(05-24-2012, 03:11 PM)thunder75 كتب: اقتباس:- بقيت قصة "التسامح" قبل "نظام الاسد، و"تجميل عهد البرجوازية السورية". برأيك يا صاحبي هو "تسامح" أن يدخل "حافظ الأسد وصلاح جديد وسليم حاطوم" أمس الكليات العسكرية؟ Smile ... هل تعلم بأن وجود هؤلاء في الجيش وقتها كان نظراً لأن "أولاد الأكابر من أهل السنة" كانوا يأنفون من "المرمطة" في الجيش ويتقلدون "عالحارك" مناصب رفيعة في الدولة؟
وجود "حافظ الأسد" وغيره من أبناء العلويين في الجيش لم يكن أبداً "تكرمة" أو "تسامحاً" أو "منحة" أو "عطية"، ولكن لأن "المهام العسكرية" كانت مرذولة من قبل "البرجوازية السورية" بسنييها ومسيحييها على السواء. لذلك فلا منة لأحد على وجود الفلاحين من ابناء الأقليات المهمشة في الجيش، وهو بالتأكيد ليس تسامحاً من قبل هذه البرجوازيات.
عزيزي العلماني
بعد إذنك أريد فقط أن أرد على هذه الجزئية
أعتقد أن فرات يعتبر سيطرة أقلية طائفية تمثل 8% من مجمل السكان على عموم الجيش ومؤسسات الحكم دليل على تسامح الشعب السوري في مرحلة تاريخية ما وابتعاده عن الروح الطائفية وليس مجرد دخول فرد علوي ما للجيش. ثم إن هذا التفسير لسيطرة العلويين على الجيش والذي طالما كنت أسمع أنصار النظام يرددونه ولسنوات غير مقنع بالمرة بل ويحتاج الإنسان لأن يعطي عقله إجازة بدون عودة حتى يسلم به.
فهو يفترض بأن أهل السنة كلهم أكابر من الناحية الاقتصادية ، وينتمون للطبقة الرأسمالية وأن كل العلويين كانوا من الطبقة الفقيرة المسحوقة ، وهذا كلام أقل ما يقال فيه أنه غير واقعي، فمعظم الفلاحين والبدو وأبناء العشائر في القرى والبوادي وسكان الأحياء الشعبية في مدن وبلدات سوريا هم من أهل السنة وليسوا من العلويين على اعتبار أن السنة هم 3 أرباع الشعب السوري من الناحية الطائفية بحيث تصل نسبة السنة للعلويين أكثر من 9 إلى 1 يعني مستحيل أن يكون 3 أرباع الشعب ينتمون للطبقة المترفة اقتصاديا التي تتأفف من الدخول للجيش. كما أنه من غير المعقول أيضا أن يكون كل أهل السنة إقطاعيين وبرجوازيين وأن يكون كل العلويين هم من المهمشين .
نفس المنطق أسمعه هنا بالأردن ، عندما أواجه بعض المتعصبين من الشرق الأردنيين بحقيقة إقصاء الاردنيين من اصول فلسطينية من الجيش والوظائف المدنية والعسكرية بالقطاع العام فكثير منهم يرد بنفس الطريقة بأن الفلسطينيين بطبيعتهم لا يحبون التوظف بالقطاع العام ويأنفون منها ، وأنهم بطبيعتهم رأسماليين وحرفيين وأن هذه الحالة الغريبة تولدت بشكل طبيعي ، أيضا الكلام غير مقنع لأنه يتهرب من الاعتراف بعنصرية الدولة والتيار الحاكم فيها .
هذه آراء مؤرخين، أعتقد بأنها تستند إلى ما يدعمها من إحصاءات. ولكن، على جميع الأحوال، فإننا عندما نتحدث عن دخول الكثيرين من الأقليات المهمشة، خصوصاً العلويون والدروز، في الجيش، فإن أحداً لا يزعم بأن الجيش قد أصبح علوياً. هم يقولون فقط أن تمثيل هذه الأقليات في الجيش كان أعلى بكثير من تمثيلها السكاني. وأن الكثير من رجالات هذه الأقليات وصلوا إلى مناصب حساسة وعالية في الجيش.
أعتقد بأن "روح التسامح" كانت موجودة فعلاً في السياق التاريخي لهذه الفترة، ولكن هذه "الروح" لم تأت نتيجة لمذهب معين، فلقد كانت عامة عند الجميع وكل المذاهب، ترفدها عدة عوامل مهمة في ذلك الوقت:
1) تراجع نفوذ القوى الرجعية، وعلى رأسها السلطات الدينية السنية، التي تحكمت ببلاد الشام منذ مئات السنين، بعد "انهيار الامبراطورية العثمانية"، الحامية للاستبداد والفساد والرجعية في المنطقة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
2) الاتصال بالغرب، وبداية عصر "النهضة" نتيجة لهذا الاتصال والاحتكاك بالفكر الغربي من ناحية، وأدوات الحضارة الغربية، وعلى رأسها المطبعة"، من ناحية ثانية. هذا الاتصال بالغرب أدى إلى نتيجتين مهمتين وقتها:
أ) تأسيس "القوميات" العربية والإقليمية اقتداء بأوروبا ، وبروز حركات "قومية وطنية" تحل قاعدة التجمع الإنساني على أساس وطني؛ "جغرافي ولغوي" مكان "الاساس الديني المذهبي الطائفي" ونظام "الملة العثماني" الذي كان معنمولاً به في الشرق.
ب) إعادة اكتشاف "العقل" بعد ثمانية قرون من نبذه على يد المؤسسة الدينية السنية. واعتناق الأدباء والمفكرين، العاملين في مجال الصحافة والأعلام بكثافة، للكثير من المباديء العقلانية والفكرية الغربية. بما فيها "النزعات الانسانية" المختلفة ومباديء تقوم على الفردانية والمساواة وإلغاء الفروق بين الجماعات المختلفة تحت سقف الوطن.
3) وجود "الاستعمار الغربي"، الذي قوّى النزعة "الوطنية" (لوجود عدو مشترك) عند مختلف أفراد الشعب في الدول القطرية الواحدة، وعند العرب بشكل عام.
كل هذا، وغيره كثير، أدى إلى النزوع نحو التحرر والعقلانية ومحاولة بناء دول حديثة، مع "تسامح" ضروري عند اعتناق هذه المباديء والحركات والأفكار.
أخيراً، كما ترى أعلاه يا عزيزي ثاندر، لم يأت هذا التسامح من خلال "المؤسسة الدينية" (سنية أو شيعية أو مسيحية)، ولكنه جاء "رغماً عن أنف" رجال الدين ومذاهبهم. وبالتالي، فليس من مجال للحديث اليوم عن "تسامح سني"، فهذا كلام غير دقيق بتاتاً، "فالأصوليون السنيون" حاولوا "وأد هذه الروح وقتلها" والعودة إلى "خير القرون" مباشرة بعد أن انقبرت الخلاقة الاسلامية، ولكنهم لم يستطيعوا في الظروف المناطقية لذلك الزمن وفي ظروفه العالمية (تقدم القوى اليسارية حتى السبعينيات من القرن العشرين).
واسلم لي
العلماني