت تشهد ألكثير من ألبلدان قتالا وصراعا دمويا مسلحا يشرع نفسه بارتكاز على أسطوره ألاصول المشتركه والفريده لتلك المجموعه البشريه فاسبانيا مثلا لاتزال ساحه مواجهه بين مقاتلي الباسك المطالبين بدوله منفصله مستقله عن بقيه اسبانيا مؤكدين مطالبتهم تلك بمجموعه اساطير تؤكد تميزهم عن بقيه الاسبان ولابأس باختلافات دينيه تكون تكون رموزا لتاكيد الاختلاف وتشريع حق المطالبه بالانفصال.
وليس بعيدا جدا ألصراع ألاسكوتلندي ألذي ناهض ألاحتلال ألانكليزي بانيا لنفسه تراثا مشتركا تم تمثيله بالتنوره ألاسكتلنديه وأصبح ارتدائها يمثل فخرا وعزا قوميا وطنيا عالي الفخار وفي الحقيقه فاسطوره ألتنوره ألاسكتلنديه بنيت على كذبه اخرجها احدهم مستفيدا من أنتشارها ماديا .
هامش 1
لست في صدد مناقشه ألحيف الذي احاق بالاقباط على يد ألمسلمين فذلك موضوع ليس له أخر ولانهايه ألا بتكريس ألديمقراطيه – العلمانيه في جميع ألاقطار العربيه .
يعتمد ألبحث على مصادر مختلفه سأجملها فيما بعد .والبحث عباره عن نواه قابله لألاضافه وألتعديل وارحب باي مناقشه موضوعيه بعيده عن التعصب وألرؤيه الضيقه كما اؤكد باني لست بصدد الدفاع عن طرف ضد طرف اخر بل هي محاوله تدعي لنفسها ألحياديه والموضوعيه لااكثر ولااقل .
ألبحث :
أزدهرت الحضاره ألمصريه لعده قرون ويمكن ان نؤشر بداايتها بحوالي 3000 ق.م وهي واحده من الحضارات التي بقيت اثارها شاخصه وألاكثر خلودا لغايه يومنا هذا لذلك فقد كان لأفولها ومن ثم أختفائها احد اهم الاسئله ألتي يواجه بها الباحث والمحقق ألتاريخي وهو أحد اصعب ألاسئله في نفس الوقت ونستطيع ألقول بأنه لايوجد ولغايه اليوم أجماع من المؤرخين على تأشير وتحديد الاسباب بشكل قاطع ونهائي .
فهل يؤشر اختفاء الهيروغليفيه من المكاتبات الرسميه بدايه نهايه الحضاره المصريه ألقديمه ؟
أو هل يمكن القول بأن نهايه حكم مصرمن قبل مصريين والذي انتهى بهروب الملك ألثاني حوالي عام 342 ق.م .
او هل كان ذوبان مصر في الامبراطوريه ألرومانيه حوالي عام 30 ق.م هو بدايه النهايه ؟
وهل يؤشر أنتهاء ألعبادات ألوثنيه وأغلاق معابدها في ألقرن الخامس م نهايه تلك الحضاره ؟
صحيح أن ماذكرته من ألعوامل كان له تاثيره في الضغط وتعجيل نهايه ألحضاره المصريه القديمه ولكن اختفائها النهائي كان – حسب رأيي – حين توقف ألناس والمعابد والنخب الحاكمه عن استخدام ألكتابه ألهيروغليفيه ومن ثم الابتعاد عن مرتكزات ألثقافه القديمه حين هجرت ألمعابد وتوقف ألناس عن استخدام رموز تلك ألحضاره ألدينيه والثقافيه والذي كان واضحا حين اصبحت السيحيه دين عموم ألناس واختفت أي رموز ثقافيه كانت تستمد وجودها من الديانات ألمصريه ألقديمه وحلت محلها رموز ثقافيه هلينيه .
من غير الصحيح ان اقول بان الحضاره المصريه القديمه قد انتهت تماما ولكن الاصح هو ان اقول بان عناصر معينه ورموز مصريه قديمه قد تم أستخدامها من قبل الثقافات الجديده ولكن بعد تحويلها الى رموز خاصه بتلك الحضارات والثقافات الوافده والجديده في لغتها و مدلولاتها .
في الحقيقه فأن عناصر الاديان القديمه وجدت طريقها الى الدين الجديد وهذا امر طبيعي فالاديان كمنتوج اجتماعي لايمكن الا ان يكون جزأ من مجموعه عناصر مشتركه يفهمها افراد المجموعه البشريه الواحده . ورغما عن بعض الاختلافات الا اننا نستطيع وبسهوله اكتشاف العناصر المشتركه الا ان اللغه واستخدامها على المستوى الرسمي في المخاطبات الرسميه والدينيه هي المؤشر الرئيسي الذي يمكن اعتماده لمحاوله تحديد الفتره التي نستطيع الادعاء بانها تمثل نهايه مرحله حضاريه بعينها.
ولكن للانحطاط والتدهور تأريخه الخاص فهو ليس حدثا مفاجئا يحدث بين ليله واخرى بل ان هناك اسباب سبقته واسهمت في الاعداد لمرحله الهبوط والانحطاط ومن الاكيد فان للحروب اثرها الحاسم في تاسيس وبدا حركه الانحطاط وحتى في ذروه انتصار تلك الحضاره .
مثل تلك أللحظه كانت ألقمه التي وصلت اليها الحضاره المصريه القديمه وبالتحديد في عهد رمسيس الثاني – السلاله التاسعه عشر بين 1212 – 1279 ق.م فحين واجهت جيوش رمسيس الثاني ألداعداء مصر القديمه الا وهم الحثيون في معركه قاديش التي دارت رحاها قرب نهر العاصي في سوريا الحاليه والتي ادت الى تكبد طرفي النزاع خسائر فادحه بدون أن يحقق أي من الطرفين نصرا حاسما ورغم تلك الحقيقه الا ان رمسيس الثاني وحين رجع الى عاصمته باي – رمسيس ألقناطر حاليا سجل بانه سحق الحثيون وسجل تفاصيل ألمعركه مؤكدا على دور الالهه التي حمته وحمت جيشه وسحقت الاعداء في الوقت نفسه سجلت مصادر الحيقيون هي الاخرى نصرا ساحقا على جيش رمسيس ولكن الدراسات ألحديثه رجحت بان ألمعركه انتهت بتعادل كفه الخصمين .
أنظر هامش 2
ولكن لماذا أعتبرت هذه المعركه بدايه لأنحسار الحضاره القديمه ؟
أظهرت المعركه تفوقا تكنلوجيا لصالح ألحثيون ففي الوقت ألذي كان فيه المصريون يستخدمون ألبرونز ، والذي اجادوا صهره وتشكيله ، كان ألحثيون قد بدؤا باستخدام ألحديد في صناعه سلاحهم وعرباتهم ونعلم بأن الحديد يتفوق في قدرته على البرونز .
صحيح أن ذلك التفوق لم يكن العامل ألحاسم والذي وقف وراء بدايه افول ألحضاره المصريه ولكنه عامل لايمكن ألتغافل عن تاثيره .
فنتيجه لانشغال رمسيس بالحرب وتسخيره موارد هائله لغرض دعم ألمجهود الحربي امام عدو بدا انه قد تفوق عليه في مجال استخدام تكنلوجيا جديده بدات عوامل أنشقاق في جسم الدوله المركزي وفي فتره حكم رمسيس الثالث كان الجنوب قد انشق بقياده الملك أمنعسس ( امن موسى ؟ ) واستطاع بعد اغتيال رمسيس الثالث تنصيب نفسه كحاكم مطلق لعموم مصر . ومازاد في تسارع ضعف الدوله المركزيه الواحده هو مواسم الجفاف وضعف الموارد الاقتصاديه وكان لهذا الضعف سببا مباشرا في ضعف تجهيزو حمايه الحدود لذا فقد تجرأت قبائل ومجاميع من البدو على مهاجمه ألمدن ونهب المعابد والمدافن .
وكنتيجه لاستمرار الاقتتال ألداخلي ان تحولت مصر الواحده ألى دولتين واحده في الشمال يحكمها فرعون واخرى في الجنوب يحكمها كبير كهنه أمون عاصمتها الاقصر الحاليه . صحيح أن كبير كهنه أمون كان يبدي ويعلن ولاءه للفرعون ألا ان الواقع هو أن كبير الكهنه كان يتمتع بسلطه مطلقه .
ادى ذلك الانقسام ألى تجريد الفرعون من أي القاب واي سلطه دينيه وتحول ألى ديكتاتور عسكري بينما تركزت السلطه ألدينيه بيد كاهن امون في طيبه ( الاقصر ) منذ عام 1070 وصاعدا .
نجح ألملك شوشنق ألاؤل ومؤسس السلاله 22 حوالي عام 945 ق.م بتوحيد مصر وشن حملات على الحدود للقضاء على عناصر البربر ألتي كانت تهاجم مصر بشكل شبه مستمر ويعتقد البعض بانه الفرعون الذي قاد حمله على ألقدس ودمر نسل داوود .
تلك الوحده لم تدم طويلا وخلال قرن من ألزمان اصبحت طيبه مركزا لحكم السلاله الثالثه والعشرين والذين أسسوا سلالتهم الخاصه بعيدا عن ملوك الشمال .
وفي الوقت الذي أنشغل ملوك طيبه بحروب اهليه فيما بينهم استمر تشرذم الشمال وتحول ألى مجموعه مناطق يحكمها ملوك محليين ( أمراء حرب ) ألامر الذي ادى الى استنزاف مرهق لكافه موارد البلد الاقتصاديه وادت بالتالي الى تقلص في ألانتاج الزراعي وتدهورا في أعمال صيانه السدود وقنوات المياه التي كانت السبب الرئيسي لازدهار الزراعه .
تمكنت النوبه وامراء حربها من تأسيس سلاله حاكمه جديده سميت بالسلاله الخامسه والعشرين واستطاع ملوك النوبه( كوش ) السيطره على طيبه ومن ثم مصر جميعها . أعتبر هؤلاء ألملوك انفسهم الوريث الثقافي الحقيقي لحضاره مصر الفرعونيه حتى استطاع
Piankhi
تأسيس ماسمي بالمملكه المتحده .هذه ألوحده كانت قصيره العمر فقد اندفع ألاشوريون بعد معارك ضاريه محتلين المدن المصريه الواحده تلو الاخرى ومابين عامي 671- 663 ق.م أحتل الاشوريين مصرورغما عن محاوله ملوك النوبه التخلص من سيطره اشور الا أن اسراحدون ملك اشور دفع بجيوشه محتلا ممفيس بمساعده بعض ألامراء المحليين طاردا ألفرعون طهارقه ألى ألنوبه .
هامش 3
بعد موت أسراحدون استطاع طهارقه أستعاده ممفيس ألا ان ذلك لم يطل كثيرا حيث استطاع اشور بانيبال ملك اشور في عام 627 احتلال ممفيس مره ثانيه .
بعد سقوط دوله اشور تحت ضربات مملكه بابل ألفتيه صعد لحكم مصر ملوك السلاله السادسه والعشرين وهذا الاستقلال لم يدم هو الاخر طويلا فسرعان ماستطاعت فارس أحتلال مصر مابين عامي 525 – 404 ق.م .
كان من اهم نتائج ألاحتلال الاشوري لمصر هو أن ألشؤؤن الداخليه لمصر لم تعد شأنا محليا مصريا بل ارتبطت بجميع متغيرات الوضع السياسي والاجتماعي ألحاصل في منطقه البحر الابيض المتوسط والحقيقه فأن امراء الحرب ألمصريين ونتيجه لتناقص عدد ألجنود الذين كانوا يستطيعون تجنيدهم للقتال ضد فارس قاموا بالاعتماد على مقاتلين مرتزقه من اليونان ومقدونيا .
حكمت مصر في تلك ألفتره من قبل أباطره فرس وبواسطه حكام يخضعون تماما للامبراطور وتحولت مصر الى مستعمره تابعه لفارس .
أستطاع ألمصريون أعاده سيطرتهم على مصر الا ان حكام السلالات 28 29 والثلاثين أنشغلوا بقتال دام فيما بينهم .
وفي عام 310 ق.م أستطاع ألاسكندر المقدوني وبعد انتصاره الباهر على الفرس وضع مصر تحت سيطرته الكامله واحيلت مصر الى مجرد اقليم تابع الى مقدونيا وبدات ألثقافه ألهلينيه تحل تدريجيا محل ثقافه مصر ألقديمه واصبحت أللغه اليونانيه هي أللغه الرسميه للتخاطب بدلا من المصريه واخر نقش هيروغليفي عثر عليه هو نقش هادريون في معبد فيله – بيلاخ وقد كرس النقش لعباده الاله أيزيس .
بعد موت ألاسكندر تم تجزأه الامبراطوريه بين قادته وأصبحت مصر، وبعد فتره من الاقتتال بين قاده وخلفاء الاسكندر، تحكم من قبل الملك بطليموس الاول والذي تحبب الى المصريين باشهار انتماؤه وتبنيه للرموز الثقافيه المصريه القديمه ولم يحارب البطالمه المعتقدات القديمه بل قاموا ببناء المعابد واعاده تعميرها والحقيقه ان الكثير من المعابد التي نراها أليوم في مصرتم أعاده بنائها ووسعت في زمن البطالمه .
انظر الملحق
الا ان ذلك لم يعني بان المصريين استطاعوا النفاذ ألى حلقات النخبه الحاكمه والتي بقيت هلينيه خالصه. كما أن قاده الجيوش كانوا يتمتعون بنفوذ اقتصادي وذلك من خلال اقطاعهم الاراضي الزراعيه بعد التقاعد مما ساهم في تراكم الثروه في ايديهم كنخبه حاكمه .وقد ازدادت الصراعات والخلافات بين المتنافسين على العرش الامر الذي ادخل مصر مجددا الى دوامه من الاقتتال كانت نهايتها سقوط مصر تحت سيطره روما المباشره خصوصا بعد مقتل كليوباترا السابعه وعشيقها مارك انتوني .
وبذلك أصبحت مصر أقليما تابعا الى الامبراطوريه الرومانيه ألا ان التاثير الهليني بقي واضحا للعيان وخصوصا في الاسكندريه التي تحولت ألى عاصمه جديده للثقافه الهلينيه .وبدات المسيحيه بايجاد موطأ قدم لها في مصر خصوصا باستخدامها رموز الديانات القديمه ألتي كانت متداوله بشكل أكيد في أوساط ألمصريين مثل أيزيس واوزوريس والتي تتناول قصه مقتل أبن الرب ألمظلوم نتيجه لحقد وبدون سبب من قبل العم الظالم .
هذا ألتشابه والاقتباس دفع دعاه الدين الجديد ألى الكتابه باللغه المحليه المصريه القديمه وذلك لتسهيل تداول مفردات الديانه الجديده من قبل المواطن العادي كما كانت الرغبه في التميز والابتعاد عن مفردات الحضاره الهلينيه ،التي كان البعض يرى فيها ثقافه استعماريه، هي البعد المؤثر الاخر لجعل المسيحيه تكون أكثر قبولا لدى عموم الناس باعتبارها اصبحت تمثل خصوصيه ينفرد بالانتماء اليها المصري ألاصيل فقط .
من المهم هنا أن اؤكد بان مااقصده بالمسيحيه هي ليست المسيحيه الرسميه التي نعرفها اليوم بل هي وكما اثبتت مخطوطات نجع حمادي فيما بعد بانها عباره عن مجموعه متباينه ومختلفه من مسيحيات تم تدجينها وتاهيلها للمجتمعات التي امنت بها .
بعد تحول الامبراطوريه البيزنطيه التي اصبح عمالها هم حكام مصر الى المسيحيه تم فرض المسيحيه لتكون ألدين الرسمي الجديد لحكام مصر واغلب مواطنيها .
مماتقدم نشاهد بان مصر القديمه – الفرعونيه – قد اختفت كدوله منذ احتلال الاسكندر المقدوني اي حوالي 310 ق.م وان صدقنا روايه التاريخ الرسمي العربي الاسلامي فان الاحتلال العربي لمصر حدث حوالي عام 640 م أي بعد اكثر من 900 عام !!!
فعن أي حضاره فرعونيه نتحدث ؟ وهل قام ألعرب بتدمير تلك الحضاره أم قام بذلك الاشوريون والفرس واليونانيون ومن ثم روما وبيزنطه قبلهم ؟ وكيف تعاملت كل تلك الجيوش والامبراطوريات المحتله مع مصر ؟ ألم يتحول ألى مجرد اقليم تابع لروما مهمته تزويد الجيش الامبراطوري بالقمح وخصوصا بعد مقتل مارك أنتوني وعشيقته كليوباترا ؟
وماذا عن تراث الفراعنه ؟
كان للاستعمار ألسياسي والذي فرضته ظروف وصراعات تأريخيه على مصر الفرعونيه أبعاده الثقافيه فهو اي الاحتلال وان لم يحاول في الفتره الاولى فرض ثقافته ألا ان ذلك كان سيحدث أن عاجلا أو اجلا فعندما تكون ألنخب الحاكمه ممثله للمحتل بثقافتها وعاداتها سينتقل ذلك ألتاثير وبشكل أكيد ألى طبقات المجتمع المختلفه والتي ستحاول أما رغبه بالحصول على حظوه في عين المحتل او بشعورها بالنقص أمام ابهه المحتل وامكاناته وخصوصا بعد فتره كان ألمجتمع قد مر بها بحاله من التشتت أو التشرذم جعلته ينقلب على موروثه الثقافي ويبحث عن انتماء جديد يعوضه عن حاله ألتقهقر المادي – الاجتماعي . كما لاننسى بأن المحتل سيحاول فرض ثقافته وبطرق قسريه على جميع ألرعيه لضمان أتساع رقعه الولاء له .ومع طول فتره ألاحتلال ستحل لغه المحتل بدلا من أللغع ألام وخصوصا بعد استخدام الجديده في المخاطبات ألرسميه والمناسبات والطقوس الدينيه . ومصر لاتمثل حاله تختلف عن أجمالي تلك الصوره .
بعد ان تم تبني المسيحيه رسميا من قبل بيزنطه بدا المسيحيون بالابتعاد عن استخدام الهيروغليفيه في الكتابه لانها أرتبطت بعبادات وثنيه ممنوعه طبعا وبذلك أندثر أخر رمز للثقافه المصريه وحتى وان بقيت مناطق مثل واحه سيوه تتحدث بالمصريه القديمه ألا ان مصر المسيحيه بدات برفض الجل الاعظم من تراثها الفرعوني لانه كان وثنيا .
أما جبي ألضرائب والتعسف في جبايتها فلم يكن عملا اقتصر على امراء الحرب العرب الذين احتلوا مصر بل سبقهم أليه الرومان والذين كانوا أول من قام باحصاء ألناس واملاكهم وناتج مزراعهم .
ويذهب بعض الكارهين لاي مسلم واي عربي ألى ألتمترس وراء مقوله أنا فرعوني وكانما هناك قوميه اسمها فرعونيه او شعب كان يعرف نفسه بانه فرعوني ويتناسى هذا البعض بأن الهويات الوطنيه والقوميه هي مجرد خيال وفانتازيا لاقيمه لها ولاتصمد أمام اي نقاش علمي واحب ان اذكر هوؤلاء بان المواطن المصري القديم لم يكن يعرف نفسه على انه فرعوني ولا حتى مصري بل كان الانتماء ألى المدينه او ألقريه والمجموعه ألقبليه يأتي اولا وطبعا يكون الانتماء ألى ألمجموعه الدينيه هو الاكثر استخداما .
والحقيقة أن مصر كانت تحكمها الدولة الرومانية البيزنطية وألتي تدين بالكائوليكه بينما وكان معظم شعب مصر من الأقباط الأرثوذكس, , وفي عام 630 م أصدر الامبراطور هرقل قرارا على الولايات التابعة للدولة الرومانية،ومنها مصر، أن تدين بدين واحد وملة واحدة هي الملة الكاثوليكية، ألا ان اقباط مصر رفضوا تغير ملتهم من الأرثوذكسية إلي الكاثوليكية، لذلك تعرضوا لأبشع أنواع العذاب، وقام الجنود الرومان بحرق متياس الأخ الأصغر للأنبا بنيامين بطريرك الأقباط الأرثوذكس حتي الموت أمام البطريرك لذلك هرب الأنبا بنيامين إلي الصحراء لمدة ثلاثة عشر عاما ، وكان الجنود الرومان يعذبون الأقباط الأرثوذكس بقتلهم في زيت مغلي أو وضعهم علي نار هادئة حتي الموت وآخر ابتكارات الجنود الرومان أنهم أحضروا من القسطنطينية آلات خاصة لتقريب فروع الشجر، وكانوا يربطون الأقباط من أرجلهم وأيديهم في فروع الشجر ويجعلون الآلات تترك فروع الشجر فيتمزق جسد القبطي إلي أربعة أجزاء وقد ذكر المؤرخ ساديرس ألوان العذاب الذي كان يتلقاه الأقباط علي أيدي الجنود الرومان
فهل تم ادانه تلك الافعال ؟ ام يتم التغاضي عنها لأنها قد تمس بالديانه المسيحيه ؟؟
أما حرق مكتبه ألاسكندريه والذي يتهم به عمر ابن الخطاب فيصنف في بعض دوائر التبشير ألمسيحيه على أنه حدث تلاثه مرات اثنان بالصدفه – غير متعمد – والثالث متعمد وطبعا على يد ألعرب .
بالرغم من أن الدراسات الحديثه أثبتت وبدون لبس عدم وجود اي اثر لمكتبه ألاسكندريه حين احتل العرب مصر فقد أحرقت ولاول مره على يد المتطرفين من المسيحين باعتبارها تحوي كتبا ألحاديه ومعابد وثنيه .
وتجدون في هذا ألرابط تفنيدا كاملا لتلك التخرصات من قبل ألاستاذ برنارد لويس احد كبار ألمتخصصين في دراسات التاريخ العربي – الاسلامي :
http://www.nybooks.com/articles/archives...library-2/
وخلاصه البحث أن مكتبه الاسكندريه لم تكن موجوده عندما احتل ألعرب مصر .
وقد اعتبر بعض ألمؤرخين قتل الفليلسوفه هيباثا على يد متطرفين من المسيحين نهايه العصر الذهبي للحضاره الهلينيه في مصر.وتمت جريمه القتل البشعه نلك بمباركه رجال ألدين .
Socrates Scholasticus (5th century)
Yet even she fell a victim to the political jealousy, which at that time prevailed. For, as she had frequent interviews with Orestes, it was calumniously reported, among the Christian populace, that it was she who prevented Orestes from being reconciled to the bishop. Some of them, therefore, hurried away by a fierce and bigoted zeal, whose ringleader was a reader named Peter, waylaid her returning home, and, dragging her from her carriage, they took her to the church called Caesareum, where they completely stripped her, and then murdered her by scraping her skin off with tiles and bits of shell. After tearing her body in pieces, they took her mangled limbs to a place called Cinaron, and there burnt them."
وكان موتها مأسويا على يد جموع المسيحيين التي تتبعتها عقب رجوعها لبيتها بعد إحدى ندواتها حيث قاموا بجرها من شعرها، ثم قاموا بنزع ملابسها وجرها عارية تماما بحبل ملفوف على يدها في شوارع الإسكندرية حتى تسلخ جلدها، ثم إمعانا في تعذيبها، قاموا بسلخ الباقي من جلدها بالأصداف إلى أن صارت جثة هامدة، ثم ألقوها فوق كومة من الأخشاب وأشعلوا فيها النيران
.
http://en.wikipedia.org/wiki/Hypatia
الخلاصه :
لست اشك لحظه واحده بان العرب لو وجدوا مكتبه الاسكندريه قائمه لسارعوا ألى احراقها او نهبوها على أقل تقدير فهم جيش محتل لاغير وشأنهم شان اي محتل أخر ولارغب بتبرئه أي عنف ديني أسلامي ضد أي دين اخر ولكن للتأريخ رؤيه اخرى تضع ألحقيقه الموضوعيه فينصابها بعيدا عن ماتريده العواطف ألمتشنجه وصيحات الثار والتباكي على حضاره لم تبق منها ألا رموز مبعثره هنا وهناك ولايمكن ان نتوقع لأي حضاره وخصوصا في العالم ألقديم الاستمرار بالوجود الى مالانهايه ونحلم بيوم نستطيع فيه اعاده عقارب الساعه الى الوراء لعلنا نكون نحن البادئين باطلاق الصواريخ الى الفضاء من منصات في طيبه او في سومر وبابل .
أن الواقع الجديد والتي افرزته الثوره المصريه يجب ان تستغل لتسجيل بدايه جديده لمصر جديده تعتمد على كل حضارتها وعلى كل ثقافتها عبر التاريخ لتقدم بذلك انموذجا يكتب له البقاء ويتجاوز في روعته كل اهرامات الجيزه ومسلات اشور وجنائن بابل .
اما التنابز واطلاق الصفات السيئه ومحاوله تشويه ابناء البلد لسيره اخوانهم في الوطن الواحد فلاجدوى منه ولن يكون الا محطه سنتحر عندها كل انجازات الثوره وستذهب كل دماء الابطال الذين اشتروا بدمهم الغالي حق مواطنتهم سدى وسيتحولون الى مجرد شواهد قبور يتباكى عندها ثله من المنتفعين ومن كهنه ألاديان معززين نصرهم هم لانصر الشعب .
هامش 1
http://en.wikipedia.org/wiki/Thomas_Rawlinson
Though knowledge of Thomas Rawlinson's contribution to Scottish dress was forgotten for the better part of two centuries, his
version of the kilt still lives on today, and many who wear it are completely oblivious to its Industrial Age origins.
هامش 2
http://www.suite101.com/content/the-kade...le-a372230
هامش 3
http://en.wikipedia.org/wiki/Taharqa
ملحق
من تلك ألمعابد معبد أمون في ألكرنك وألذي اضيفت له اجنحه وابنيه جديده في فتره حكم ألبطالمه كما هو حال معبد حورس والذي اعيد بناؤه بشكل كامل أنظر الرابط :
http://en.wikipedia.org/wiki/Temple_of_Edfu
وكذلك معبد ايزيس في فياله أنظر ألرابط :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%A9
و دينديرا ( ) ألذي بناه بطليموس ألثامن وتم توسيعه على يد ألرومان .
أنظر الرابط
http://www.aldokkan.com/geography/dendera.htm
و كوم أمبو
http://en.wikipedia.org/wiki/Temple_of_Kom_Ombo
http://arz.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%...8%A8%D9%88
وألامثله لاتعد ولاتحصى وللقاريء الحصيف أن يستزيد من تلك ألمعلومات بمجرد البحث في الانترنت .
ومن ألكتب المهمه كتاب :
EGYPT after the Pharaohs
Alan K Bowman