الطرح يبدو معتدل وبه لمحات الحيادية، على الرغم من انه في النهاية افهم منه انه يصل ، من حيث الجوهر، الى الغاء العلمانية تماما من باب التصالح معها، وبطريقة سلسلة للغاية وغاية في البراءة.

في البدء شعرت وكان هناك نقاط التقاء، فالزميل دافع عن مفهوم العلمانية المجنى عليه. ولكنه يقفز الى الاستنتاج الى نفي القدرة على تطبيق مبدأ الفصل، ( المبدأ المركزي للعلمانية) الذي يحمي الدين والمواطن على السواء، ويحفظ الوطن ويبقي على سمو الديانات، انطلاقا من الادعاء ان " المجتمعات ( المعنية) تعادي العلمانية بشكل مطلق"، متجاوزا الاشارة الى ان التثقيف بهذا العداء هو حالة حديثة وصادرة حصرا عن القوى الدينية المنظمة والسياسية وليست عن الكتلة العفوية للشعب، وهي عملية موجهة تهدف بوعي على حشو معنى العلمانية بالاكاذيب من على منابر الجوامع.

اقدر تماما الاعتراف ان معنى العلمانية يمارس عليه تشويه واستعداء، غير ان اعترافك بقي على العموم وكأن من يمارسه هي قوى آتية من كوكب اخر ومجهولة الهوية والاهداف، والمقالة لاتقدم لنا عناصر المشكلة والمسؤولين عنه والموقف من عملية الكذب والتشويه وطريقة وقفها وادانة العاملين عليها، بل العكس اشعر وكأن هناك توجه لاعتبار الامر واقعا يجب قبوله والتعاطي معه والبناء على انه " منتصر" ولادافع له.
في ذات الوقت تقترح الحل " بتعريف صحيح للعلمانية" ولكن كيف طالما لايجري الاعتراف بمصدر التشويه والاسباب الايديولوجية المنظمة التي تقف خلفه؟

واشارتك الى كتاب العلمانية للدكتور المسيري، وكأنه " التعريف الصحيح للعلمانية" لايدلل على ان هناك رغبة لرفع الفهم الخاطئ عن مفهوم العلمانية وانما احتوائه بتبني موقف اصلاحي يقول دعونا نبقي مفاهيمنا عن العلمانية ونقسم العلمانية، حسب مضامينها التي وزعناها نحن لها، الى قسمين، قسم يمكن قبوله لانه مُدجن مع مواقفنا المسبقة وقسم يجب القضاء عليه بحجة تعارضه مع قيمنا الاسلامية تحديدا، وفي القسم الثاني تقع عملية الفصل بين الدولة والدين التي يرتعب منها التيار الديني واصل الخلاف، ليعود فيصبح الاسلام وحده فوق المواطنة والوطن، بعملية سحرية، مالذي تغير وماهو الفرق مع الاخرين الذين شوهوا العلمانية؟

ان الاخطاء التي ارتكبها المسيري في فهمه وعرضه للعلمانية، كانت على قاعدة " الاختلاف الثقافي والمعرفي " والايديولوجي، وهي اخطاء كثيرة، وفي هذا الشأن استطيع ان احيلك الى ماكتبه الاستاذ سهيل احمد بهجت في نقد كتاب العلمانية للمسيري ونظرته الخاطئة والاحادية، مهما كانت مغلفة بحسن الظن. وهي مقالات كثيرة غطت كتاب المسيري بكامله.
http://www.ahewar.org/m.asp?i=1152