اقتباس:*
أنا أفكر وأتكلَّم كشريعة، ولكني أحيا وأنفعل وأخطئ كطبيعة.
هذا هو الفرق بين العقل والغرائز والمزاج . وهذا الشيء سوف يكون ، حتى لو نزعت عنك الدين والشريعة ، فسوف يكون امر لا بد منه لممارسة الحياة . لا احد تسير الحياة على مزاجه . لا بد ان يجد ان القوانين او المنطق تلزمه باشياء لا يحبها ، على الاقل في تلك اللحظة . اذا هذه الشكوى ليس المسؤول عنها الدين وحده . والانسان ليس ابن اللحظة بسبب وجود العقل ، بمعنى اخر : الغرائز مشغولة باللحظة والعقل مشغول بالمستقبل ، وهنا يحدث الصراع الداخلي . وهو الذي يقصده القصيمي .
اقتباس:*
لا يولد موقفُ الإنسان معه. كلُّ إنسان يولد بلا موقف، حيث يصنع موقفَه تحت عدد لا حصر له من الاحتمالات الحمقاء.
هذا ينفي على الاقل فكرة الجبر المطلق ، وان الانسان مخير كما اشار القران .
اقتباس:*
نحن نسمي بطلاً كلَّ من لم يجد الفرصة لكي يكون نذلاً.
لماذا لا يكون العكس ؟ فهو الانسب والاقرب للعقلانية ! أإلى هذه الدرجة البطولة سهلة و رخيصة عند القصيمي ؟ وتوضيح لفكرته الغريبة : فشخص يخترق المنزل المحترق لينقذ طفلا ، هو فعل هذا الشيء "السهل" لأنه لم يستطع أن يبتعد عن الموقف ويحمل المسؤولية غيره ويذهب يرتاح في سريره !! اختراق النيران هو السهل في نظر القصيمي ، والذهاب الى المنزل هو الصعب في نظره ، لكن الناس يخطؤون ولا يفهمون كما يفهم القصيمي ، فيسمون الاول بطلا والثاني جبانا ، فالمفترض ان يكون العكس بناء على راي الفيلسوف القصيمي !! الذي يريد ان يجعل من النذالة بطولة !
اقتباس:*
الأخلاقي هو من يَصْدُق مرة واحدة ليكذب عشرات المرات.
إذا الكذب سيء في هذه الحالة ، ويعترف هو بذلك . فلماذا لا يستمر ؟ اليس قبل قليل يمجد الرذيلة ، والكذب من الرذيلة ؟ موقف الرجل متناقض من الفضيلة و الرذيلة . لكنه ينطلق من فكرة اللحظة + المصلحة وينسى ما قاله من قبل ! مما يجعل التناقضات تتراكم وراءه وهو لا يدري !
اقتباس:*
ما أسخف الحياة لو كنا لا نفكر ولا نعتقد إلا ما نفعله.
العكس تماما هو الصحيح ، وهذه امنية البشرية التي لم يصل اليها احد ، وهي الانسجام بين الداخل و الخارج . و اي سعادة يحصّلها الانسان هي بسبب تقاطع الداخل والخارج . والعكس بالعكس . يجب قلب افكار القصيمي راسا على عقب قبل أن تـُقرأ لتكون صحيحة ، كما تـُعدّل السيارة المنقلبة .
اقتباس:*
الذين يفعلون الصواب لا يفعلونه لأنهم يحترمون المنطق. كذلك الذين يفعلون الخطأ، لا يفعلونه لأنهم يحترمون المنطق. ليست الحضارة أو الأخلاق أو فقدها منطقًا أو فقدًا لمنطق. إنها قدرة أو فقد للقدرة. ليس أعظم الناس إبداعًا وحضارة وأخلاقًا هم أعظمهم منطقًا.
عين على المنطق وعين على الحضارة .. الابداع قد يكون في الشر ايضا ، ومن الممكن ان تخسر ممتلكاتك او حياتك نتيجة سرقة من لص ماهر ومبدع أو نصـّاب محترف . العكس تماما هو الصحيح كالعادة . لم تقم الحضارة الا على المنطق ، وبما ان الحضارة ليست كلها سليمة ، فسيكون السبب هو نقص المنطق في تلك الاجزاء . العلم الحقيقي هو منطق حقيقي ، تعرّف على علم الميكانيكا وابحث فيه عن حركة او قطعة غير منطقية ، طبعا لن تجد ، واذهب الى الهندسة لتجد نفس الشيء ، كل علم ثابت هو منطق ثابت ومتفق مع العلم الاخر .
ثم القصيمي ينسب نفسه الى العقلانية والعقل في الوقت الذي يحتقر فيه المنطق !! وهذا تناقض . تلك الاجزاء غير المنطقية في الحضارة هي التي تعجبه . و ضحّى بالمنطق لاجلها . عندما تقول الحضارة ، فسيتبادر الى الاذهان : التقنية والطيران وناطحات السحاب الخ ، وكلها تسير بالمنطق . ناطحة السحاب هي منطق من اساسها الى راسها . و اي غلطة في المنطق تؤدي الى مشاكل او انهيار لتلك البناية ، واذا عرف السبب بطل العجب ، هذه الكلمة تقال عند اكتشاف اي خلل ، اي عندما يـُعرف المنطق الناقص .
لا يوجد شيء حقيقي الا وهو منطقي في نفس الوقت ، قال تعالى ( وما خلقنا السماوات والارض الا بالحق) ، والحق هو حقائق العلم والمنطق الثابتة ، بمعنى اخر : كل شيء في الكون هو علمي ، والعلمي هو منطق . وهذه الاية نفسها تنفي تهمة ان الدين يقدم حلول غير علمية للوجود والحياة ، لانه قال (بالحق) ، ولم يقل : (بقدرات لا يمكن ان تدرسوها ولا يمكن للعلم ان يعرفها) . وكل حق عبارة عن علم . وما ليس بحق لا يمكن دراسته . لأنه ليس له وجود . وما ليس له وجود لا يمكن معرفته . فالصدق يمكن ان يُبنى عليه ويُعرف ويُدرس ، ولكن الكذب عكس ذلك . اذا فكرة ان الحضارة خليط من الحق والباطل فكرة باطلة . فباطل الحضارة يُنسب الى الباطل ، و جيّد الحضارة ينسب الى الحق .
وليست كل الاضداد تصنع خليطا ، فلا بد لهما من شرط الوجود ، فعندما تخلط النحاس "الموجود" مع الحديد "الموجود" ، تخرج بشيء ثالث هو البرونز "الموجود" . بعبارة اخرى : لا يمكن ان تخلط شيء موجود بشيء غير موجود وتنشئ منهما شيء ثالث ! الشر لا وجود حقيقي له على الارض ، الشر ما هو الا تقطيع الخير فقط . الشيء المقطّع لا ترى منه الا قـِطـَعه ، لكن لا تجتمع السكينة مع اللحمة بعد ان قطعتها .
والقدرة بدون منطق تساوي جنونا ، والجنون ضعف لأنه يناقض نفسه ويفقد طاقته ، وهو يقول ان الحضارة تقوم بالقدرة و دون منطق !! و فقد الطاقة ضعف . وعدم المنطق يعني التناقض ، والتناقض يهدم ولا يبني .
متى يبلغ البنيان يوما تمامه .. اذا كنت تبنيه وغيرك هادم ..
وهكذا انهدمت هذه الفكرة بسبب التناقض .
اقتباس:*
حينما نشتبك في مناقشات ومبارزات جدلية لا نستعمل في الحقيقة عقولنا، وإنما نستعمل أعصابنا وتوتراتنا – أيدينا من بعيد. إن من يقاتل بعقله إنما هو يقاتل بيديه اللتين أخفاهما وراء كلماته.
هذا الكلام يثبت تقليل الشأن للعقل والمنطق من جهة ، مع التعميم بلا دليل من جهة أخرى ، وكأنه يقف في صف الغرائز التي يعتقد ان الرذيلة تنطلق منها ، ناسيا ان العقل ايضا اقتنصه الانسان بسبب تلك الدوافع والاعصاب كما يسميها . بمعنى ان العقل بناه الانسان بدافع الحاجة الوجدانية ، لأنه غير مولود مع الانسان . وهو يتصور مع نيتشه ان مكمن الرذائل يقبع في اعماق النفس البشرية وليس في تلك الاعماق الا هي ، اي ان الانسان رذيل بطبعه ، وان الاديان والحضارة هي التي تحاول ان تلزم الانسان بخلاف طبعه ، هكذا تصور هو ايضا . واستنتاجهم هذا يفتقر الى النصف ، فهم بنوه على ما يخرج من الانسان من نزوات انانية و شهوانية ، ليستدلوا من الظاهر على الباطن ، متناسين ان الانسان خرج منه ايضا غير تلك النزوات ، فمثلما تخرج الانانية من الانسان خرج الايثار ايضا من الانسان ، ومثلما تخرج الفوضوية على شكل نزوات ، كذلك خرج العقل و المنطق ، من الانسان ايضا ، اذا هناك ثنائية يجب النظر اليها من كلا الطرفين . فالعقل والمنطق والاخلاق والدين صفات انسانية ، ولم تفرض عليه من كوكب اخر ، والناس هم الذين احبوها ونمّوها ودافعوا عنها ، مثلما ان الناس احبوا الشهوات والنزوات . اذا لا يحسُن النظر بعين عوراء كما ذكر فرويد في كلامه عن العقل الباطن . مستدلا عليه من نزوات الظاهر .
اقتباس:*
إنك، إذا استعملت منطقك ضد إنسان، فأنت تريد أن تقتله أو تسبَّه أو تهزمه، ولست تريد أن تعلِّمه. إنك حينذاك شاتم، لا معلِّم.
الكلام يتعلق بالدافع ، فقد تستعمل المنطق لكي تفهّم ابنك الذي تحبه وتتمنى الخير له . هذا التعميمات للقصيمي لا تملك كوابح للايقاف ! فقد تستخدم المنطق بدافع الانانية ، وقد تستخدم المنطق بدافع الحب . الانسان لا يفعل شيء بدون دافع ، ولكن هؤلاء الماديون يحاولون ان يركزوا الدافع بالدافع السيء الاناني الشهواني . وتحديدهم لدوافع الانسان بأنها دوافع سيئة هذا ما يريدونه ، ولكنه ليس علميا ولا واقعيا . ونحن نبحث عن ما هو علمي و واقعي ولسنا نبحث عما يريدوه .
اقتباس:*
إن الإنسان لا يفكر أو يناقش ليخلق حالة، بل ليشرح حالته. إننا لا نستمع إلى من يفكر أو يناقش لنتعلم منه أو لنفحص عما نسمع، ولكن لندافع عن حالة نحياها أو نتمناها أو نريدها.
هذا تعميم يناقض الواقع ، ليس كل الناس بهذه الصورة التي يصر على رسمها ، اذا تكلم الانسان عن نفسه وواقعه لا يعني هذا انه يتكلم عن كل الناس ، نعم يوجد كما يقول ، و يوجد حالات معاكسة . انه لا يؤمن بالثنائية الاجتماعية . ولا بثنائية اتباع الخير واتباع الشر ولا بالحمائم والصقور ، فالناس عنده كلهم سيئون في دواخلهم ، وهذه النظرة لا تبني محبة بين الناس ولا ثقة . وبسبب هذه المغالطة الجذرية نتج التعميم وانسحب على كل ما يقوله القصيمي واساتذته وتلاميذه الماديون . المؤمن الحق هو الابعد عن التعميم . لانه مؤمن بالثنائية ، ثنائية الخير والشر ، اذا المادي دائما ينحو نحو التعميم على كل الناس ، وهذا ما ستلاحظه على كل الماديين عندما يتحدثون عن الافراد والمجتمع . ولهذا القرآن لا تعميم فيه بمثل هذا الشكل ، كثيرا ما نجد فيه : ( إلا قليلا منهم) (إن الذين امنوا) (إن الذين كفروا) (أكثرهم فاسقون) إلخ من الاستثناءات المعروفة في القران . اما القصيمي فلا استثناءات في كلامه . والاكثر استثناء هو الاكثر دقة وتحريا للصواب .
اقتباس:*
أنا أفكر لأني أحيا، ولا أحيا لأني أفكر. أفكارنا دائمًا تعبير عنا، ولسنا تعبيرًا عنها. كلُّ جهاز يصنع عملَه، ولا يصنعه عملُه.
العكس هو الصحيح ، كل كتابات القصيمي تتكلم عن الافكار التي يعتنقها والتي هي تصنعه ، ولو كان كلامه صحيحا لتكلم عن حياته وليس عن افكاره . الحقيقة ان افكارنا هي التي تصنعنا ، ولسنا نصنعها . والجهاز الذي يعمل ، هو يعمل لكي يخدم فكرة ، الفكرة والهدف من الجهاز موجودان قبل وجود الجهاز . بل ان حياة الناس تتضرر بسبب افكارهم ، ومع هذا يتحملون نتائجها وربما فقدوا حياتهم راضين بسبب افكارهم . بل ان سيرة حياته وهجرته وما تعرض له من صراعات ومشاكل كانت بسبب افكاره وليست بسبب حياته .
شخصية الانسان هي مجموعة افكاره . فيقال عن شخص ان شخصيته تتميز بالدقة مثلا واحترام الوقت والانضباطية وغير ذلك ، و ما هذه الاشياء الا افكار رأى انها هي الافضل . فتبناها فتحولت الى عادات عـُرف بها وبالتالي اتسمت شخصيته بطابعها .
اقتباس:*
الآلام قد تتحول إلى أفكار، لكن الأفكار لا تتحول إلى آلام. قد يصبح التشاؤم تفكيرًا، لكن لن يصبح التفكير تشاؤمًا. لو كانت الأفكار تصنع الناس لأمكن صنع أعظم الشعوب بإعطائها أعظم الأفكار. الشعوب العظيمة تبدع أفكارًا عظيمة، لكن الأفكار العظيمة لا تبدع شعوبًا عظيمة.
اذا ما فائدة الافكار العظيمة طالما انها لا تصنع شيئا ؟ وعلى اي اساس وصفها بالعظيمة بينما الافكار لا تصنع شيئا كما يقول ؟ ولماذا سماها افكارا عظيمة ؟ وما دامت الافكار لا تصنع ولا تغير في الناس شيئا ، فلماذا اجهد نفسه في نقد افكار مجتمعه واستجلاب افكار غربية نتشوية لتحل محلها ؟
اليس من افكار القصيمي كشخص مادي ان الانسان ابن بيئته وان البيئة والمجتمع هي التي تصنع الانسان و تشكله ؟ اذا فالافكار هي التي تصنع الناس . و لماذا هو يحارب افكار الدين طالما ان الافكار لا تؤثر في الناس ؟ و كيف يسمى مفكرا من يرى ان الافكار ليس لها قيمة ؟!! بعد هذا ، نجد القران على الطرف الاخر يهتم جدا بموضوع الافكار ، ويجعل منها اساسا لمصائر الناس بعد الموت .
يتبع ..