الحكيم الرائي ، لو وصل الإخوان للحكم فإن فكرة الحرب ضد إسرائيل ستكون بعيدة المنال وخصوصاً في ظل الفترة القصيرة والمتوسطة ربما ، فمصر لا تحتاج لحرب في هذه الأوقات ، ويكفي أن يدعم الجيش المصري حماس والمقاومة الفلسطينية بعدة أسلحة إستراتيجية وثق تماماً بأن إسرائيل ستتراجع إلى حدود 67 هذا إذا لم تتراجع إلى حدود قرار التقسيم .

نعود لأصل النقاش الدائر ، فالأنفاق التي كانت تربط القطاع بمصر لم تحاول القيادة المصرية أن تدمرها بالكامل ، لأنها كانت تتبع سياسة " عدم القتل وعدم الإحياء أيضاً " أي سياسة الإمراض والتمريض ، فهي تدرك تماماً بأن حصار مطبق على القطاع سيؤدي إلى إنفجار سكاني باتجاه مصر وسيناء وهذا ما حصل بعد تفجير الحدود التي كانت بين القطاع وبين العريش وتدفق مئات الالاف من الفلسطينيين للعريش والقاهرة وهذه السيناريو تخاف منه مصر فقد عرض كيسنجر على السادات وضع غزة تحت السيادة المصرية وقد رفض ذلك السادات تماماً ، كما أنها تدرك أيضاً بأن قوة حماس ونجاحها في إثبات نفسها وقدرتها على القيادة سيكون له تأثيرات إيجابية وعوناً ومدداً لجماعة الإخوان في مصر - والأمر لا يتعلق بالأمن القومي بمفهومه الوطني بقدر ما يتعلق بالأمن القومي للنظام البائد - ، ولذلك كانت تترك الكثير من الأنفاق بين القطاع ومصر - وبالمناسبة لو وقفت على حدود مصر فإنك ستشاهد أغلب الأنفاق - ، كما أن تجارة الأنفاق أنعشت الإقتصاد المصري - 2 مليار دولار سنوياً - وجعلت من منطقة العريش منطقة تجارية من الطراز المتقدم كما أن هناك رؤوس في النظام المصري إستفادت من هذه الأنفاق - علاء وجمال مبارك - .

أما الحديث عن تهديد حماس للأمن القومي المصري - كذبة ابريل - فهذا الحديث تدحضه الوقائع وتدحضه الحقائق ، فحماس لم تهاجم أي هدف إسرائيلي خارج حدود فلسطين فهل ستواجه أهداف عربية وخصوصاً مصر ؟ كما أن تاريخ حماس وماضيها وحاضرها ينفي هذه التهم ، فقد عانت من كل الأنظمة العربية - باستثناء النظام السوري - من الكثير من المؤامرات والمنع والملاحقة وتجميد الأرصدة ، كما أن القطاع لا يشكل خطراً على الأمن القومي المصري كذلك لا تشكل الضفة الغربية خطراً على الأمن القومي للأردن ، والحديث عن بعض الجهاديين الذين تسللوا لسيناء - وبالمناسبة هم قلة قليلة - فهذا الأمر لا يتعلق بغزة أو بحماس ، وهذا الأمر مرده للفكر السلفي الجهادي والذي لا يؤمن بالحدود ولا المواطنة ولو تمكن الجهادي اللبناني والأفغاني والأمريكي والآسيوي من التوجه لسيناء فلن يتأخر دقيقة واحدة ، الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر خليط من جزائريين ومصريين ومغاربة وسعوديين وكذلك الأمر مع الكثير من الجماعات الجهادية على العكس تماماً تأثير المصريين لربما يفوق تأثير العنصر السعودي في الجماعات السلفية ، فهل مصر وشعبها خطر على الأمن القومي للعالم ؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم .

لكن بعض المتصيدين وأصحاب القلوب المريضة والأفكار السقيمة يحاولون جر غزة وحماس لمربع المواجهة مع الجيش المصري أولاً والحكومة المصرية ثانياً والشعب المصري ثالثاً كما تحاول إسرائيل أن تثبت بأن غزة تهدد السلم العالمي وتمتلك أسلحة بيلوجية وجرثومية لديها القدرة على إبادة إسرائيل ، هؤلاء بدعواتهم التي يطلقونها للريح يشبهون تلك الدعاية التي أثارها اليهود في فرنسا والتي حاولوا فيها أن يثبتوا بأن محمد الدرة كان يهودياً ومن أطلق عليه النار هم الفلسطينيون ، تشابهت قلوبهم .