عزيزي جمال الحر،

موضوع فيه ذكاء بالفعل وقد يكون محرجاً بالفعل لو أنّ الله وعد أنّه سيقتل كلّ نبي كذاب، رغم أنني لا أعترف بالعهد القديم كتابا حرفياً لما تحدّث به الله بالمفهوم القرآني (وهذا ذكرته في موضع آخر).

تث-18-20: ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولاً لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ.

هذه هي الترجمة اليسوعية للآية وهي الترجمة العربية الحديثة والمعترف بها في لكنيسة الكاثوليكية.

بينما الترجمة المقتبسة في هذا المقال تفيد:
تث-18-20: وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.

وعلى أية حال: كلا الترجمتان لا تفيدان أن الله سيقتل النبي الكاذب، بل أنّ النبي الكذاب يجب أن يموت أو أن يُقتَل، بمعنى أن تعمل الجماعة على قتله.

وهذا ما أمر به الرب في مواقع أخرى من السفر عينه بخصوص أشخاص آخرين:

تث-17-12: وأَيُّ رَجُلٍ تَصَرَّفَ بِاعتِدادِ النَّفْسِ ولم يَسمع مِنَ الكاهِنِ الواقِفِ هُناكَ لِيَخدُمَ الرَّبَّ إِلهَكَ أَو مِنَ القاضي، فليقتَلْ ذَلك الرَّجُل، واقلعَِ الشَّرَّ مِن إِسْرائيل،

تث-22-25: فإِن صادَفَ الرَّجُلُ الفَتاةَ المَخْطوبَةَ في الحَقْل، فأَمسَكَها وضاجَعَها، فلْيَمُتْ ذلك الرَّجُلُ المُضاجعُ لَها وَحدَه.

فهل تعني هذه الآيات، أن كل من تصرف تصرفا غير لائق في الهيكل وعاش هو بريء؟ أو أن كل من اغتصب امرأة ولم يقتل أو يمت ، فهو بريء؟

بالطبع لا. فمهمة قتله هي مهمة الشعب وقادة الشعب، وليس هناك أي إشارة إلى أنّها مهمة الله.

وهذا ما فعله اليهود مع المسيح: اتّهموه بالتجديف على الله فقاموا بقتله معلقاً على الصليب.
وبحسب هذه التعاليم حاول اليهود أيضاً قتل محمد من بعد المسيح يسوع، ولكنهم فشلوا. ولكن هذا لا يشكل أي دليل على أن الله أرسل محمداً نبياً في العربية. فمهمة قتل النبي الكاذب تقع على عاتق الشعب.

أما لماذا لم يقتل المسيح يسوع محمد، ولماذا لم يقتل أتباع المسيح يسوع محمد، فيكفيك أن تقرأ الإنجيل لتعلم أن رسالة الله كما أعلنها المسيح يسوع، مختلفة تماماً عن الرسالة التي يزعم اليهود أن الله أعطاهم إياها عن طريق موسى.

والدليل على ذلك؟

عندما سأل شابٌ السيد المسيح أن يعلّمه جوهر شريعة موسى، والوصية الأعظم فيها، أجابه المسيح:

أن تحب الله من كل قلبك
وأن تحبّ قريبك كنفسك.

أعتقد أن أي يهودي أو مسلم اليوم، لو سئل هذا السؤال، لجاء بألف إجابة ولكنّه ما كان ليتخيّل للحظة مثل هذه الإجابة، لأنّها وصية مخفيّة بين آلاف الأوامر بالقتل والتنكيل والدمار من جهة، وبين عشرات آلاف الوصايا بماذا يرتدون وكيف يأكلون ويصومون، وكيف يصلون وكيف وكيف وكيف بلا نهاية.

تحياتي القلبية