السيد "فارس" تحياتي،

لا يوجد عقد إجتماعي بتاتا بين النظام السوري الذي يمثل الدولة وبين الشعب السوري. العقد الإجتماعي تعريفا هو مجموعة من الشروط تحكم العلاقة بين طرفين – هنا الحاكم والمحكوم. وفقا لهذه العلاقة، يختار المحكوم أن يولي الحاكم عليه بشرط أن يحكم الحاكم بالعدل والنزاهة وبالطريقة التي ولاه المحكوم أن يحكم بها. هكذا نفهم العقد الإجتماعي في الدول التي تعرف المواطنة. وهذا المفهوم، كما هو واضح إذا، ليس سوى أضغاث أحلام في سوريا. فلا المحكوم اختار أن يولي الحاكم أمره، ولا الحاكم يحكم بنزاهة وعدل وفقا لمشئية المحكوم. نعم، يحق لك أن تفهم العقد الإجتماعي كونه خضوع للإرادة العامة ولكن في تلك الحال لا يحق لك أن تسمي حالة الفرد في المجتمع "مواطن" ولا يحق لك تسمية الكيان السياسي "وطن". المواطنة تفترض العقد الإجتماعي الذي يكون المواطن طرف فيه.

لنعود إذا، الى النقطة الاساسية التي جاءت بنا الى هذه التوضيحات وهي إدراج الكاتب في المقال الأساسي أن ممارسات الثورة السورية تضعف الإنتماء الى الوطن. فإذا أسلمنا بالدلائل أنه لا يوجد "وطن" في سوريا لكي تضعف الثورة الإنتماء اليه، وأن كل ما يوجد هو نظام استبدادي يشبه أنظمة القرون الوسطى الإقطاعية، فأنا لست بجاجة أن أثبت أي علاقة بين الإنسان السوري وأرضه .. لأن هذه العلاقة لا أهمية لها في إثبات أي من النقاط التي تهمني في هذا النقاش.

وبهذا، وبالنسبة لبقية ما أورده السيد "فارس" في مداخلته نعود الى نقطة البداية وقد أتممنا الدوران في حلقتنا المفرغة وهي أنه يجب التعيين وبيان الرتبة ومن ثم القرار أي من الخطأ يجب تجاوزه .. أي عقلنة القبول بجرائم النظام السوري كخيار مبني على أسس عقلانية.

السادة، هلا أدلكم على مثال نموذجي للتنافر المعرفي (cognitive dissonance) ؟ هو بين أيديكم في هذا الشريط.