جلسة القسَم الدستوري تواجه خيار مقاطعة الأكراد: 5 سيناريوات لحلّ مشكلة تجريد 9 نوّاب من مناصبهم
لم تطل بهجة الانتخابات التركية التي فاز بها الجميع من دون أن يحسم أحد النتيجة لمصلحته جذرياً. وأوقع القضاء التركي البلاد بأزمة حادة بتجريد 9 منتخَبين من نيابتهم، ليكون اليوم موعداً حاسماً على صعيد الأزمة الكرديّة
أرنست خوري
من غير المعروف بعد كيف سيمر اليوم في تركيا. إنه موعد إدلاء النواب الـ 550 المنتخبين في 12 حزيران، بقسمهم الدستوري ليصبحوا شرعياً نواب الجمهورية. قسم تحوّل إلى فتيل قابل للانفجار نظراً إلى ما سبقه من تطورات على صعيد منع الإفراج عن 9 نواب منتخبين عن الأحزاب المعارِضة الثلاثة، وبالتالي تجريدهم من نيابتهم، ما ينذر بأزمة سياسية كبيرة، وخصوصاً على صعيد المسألة الكردية، بما أنّ 6 من نوابهم سيبقون مسجونين، ومن المتوقع أن يقاطع زملاؤهم الـ 30 جلسة الإدلاء بالقسم اليوم، وهو ما يعني وفق الدستور التركي أنهم سيكونون ممنوعين من ممارسة مهماتهم التشريعية والرقابية طيلة السنوات الأربع لولاية البرلمان.
وتشير الأنباء الواردة من أنقرة، إلى أنه حتى ليل أمس، كانت الجهود الحكومية التي يشرف عليها رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان شخصياً، متواصلة للحؤول دون حلول المصيبة التي لا يحتمل أحد تداعياتها السياسية والأمنية، والتي تتجسّد بمقاطعة حزب الأكراد البرلمان التركي، ما يعني أنّ ملايين المواطنين سيعتبرون أنفسهم غير ممثلين في برلمان بلادهم، وهو ما يهدّد بكارثة حقيقية تمسّ بوجود الجمهورية نفسها. وكانت القضية قد بدأت يوم الثلاثاء الماضي، عندما قرّرت اللجنة الانتخابية العليا منع الإفراج عن النائب الكردي محمد خطيب ديكل، المنتخَب عن حزب «السلام والديموقراطية» الكردي فعلياً (36 نائباً). تجريد ديكل من النيابة برّرته اللجنة بأنه متّهم بالانتساب إلى الجناح السياسي لحزب «العمال الكردستاني». وقعت الواقعة وهدد الزملاء الـ 35 لديكل بمقاطعة البرلمان والاستقالة الجماعية في حال عدم التوصل إلى تسوية. عندها، جاء الردّ من خلال القضاء الذي فاقم المشكلة بدل أن يحلّها، فمنَع الإفراج عن 5 نوّاب أكراد إضافيين انتُخبوا، وهم مسجونون أيضاً بسبب التهمة نفسها التي يُحاكَم ديكل على خلفيتها. ولكي يرفع القضاء عن نفسه تهمة الانتقام من النواب الأكراد، مَنع الإفراج عن 3 نواب انتخبوا وهم في السجن عن حزبَي المعارضة الكمالية لأنهم يحاكمون على خلفية التورط بجرائم وخطط عصابات «إرغينيكون».
علت صرخات الأحزاب الثلاثة المستهدفة من قرارات «الاجتثاث»، لكن سرعان ما انحصرت الأزمة بالأكراد، بما أن حزب «الحركة القومية» (53 نائباً) أعلن أنه، رغم اعتراضه الشديد على قرار تجريد أحد نوابه المنتخبين من منصبه، فإنه لن يقاطع البرلمان وجلسة القسم اليوم. كذلك حال «الشعب الجمهوري» (135 نائباً) الذي، مع أنه لوّح بأنه سيقاطع البرلمان في حال عدم الإفراج عن نائبَيه المسجونَين، إلا أنّ المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» ترجّح أن يشارك نوابه الـ 133 في جلسة القسم الدستورية اليوم. إذاً، بقي الأكراد وحيدين كالعادة في وجه العاصفة. ولم يكن ينقص الأزمة لكي تكبر سوى تعرُّض 3 من نوابهم، أمس، لاعتداء من قوات الشرطة في إسطنبول، عندما كانوا يشاركون في تظاهرة سلمية.
ولمّا كان أردوغان وأركان حزبه يعرفون تماماً مخاطر مقاطعة كتلة برلمانية كردية بأكملها للبرلمان، فإنّهم سعوا الى إيجاد مخرج للأزمة، فجرى التداول بعدة اقتراحات، لم يخرج إلى العلن شيء يفيد بقرب التوصل إلى تطبيق أي منها. وعقد أردوغان اجتماعاً طويلاً يوم الجمعة، وذلك بحضور نائب رئيس الحكومة كميل جيجيك، ونائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم (326 نائباً)، خلوق إيبك، ونائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب بكير بوزداغ. ومن بين الاقتراحات التي تقدّم بها الأكراد لتفادي اللجوء إلى خيار مقاطعة البرلمان، ترْك المقاعد الستة للنواب الأكراد المنتزعة نيابتهم، فارغة، وبالتالي عدم إعطاء المقعد الذي انتُزع من النائب محمد خطيب ديكل للمرشحة الخاسرة عن «العدالة والتنمية»، إويا إرونات. اقتراح آخر ينص على تأجيل جلسة القسم البرلماني، أو إيجاد تسوية تحتال على النص القانوني الذي يجزم بأن من لا يحضر جلسة القسم، يُمنَع من ممارسة أي مهمة في البرلمان. ومن بين ما يمكن القيام به لتفادي مقاطعة الأكراد للقسم الدستوري، صدور قرار عن المحكمة الدستورية تقول فيه إن تجريد نائب من منصبه هو من اختصاص البرلمان وحده مثلاً، لا القضاء ولا اللجنة الانتخابية العليا. من هنا يمكن فهم الطلب الذي تقدم به فريق محامي ديكل إلى المحكمة الدستورية، بعد ظهر أمس، لتبطل قرار اللجنة الانتخابية على أساس أنه ليس من اختصاصها تجريد نائب من نيابته، إذ يبقى ذلك من صلاحية البرلمان حصراً. ويمكن أيضاً أن تتدخل المحكمة العليا لتكسر قرار القضاء العادي وتقرر الإفراج عن النواب المسجونين كافة (مجموعهم تسعة)، أو تقديم النواب الأكراد الـ 36 استقالة جماعية قبل دقائق من موعد القسم البرلماني، وهو ما يوجب تنظيم انتخابات فرعية في غضون 3 أشهر لانتخاب 36 نائباً جديداً.
ونظراً الى حساسية الموضوع، تدخّل الرئيس عبد الله غول، أول من أمس، داعياً إلى حل الأزمة تحت قبة البرلمان، «مع الأخذ بالاعتبار حساسيات جميع فئات المجتمع التركي»، في إشارة إلى ضرورة مراعاة تمثيل كردي في مجلس النواب.
--------------------------------------------------------------------------------
بات من شبه المحسوم مشاركة النواب الـ 133 (الاثنان الباقيان مسجونان) لحزب الشعب الجمهوري المعارض في جلسة القسم الدستوري اليوم، رغم تكرار أركان الحزب، ومن بينهم رئيسه كمال كليتش دار أوغلو، أن القرار سيصدر في اللحظات الأخيرة. ومن علامات المشاركة المتوقعة، قبول النائب المنتخَب عن حزب أتاتورك، الصحافي السابق أوكتاي إكسي، ترؤس جلسة البرلمان اليوم، بما أنه الأكبر سنّاً، علماً بأن زملاء إكسي في «الشعب الجمهوري» أعلنوا أنهم سيقررون المشاركة من عدمها قبل دقائق من موعد جلسة اليوم.
http://www.al-akhbar.com/node/15576