أخي علي بكلامك هذا فأنت تجعل الضحية في كفة الجلاد وتجعل ردة الفعل في كفة الفعل وتجعل المضطهد - بفتح الهاء - في كفة المضطهد - بكسر الهاء - وتجعل الظالم في كفة المظلوم ، وهذا كفر بكل معايير المنطق والعقل وتغييب لكل مقاييس العدالة والإنسانية ومخالفة لكل نواميس وقوانين الكون القديمة والحديثة .

قلت لك سابقاً الحقوق لا تنسى بالماضي والتاريخ ليس معياراً للتفريط بها ، وإلا فأطلب من الدساتير والعالم الدولي أن يضع بنداً ينص على أن كل من ضاع له حق أو عرض فإنه ينتهي بعد عشرين أو ثلاثين سنة أما دون ذلك فخرط القتاد .

أما بخصوص فتوح المسلمين فرغم أنها حصلت في وقت وزمان وتاريخ يسمح بهذه التوسعات بل تعتبر هذه التوسعات سمته الغالبة والأساسية كما أن فتوح المسلمين كانت من باب رد الإعتداء وخير وسيلة للدفاع الهجوم فضلاً عن كون هذه الفتوح لم تحل شعباً محل شعب أو ترتكب المجازر في البلاد المفتوحة ، إنما الذي حصل أمم دخلت الإسلام أفواجاً أفواجا واقتنعت به وآمنت به ولذلك أصبحت إسلامية بالكامل ، معظم المصريين المسلمين هم من سكان تلك الأرض وكذلك معظم أهل المغرب الإسلامي وكذلك معظم الأتراك والماليزيين كما أن العرب الوافدين تمازجوا مع أهالي تلك البلاد ولقو الترحيب والإستقبال ولذلك أصبحوا جزء من تلك الشعوب ، بينما إسرائيل لا ينطبق عليها كل ذلك فهي جاءت بشعب في وضح النهار وبعد إقرار كافة القوانين الدولية التي تمنع مثل هذه التوسعات وأحلته مكان شعب آخر فقتلت وارتكبت المجازر تلو المجازر وشنت الحروب ضد كل دول المنطقة ولذلك هي كيان دخيل حقير لقيط ممسوخ مشوه زرع في جسد هذه الأمة ، ومصيره كمصير الإحتلال الصليبي ، إستعمار لمدة 120 سنة ولكنه في النهاية زال ، الصليبيون حالهم كحال اليهود تماماً شعب أحل مكان شعب وبقي في فلسطين وما حولها لمدة 120 سنة - تخيل عدد الأجيال التي ولدت في فلسطين - ولكن في النهاية هزموا وكان الجلاء الكبير من فلسطين على يد الناصر صلاح الدين ، أرأيت كيف أن مقارنتك لا تصح مطلقاً ؟

أما بخصوص اللاجئين فمعلوماتك أيضاً مغلوطة في هذا أيضاً ، لك أن تأخذ جولة في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا وغيرها - والتي يسكن فيها معظم اللاجئين - مخيمات تعيسة فقيرة ومنغلقة على نفسها ومحرومين من الكثير من المزايا السياسية فضلاً عن كون وجود الكثير من الدعوات من أهالي تلك الشعوب لا يرحبون بهم وخصوصاً في لبنان ، ورغم ذلك يفضلون العودة لفلسطين ومفاتيح البيوت ما زال يتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ، يا صديقي فكرك ومنطقك هذا هو عين ما قالته جولدا مائير " الكبار يموتون والأطفال ينسون " ولكن الكبار ماتوا فعلاً ولكن الأطفال لم ينسوا قضيتهم وسيبقون أوفياء لها ، من العار عليك أن تدعي بأن الفلسطينيين لا يودون العودة لبلدانهم وهم اصحاب المثل الشهير " من طين بلادك ليس خدادك " وأكثر من رفض كل المشاريع التي عرضت عليهم من أجل التوطين أو الوطن البديل وواجهوها بكل عنفوان ، ولك أن تقرأ عن قصص أهالي الخط الأخضر ومثال بسيط عليها ذلك العجوز الذي رفض بيع منزل صغير بعشرة مليون دولار وهذه الحالات تتكرر كثيراً جداً هناك ولك أن تعود لها ، وبعد ذلك تقول بأننا بعنا أرضنا ومن يعيش في الخارج لا يود الرجوع لفلسطين ؟

أما النكتة الثانية التي أتحفتنا بها وهي تمني الوفد المفاوض الإسرائيلي للسلام ، وهذه كذبة لم أكن أتوقع أن تنطلي على " عربي " ، فإسرائيل آخر من يبحث عن السلام وما هذا المصطلح إلا شعار ترفعه لإخفاء مخططاتها الإستيطانية التوسعية التي لا تتوقف قيد أنملة ، وبالمناسبة حتى حليفها الأمريكي ضاق ذرعاً بتطرف إسرائيل ولك أن ترجع للخطاب الشهير قبل أسلو لوزير الخارجية الأمريكي ومندوبها في الأمم المتحدة عندما وجه تعنيفاً شديداً لمندوب إسرائيل في الأمم المتحدة وعرض عليه رقم تلفون البيت الأبيض لكي تتصل عليه إسرائيل عندما تفكر في السلام - المشهد موثق في برنامج الجزيرة حكاية ثورة - .

أما النكتة الثالثة فهي طلبك من إسرائيل ضم جميع الأراضي الفلسطيني - يا سلام - طيب لماذا لا تقترح يا صديقي أن يتجمع جميع الفلسطينيين في سيناء ونضم سيناء بالمرة لإسرائيل ؟

أخي علي المقاومة الفلسطينية ستستمر ، وستواجه الإرهاب الصهيوني بالإرهاب ، وقتل المدنيين بقتل المدنيين كيلاً بكيل وصاعاً بصاع ، المقاومة الفلسطينية كان لها السبق في أكثر من عشرين دعوة موثقة على إسرائيل بأن تتوقف عن قتل المدنيين وأن تجعل الحرب والمواجهة من عسكري لعسكري ولكن إسرائيل رفضت ذلك قطعاً ، ولذلك هي من تتحمل نتائج أفعالها ، يعني ماذا تريد من شعب يقتل كل يوم أن يفعل ؟

وبالمناسبة إسرائيل لا تحمل بذور البقاء هي نفسها من داخلها مليئة بالتمييز العنصري والخلافات السياسية العميقة ، ولك أن تقرأ ان اضطهاد الأفارقة واضطهاد اليهود الغربيين " الأشكناز " لليهود الشرقيين " السفراديم " وعن العنصرية بين الجاليات الأوروبية نفسها وخصوصاً الروسية ، فهل تتوقع دولة بهذا النوع ستوفر للفلسطينيين نوعاً من الكرامة الحقيقية ؟ فقوتها العسكرية لا تمنع من فنائها وتآكلها ولك في الإتحاد السوفيتي خير دليل .

بخصوص ما حصل بين مصر وإسرائيل في الفترة الأخيرة فما دخل حماس في الموضوع من الأصل ؟ حماس لا تقحمها - رجاءً يا صديقي في هذه القضية التي لا يوجد لها أي صلة بها - كما أن فضل مصر في إنجاح صفقة شاليط مشكور وجهد مبرور ولكن في نفس الوقت عليك أن تدرك بأن ما فعله الوسيط المصري فعله قبل ذلك الوسيط الألماني بنفس الشروط وبنفس الجهد تقريباً وقد قارب على إنجاح الصفقة ولكن حصول الثورة أوقف كل شيء وجعل حماس تميل لمصر أكثر فأكثر وأعطتها ملف الوساطة وقبلت بها بعد أن أبدت استعداداً لتحمل هذه المسؤولية ولذلك لا تنسب كل الفضل لمصر وتنسى حماس أيضاً ، وبالمناسبة حتى تكون في الصورة صفقة العميل الإسرائيلي المعتقل لدى مصر ربط بصفقة شاليط وكان من ضمن شروط مصر لإطلاقه تعهد إسرائيل بانجاح الجزء الثاني من صفقة شاليط ، هكذا يكون التوحد العربي والتوافق في النضال المشترك في مواجهة عدو حقير واحد .

لا أن تتحدث عن تطبيع وسلام ، بينما هناك شعب كامل يقاوم ويحرر ويناضل من أجل استرداد بلاده ، كلامك هذا خيانة وطعنة في الظهر لنا ، وإن لم يكن كذلك فلا أظن بان هناك شيء اسمه خيانة في القاموس العالمي .