إجمالا لا يوجد في الاردن أعراق وقوميات ولا حتى تعددية طائفية بالمعنى المعروف وبالتالي لا يوجد عنصرية موجهة ضد قومية أو طائفة أو عرق ما فالشركس والشيشان يتكلمون اللغة العربية مثلهم مثل كل الناس بالشارع ووجودهم أصلا غير محسوس لأن تعدادهم هو دون الـ 1% من مجمل السكان مثلهم مثل البهائيين والدروز ، فالكل عربي اللسان ومعظم المجتمع يدين بالإسلام السني وحتى المسيحيين الذين تصل نسبتهم إلى 6% من تعداد السكان يتعايشون بسلام ووئام مع المسلمين في الأحياء والمدارس والشركات والمؤسسات الحكومية ... الخ بمعنى لا يوجد احتقان طائفي ضد المسيحيين كما هو الحال في لبنان ومصر مثلا.

العنصرية في الأردن عندما تجدها تأخذ شكل آخر غير المعهود في مجتمعات أخرى ، هو شكل الأصول والمنابت (شرق غرب) فهناك الشرق اردنيين وهناك الأردنيين من اصول فلسطينية الذين هاجروا للأردن بعد حربي 1948 و 1967 وهناك عنصرية أخرى أخف بكثير بين الشمال والجنوب.

وعندما أقول العنصرية لا أعني انها ظاهرة شائعة في المجتمع أو أن هناك حالة احتقان لا سمح الله بين الطرفين بل أعني ظاهرة موجودة ولكن في نطاق ضيق ، والدليل على كلامي أنه في نفس الأردن الذي يبلغ تعداد سكانه 6 ملايين نسمة هناك نصف مليون زيجة مشتركة بين الطرفين ما يعني مليون نفس وإذا جمعنا الأولاد معهم بمعدل 3 أطفال للاسرة سنجد أن نصف المجتمع قد تزوج من الطرف الآخر أو جاء نتيجة زيجة مشتركة ، وأن النصف الآخر من المجتمع يمتلك علاقات نسب ومصاهرة مع الطرف الآخر... لكن هذا لا يعني أنها حالة غير قابلة للتفجير اذا ما حصلت اضطربات سياسية لا سمح الله ادت الى تدمير مؤسسات الدولة بل هي نار تحت الرماد

من أذكى هذه النزعات للأسف هو النظام الهاشمي وتحديد الملك حسين الذي زرع شجرة الفتنة ورواها وسهر عليها ، نتيجة حسابات ضيقة جدا تعتمد على مبدأ فرق تسد وتخويف كل طرف من الآخر ، فعمل على إعطاء الشرق أردنيين تمثيل سياسي أكبر من وزنهم السكاني سواء بالحكومة أو بالبرلمان لدرجة أن بعض الدوائر الانتخابية للشرق اردنيين تأخذ تمثيل يعادل 5-10 أضعاف الدوائر الانتخابية للأردنيين من أصول فلسطينية.

وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد بل هو تقريبا سد كل منافذ التوظف الحكومي في الدوائر المدنية والعسكرية على ذوي الأصول الفلسطينية وجعلها مقتصرة على مكون واحد من مكونات المجتمع ، ولكي تكتمل المهزلة أدخل التمييز حتى في نظام القبول إلى الجامعات الذي يفترض أن يعتمد مبدأ المساواة أو التنافس وفق مبدأ تكافؤ الفرص.