تعليقي على مقال د. عبد المنعم سعيد في الأهرام .4/42012

http://www.ahram.org.eg/858/2012/04/04/11/141282.aspx
...........

مبدئيا أتفق مع د. عبد المنعم سعيد في أهم ما جاء به في مقالاته السابقة : التمسك الصارم بالجدول الزمني و آليات العمل وصولآ إلى استعادة كيان الدولة - القبول بلجنة إعداد الدستور - البدء فورآ في إعداد الدستور – الإستعانة بلجنة فنية تعمل كجهة استشارية للجنة إعداد الدستور – لجان الإستماع .
بدلآ من اتخاذ (المواقف التاريخية) و ممارسة السياسة على طريقة د. البرادعي ( الإدانة ثم الإنسحاب ) بينما الإنسحاب ذاته هو ما يستحق الإدانة ، على الجميع القتال في مواقعهم بمعنى الكلمة . إن رفض الإشتراك في إعداد الدستور سيجعل الفرصة سانحة تماما كي يسيطر الإسلاميون على اللجنة و بالتالي صياغة دستور أصولي متشدد يدمر مصر كدولة مدنية و يحيلها إلى مجتمع طالباني متخلف ،وهذا هدف معلن للسلفيين و جناح يعتد به من الإخوان المسلمين على الأقل . تصور أن الإنسحاب يفقد لجنة الدستور شرعيتها فكرة مخادعة ، لأن هناك أكثر من معنى للشرعية ، كل فريق له تصوره المختلف لتلك الشرعية ، الأمر كما هو واضح توازن قوى ،و إنسحاب فريق لا يعني سوى إضافة قوة إلى الاخر . إذا على النخب الحداثية و المستنيرة التضحية و العمل مع المنتخبين شعبيا من أجل نجاح التجربة فبغير ذلك لن يكون هناك تاريخ لأحد في مصر ، بل لن يكون هناك أي تاريخ . أيضا على الإخوان إتخاذ مواقف أكثر كرما و غيرية ، و التضحية ببعض حقوقهم من أجل مصر التي لا أشك أنهم يحبونها مثلنا جميعا ، خاصة أن مصر كانت كريمة معهم بل بالغة الكرم .المصريون جميعهم الان في قارب واحد ،و علينا ألا نسمح لأحد باشعال القارب أو ثقبه . أرى أن هنا تحديدا يبرز دور المجلس الأعلى كقوة وطنية محايدة ،و أن واجبها هو العمل كعامل مساعد catalystفي تقريب وجهات النظر دون الدخول في التفاعل ذاته ،و لكن قد يبدوا أنه من التناقض أن نطالب المجلس بالتدخل لصالح القوى الليبرالية و المسيحيين ، وهي نفس القوى التي بالغت في عدائها للمجلس الأعلى و القوات المسلحة بلا أي بصيرة سياسية ، و لكن نتيجة استدراجات نعرفها جميعا . رغم ذلك نقول أن هذا التدخل مطلوب اساسآ لمصلحة مصر العليا ، ولن يحافظ عليها في النهاية مثل جيشها الوطني صاحب السجل الناصع عبر التاريخ . إن انفراد الإسلاميون بوضع الدستور المصري رغم أغلبيتهم الشعبية التي لا يجادل فيها منصف ، هي أيضا ضد مصداقيته و مصداقية الدستور نفسه .لقد وصل الإسلاميون لحكم مصر ليس نتيجة دستور إسلامي بل لشعبيتهم و نشاطهم وسط الشعب ، و لن يخدمهم دستور إسلامي يأتي على حساب ثقة الشعب بهم .