{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
جدلية السياسي والفكري
Reef Diab غير متصل
Ziyad Diab
****

المشاركات: 290
الانضمام: May 2011
مشاركة: #1
جدلية السياسي والفكري
ثمة تداخل بين السياسي والفكري، يتحكم كثيراً بطبيعة العلاقة بينهما، وهو استناد كل منهما إلى إيديولوجيا محركة مضمرة في ثنايا الممارسة، سواء كانت معلنة أو غير معلنة، ولذلك ما من سياسة دون أيديولوجية فكرية تخط لها المسارات، وما من فكر لا يرمي ممارسة سياسية مؤدلجة
ولذلك لا مجال للفصل بينهما، فهما متداخلان وإن اختلفت الأدوات، وهما في حالة شبيهة بالمواجهة إن لم يكونا في حالة مواجهة تماماً، ونمط التبادل والتواصل بينهما يعطي التركيبة الاجتماعية السمة التي تمتاز بها سواء أكانت هذه التركيبة على صعيد قبيلة أو دولة أو غير ذلك، وللممارسة السياسية التي تعمل في ظل فكر ما وضمن إطاره، صفات قريبة من الفكر الذي ينمو تحت رعاية ممارسة سياسية، وإن كان الأول أقرب إلى الحزم، والثاني أميل لليونة، فكلاهما يعاني مشكلة الظل، حيث يجثم عليه، ويؤطره ويحدد له المسار أو الفضاء الذي يحلق فيه.
وجدلية السياسي والفكري تختلف من منظومة اجتماعية إلى منظومة أخرى، ففي حين نجد أن العلاقة بينهما تكون شفافة إلى حد ما في نظام اجتماعي ما، نجد أن العلاقة تكون غامضة ومعتمة في نظام آخر، ولكن شفافية العلاقة لا تنبئ عن وضع حقيقي دائماً كما إن العلاقة الغامضة لا تخفي الكثير من سماتها وإن كانت من المسكوت عنه.
ولسنا في صدد بيان الشكل الأمثل للعلاقة بينهما، فلكل ظرف ومعرفة وحالة ما يناسبها من تصورات متعددة، وبآن واحد. ولكن دراسة العلاقة تبين السبل الأفضل للعلاقة، أو تمهد لعلاقة أرقى وأنفع، وخاصة في المجتمع الذي يرمي تحقيق حضور غني ومؤثر في حاضره أو مستقبله.
المواجهة بين السياسي والفكري وخاصة في إطار الدولة الحديثة بات مطلباً ملحاً لكل منهما، فالسياسي يفترض فيه التعامل مع البعد الواقعي للقضايا الأساسية للمجتمع، والفكري يفترض فيه التمتع بنظرة ثاقبة تستشرف الآفاق المحتملة والممكنة، وبشكل آخر فإن السياسي يرسم المسارات بينما الفكري يطرح الأهداف القريبة والبعيدة، فالثقافة مثلاً تتطلب من السياسي تهيئة الوسائل وتأمين الإمكانات والأطر، بينما تتطلب من الفكري رسم الأهداف وتحريك التيارات بحيث تتواصل وتتبادل وتغتني ببعضها بعضاً.
والعلاقة الرديئة بين السياسي والفكري تكون في إطار شكلين: إما موالاة الفكري للسياسي، وهنا يغدو الفكري مجرد أداة إعلامية وتدجينية بيد السياسي، وإما في الصراع الحاد بينهما، فيغدو الفكري مجرد أداة في صراع غير متكافئ، أو صراع من أجل السلطة من حيث كونها فرض هيمنة عامة على حياة مجتمع بمختلف جوانبها، لا من حيث كونها سلطة لتنفيذ القانون والدستور وما إلى ذلك من قيادة المجتمع والدولة، وفي حالة الصراع تميل السلطة إلى الاستبداد سواء أكان استبداداً موجهاً أو استبدادا عاماً، ولا يمكن للعلاقة بينهما أن تسلك الطريق الصحيحة ما لم تتم عملية دراسة الدور والوظيفة والعلاقة.
والعلاقة بين السياسي والفكري ما لم ترق إلى علاقة تبادل فاعلة، فإنهما يشغلان المجتمع وينشغلان عنه بأمور ليست في صالحه، فإذا كان الفكري موالياً للسياسي، فإنه لن يعدو إطار التمهيد لما يريده السياسي، أو إطار التسويغ لما يقوم به، وفي كلا الحالين يكون الفكري خارج دوره ومهامه، ويكون السياسي فوق المصالح العامة، بل منفصلاً عنها ومنشغلاً بالسلطة وتدعيمها بدعائم غير شرعية، وإذا كان الفكري مناهضاً للسياسي، فإن طبيعة المناهضة تتحكم في مردود هذه العلاقة، فإذا كانت المناهضة تمثل تياراً نقدياً يشير إلى الأخطاء والعثرات والنواقص، وطرح أفكار بخصوص العلاقات الخارجية للدولة والمجتمع، وكذلك طبيعة البنيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتربوي الداخلي، وتتواصل السلطة السياسية مع هذه الأفكار والإشارات عبر علاقاتها وخططها، فإن المناهضة سواء أكانت من تيار معارض ( بمفهوم الدولة الحديثة)، أو من رقابة مؤسساتية أو إعلامية، تأخذ دوراً فاعلاً في عملية التنمية. وإذا كانت المناهضة تأخذ شكل فرض الإرادات والتأثير عبر صراع يحاول فيه الفكري أن يقزم السياسي، ويحاول السياسي أن يكبت الفكري وأن يقلم تدخله وأن يحدده، فإن العلاقة تنحدر إلى ما ذهبنا إليه سابقاً من صراع، فيتحول الجدل المعرفي إلى جدل سلطة وبمعنى آخر صراع السلطة، الذي يدفع ثمنه التيار الخاسر والمجتمع معاً.
ولعلنا لو تأملنا النمط الديمقراطي الغربي، لوجدنا علاقة معقدة قريبة من التكافؤ، ولكنها ليست متكافئة، فالفكري لا يوجه الأحداث والممارسات، إنما يخضع لها، ولكنه في نفس الوقت يتمتع بهامش انتقادي واسع جداً، أما في العالم النامي فغالباً ما تكون هذه العلاقة بين حدين متطرفين، إما حالة عداء شديد تقلق حياة كليهما، وإما حالة موالاة تختصر دور أحدهما، ولأن السياسي يتمتع بالرهبة، فإن الفكري يلتف على نفسه ويتقوقع.
جدلية السلطة والمعرفة تؤثر في كل أشكال الحياة في المجتمع والدولة، ومن هنا لا بد من فهم هذه الجدلية حتى يتمتع السياسي بالشرعية والتمثيل الفعلي للتيارات الفكرية داخل المجتمع، وكذلك لينال الفكري مكانته التي تجعله في إطار دوره الأساسي المتمثل في الحوار واستشراف الأفق الأكثر تطوراً وتنمية ورفاهية.
02-28-2012, 10:59 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
جدلية السياسي والفكري - بواسطة Reef Diab - 02-28-2012, 10:59 AM
RE: جدلية السياسي والفكري - بواسطة خليل خليل - 10-30-2012, 08:18 PM,
RE: جدلية السياسي والفكري - بواسطة خليل خليل - 10-31-2012, 03:45 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الاغتيال السياسي وذاكرة سليمان الحلبي فارس اللواء 1 634 10-06-2013, 01:25 PM
آخر رد: observer
Question مخاطر الإسلام السياسي على حركة التحرر العربي ..الاسلام بشقيه بخدمة الغرب الامبريالي زحل بن شمسين 3 1,121 06-16-2013, 07:55 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  التحديات الحقيقية .... في الإصلاح السياسي في سورية .. vodka 0 769 08-18-2012, 11:51 PM
آخر رد: vodka
  التوت والنبّوت و"الفلول" وقانون "العزل السياسي" فارس اللواء 1 896 06-17-2012, 07:39 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انكماش الرأي حسب تغير الدافع.."قراءة في جدلية الإخوان والولايات المتحدة" فارس اللواء 4 1,315 03-11-2012, 03:04 PM
آخر رد: فارس اللواء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS