آسف على تأخري في متابعة الردود .
فقط أريد أن أشير إلى نقطة أراها جوهرية .
كان عمر بن الخطاب يخشى ألا يوفق في السؤال و ليس في الإجابة ، هو بالقطع يقصد سؤال الله عن حاجته ،و لكن فولتير كان يستخدم تعبير مشابه يقصد به شيئا مختلفا ، فكان يقول "يمكنك الحكم على الإنسان من الأسئلة التي يطرحها بأفضل من حكمك عليه من إجاباته " . هذه النقطة جوهرية للغاية ، أنظر إليها بشكل أكبر كثيرآ لأني أرى أن الحضارة نفسها هي السؤال ، أي القضايا التي يطرحها العقل .
لماذا أتفلسف ولا أقول ما أريد مباشرة ؟. لأني قلته كثيرا جدا بلا أي استجابة تقريبا !. في الشأن المصري و أخشى في العربي كله ، نحن لا نسأل السؤال المناسب ،و بالتالي فأفضل إجاباتنا ستكون عن سؤال بلا ضرورة أي نجتهد عبثا . هذا الخطأ ليس نتيجة أننا نفتقد العقل و الحكمة ،و لكن لأن الإعلام المصري تحديدا هو الذي يفتقدهما و بالتالي يقود متابعيه من المصريين و العرب إلى الوقوع في هذا العبث .
نحن نجيب عن أسئلة غير صحيحة ،و نترك الأسئلة الملحة بلا تحديد و بالتلي لا يجتهد فيها أحد ،و إذا حدث و طرح احدنا السؤال الحصيف و حاول الإجابة عليه ، فسوف يظن المجموع أنه أخطأ الإجابة أو على أحسن الفروض أنه يتهرب منها لأنه زحفطون أو فلول أو كلاهما و فقآ لعقلية مشوشة صارت شائعة للغاية .
في الشأن المصري يجتهد الجميع تقريبا في شرح و تحليل الصراع بين الشباب الثوري البطل ضد المجلس العسكري الشرير ، و متعلقات هذا الصراع من قضايا مصيرية مثل هل تمتلك المناضلة " أسماء محفوظ " سيارة خاصة و من أي نوع ؟، أو هل " ممدوح حمزة " ثورجي عتويل أم نص لبة ،و هل المشير طنطاوي كان ابن سائق المشير الاخر عبد الحكيم عامر أم ابن باشوات كبار مثل السيد طارح السؤال نفسه . و هكذا تطرح الموضوعات و يتجادل فيها الزملاء بحماس يدعو إلى التعجب الحقيقي . هذا ما أسميه السؤال الخاطئ الذي يدمر أمثاله الحضارات أو يصنع نوعا رديئا منها .
السؤال لا الإجابة هو المشكلة و هو الحل .
أن نطرح الأسئلة الحقيقية الجوهرية . السؤال الحقيقي الذي حاولت أن ألفت الإنتباه اليه منذ شهر مارس الماضي – وبلا جدوى - هو الإستعداد للإنتخايات المصيرية القادمة التي ستحدد مستقبل مصر ل50أو 100 سنة قادمة ، مذكرا دائما بقول " فاليرشتاين " أنه في فترات التحول فالمداخلات البسيطة تكون لها نتائج عظمى ،و لكن لأن الإعلام المصري لا يهتم بمثل تلك القضايا المصيرية ( التافهة ) فلم يعهتم بها أحد من زملائنا العرب ولا المصريين في معظمهم لأنهم جميعا لا يخرجون عن المقرر الرسمي للإعلام المصري ، فمنه ستكون إمتحانات نهاية العام !.
لأن ما حدث -الذي أكد كل توقعاتي حرفيا- أصبح من الماضي ، فالسؤال الذي أراه ملحا في الشاأن المصري الآن هو ما طرحته في نهاية المداخلة السابقة ،و الذي هو أيضا موضوع هذا الشريط و هو سؤال يبدوا محسوما في صياغته ،و لكن في مصر الان حالة سيولة قصوى ، فالمنطقي لا يعني أن يكون منطقيا و المحيوم بالقطع لن يحسمه العقل السائد .. السؤال هو : " هل الشرعية للنخبة الليبرالية ( الشوارعية ) أو للمجلس التشريعي المنتخب . هل الشعب هو مصدر السلطات أم هو تحت الوصاية لأنه جاهل و متخلف ؟.ووصاية من ؟. و لم ؟." . أما المجلس العسكري فهو في سبيله الان للخروج من المشهد السياسي كلية ، مسلما الساحة لصراع – أراه عبثي و منزلق خطير - بين السلطة الإسلامية المنتخبة باأغلبية هائلة ،و بين النخب الليبرالية ( فقط للتمييز فليست ليبرالية قطعا ) التي لفظها الشعب فلجأت لسلاح خطير هو التمترس في الشارع ، بينما مصالح مصر العليا ( الأمن – الإقتصاد ) لا تعنيها في شيء .
أتمنى أن تكون هناك إجابات محددة على هذا السؤال ، اما من يريد أن يسمع كراس المحفوظات عن الثوار الأبرار و المجلس العسكري الحمار ، أو قاموس الشتائم الثورية لنوارة نجم فله ذلك بالقطع ، فقط أستأذن في عدم التعليق على تلك القضايا المصيرية لأني لا اراها كذلك .