اخترت هذا الموضوع للدكتور عبد المنعم سعيد لأنه وثيق الصلة بموضوع هذا الشريط .كذلك لتميزه الواضح لطبيعة المرحلة الإنتقالية التي أركز عليها هنا .
........................................................

المرحلة الانتقالية

من القاهرة
بقلم: د.عبد المنعم سعيد
الأهرام 3/10
ما يجري حاليا في مصر هو حالة فيها مزيج من الفوضي, وما تبقي من استقرار توفره الدولة التي باتت هي المجلس العسكري والقضاء والبيروقراطية. والفوضي ليست فقط ممثلة في حالة الانفلات الأمني أو تفجير منشآت عامة أو الإضرابات والاعتصامات المستمرة, وإنما هي في الأفكار والرؤي التي تتقلب لدي جميع الأطراف السياسية مع طلوع كل شمس. الواضح أن كل الأطراف لا يوجد لديها وقت للتفكير أو المراجعة, والذين يلومون المجلس لأنه ليس لديه خريطة طريق, لا يوجد لديهم الشجاعة لكي يقدموا برنامجا زمنيا وعمليا للانتقال السلمي للسلطة نجد في نهايته برلمانا ورئيسا مدنيا منتخبا انتخابا حرا ونزيها.
الأمر هكذا ليس مختلفا كثيرا علي طبيعة المراحل الانتقالية التي مرت بها دول قبلنا في وسط وشرق أوروبا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة, وحتي في روسيا نفسها, وكلها عانت من حالات متفاوتة من الفوضي اللهم إلا في حالات استثنائية في دول صغيرة نسبيا مثل دولة التشيك أو سلوفانيا; وما عدا ذلك كان التضارب قائما في كل شيء بينما الواقع الذي لا ينتظر أحدا يطارد أنصار التغيير كل لحظة. الفارق عندنا ربما, أو الدرس الذي ينبغي تعلمه, أنه لا يمكن حسم كل شيء خلال المرحلة الانتقالية, ومن المرجح أن هذه المرحلة في العادة تستغرق عقدا علي الأقل حتي تستقر الأمور علي مسار من نوع أو آخر كان أغلبه بالنسبة للأمثلة المشار إليها هي الخطوات التي حددها الاتحاد الأوروبي لانضمام هذه الدول إليه. أما الذين لم يأخذوا هذا المسار فما زالوا يعيشون المرحلة الانتقالية حتي الآن!.
عودة إلي مصر فإن المرحلة الانتقالية عادة ما تنقسم إلي مراحل, وما يهمنا حاليا هو أن نصل إلي نقطة وضع الدستور مع العلم أنه لن يكون الدستور الأخير, وهناك ما سوف يستدعي تعديله بعد أن تستقر الأمور نسبيا, ويصبح الحديث السياسي حديثا مدنيا من أوله إلي آخر وداخل قاعات منتخب من هم في داخلها وليس في أروقة السلطة العليا, أو حتي في لحظات الفراغ داخل المظاهرات والاعتصامات أو حتي داخل جدران جمعية أهلية لا يمثل كل من بداخلها إلا نفسه.
كل ما نحتاجه الآن هو أن نصل إلي بر الأمان بعيدا عن الفوضي والضجيج والعواصف, وبعد ذلك نبدأ في إصلاح السفينة, ومن بعدها نمدها بوسائل تجعلها أكثر سرعة وكفاءة وقدرة علي إسعاد ركابها.