اليسار، الإمبريالية والثورة السورية
نشر في:الثلاثاء, آب 21, 2012 - 23:31
كوري أوكلي
ترجمه الى العربية: وليد ضو
من بين الملايين الذين ثاروا في العالم العربي خلال الأشهر ١٩ الماضية، قلة منهم عانوا بسبب شجاعتهم ولكنهم لم يواجهوا ما يواجهه الثوار الذي يواجهون ديكتاتورية الأسد في سوريا.
قرار بشار الأسد باستخدام كامل قوته العسكرية ضد الانتفاضة الشعبية السلمية حول الثورة إلى حرب أهلية كاملة حيث قتل أكثر من ٢٠ ألف شخص.
الثورة السورية، بنظر بعض اليسار، تفتقر إلى الشرعية. فنددوا بالثورة واعتبروها مؤامرة غربية، أو مؤامرة تدعمها إسرائيل أو وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للإطاحة بنظام يدافع عن الفلسطينيين. وأولئك الذين يواجهون قوات النظام يوصمون بكونهم عملاء لقوى خارجية من بينها: السعودية، الولايات المتحدة والقاعدة…
في الغرب، الدعم الكامل للأسد اقتصر على المتشددين الستالينيين وأقلية ضمن الحركة الفلسطينية. وقسم من اليسار أخذ موقفا يطلق عليه "الخط الثالث" الذي يقوم في نفس الوقت على تأييد الثورة، وعلى معارضة التدخل الإمبريالي من الغرب.
ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية بدأ هذا "الخط الثالث" بالتصدع.
فقد اتخذ اليساريان البارزان طارق علي وجورج غالاوي مواقف حادة معارضة لأهداف الثورة، فادعيا أن الثورة قد استولى عليها الرجعيون واعتبرا أن الحل الوحيد هو بتسوية مع النظام. علي وخلال مقابلة له مع روسيا اليوم (١) قال أن الخيار هو بين "نظام يفرضه الغرب ويتكون من السوريين العاملين مع وكالات الاستخبارات الأجنبية… أو نظام الأسد". غالاوي النائب اليساري الشعبوي والمعروف بصفته ناشطا بارزا ضمن الحملة المناهضة للحرب على العراق، ذهب أبعد من ذلك (٢) فقد شجب قرار المعارضة السورية الرافض لخطة السلام التي قدمتها الأمم المتحدة.
أغلب اليساريين القلقين من الثورة السورية يعكسون ستالينية تقوم على تعريف اليسار يعتبر أن كل الأنظمة مستبدة باستثناء تلك "المعادية للإمبريالية" التي تعادي الغرب وتقمع شعبها في آن واحد. لكن البعض ليس من نفس العقيدة الستالينية التي تجد صدى في موقف غالاوي حيال سوريا. جون ريس، الذي كان لسنوات عضوا قياديا في حزب العمال الاشتراكي في بريطانيا كتب الشهر الماضي (٣) أنه "يتوافق بعمق" مع غالاوي وعلي.
ريس رأى أنه من الضروري "إعادة التأكيد على مركزية مسألة الإمبريالية ضمن التطورات في الشرق الأوسط". ويعكس بموقفه رأي البعض الذي يقول أن التطورات في سوريا هي مجرد تحضير لتعيد الولايات المتحدة استعمار الشرق الأوسط. والأمر، بحسب وجهة النظر هذه، هو تكملة للحرب التي شنت على العراق عام ٢٠٠٣، حيث استعملت الحكومات الغربية ووسائل الإعلام عبارات "التحرير و"الديمقراطية" كغطاء لغزو الإمبريالية.
الإمبريالية الأميركية ليست المسألة الرئيسية
موقف غالاوي وعلي وريس حيال التهديد الإمبريالي مغلوط ومبالغ فيه. الإمبريالية، بمعنى كونها استعمار غربي جديد، ليست المسألة الأساسية التي تواجه الجماهير في سوريا أو في العالم العربي بشكل عام.
هذا يبدو كبيان تقديسي لكل من تلقى تربيته السياسية اليسارية بعد ١١ أيلول". فبعد هجمات ١١ أيلول، وعندما شنت الولايات المتحدة حربها على أفغانستان، كان هناك عدد قليل من الأصوات السياسية التي وقفت عكس التيار وتظاهرت ضد الحرب. وقد اتهم موقفنا بأنه "موقف انفعالي مناهض للإمبريالية".
في تلك الأيام المضطربة اعتبرنا الانفعالية وساما على صدرنا. وعندما شن الجيش الأميركي الهجوم كنا ضده. وقد كنا على صواب. خلال تلك السنوات، مناهضة الإمبريالية كانت مسألة رئيسية لأن الإمبريالية الأميركية كانت عاملا حاسما في السياسة العالمية. زمن "الانفعال المناهض للإمبريالية" قد ولى. ليس لأن الأمبريالية الأميركية قد اختفت من الشرق الأوسط، أو لأنها تخلتها عن نواياها الحاقدة، إنما لأن العالم قد تغير.
الثورات العربية حولت كل شيء. لا نعيش اليوم في حقبة "ما بعد ١١ أيلول" إنما في عالم "ما بعد ميدان التحرير". لوقت طويل كانت الجماهير العربية ضحية التاريخ. ميدان التحرير أظهر إمكانية أن تكون هذه الجماهير دليل المستقبل. كما كان الأمر مع اللحظات الثورية الرائعة في التاريخ، الثورات العربية سببت خوفا في قلب النظام القديم. وتتعرض الثورات لهجمات لعدد لا يحصى من الهجمات الرجعية. والقوى الإمبريالية هي واحدة من هذه القوى ولكنها ليست لوحدها.
الثورات العربية ليست ثورة ضد الإمبريالية، لكنها في الأساس صراع طبقي ضد الأنظمة العربية. هذه الأنظمة التي تقيم علاقات مختلفة مع الإمبريالية، خاصة الإمبريالية الأميركية.
مبارك كان حليفا وثيقا للولايات المتحدة وإسرائيل. والأسد يعتبر نفسه معاديا للولايات المتحدة (هذه المعاداة هي في أغلب الأحوال معاداة كلامية، فالنظام السوري شارك ودعم حرب الخليج الأولى وتعاون مع البرنامج الأميركي "للترحيل السري"). لكن مبارك والأسد يتشاركان بأمرين أساسيين مع بعضهما البعض ومع بقية الحكام العرب.
أولهما، النظامان سلطويان ولاديقراطيان، ويحكمان من خلال قوة قسرية للأجهزة الأمنية الوحشية. ثانيهما، أدت سياستهما المتبعة إلى إفقار قسم كبير من شعبيهما، وفروقات كبيرة في مستويات المعيشة بين الجماهير والنخبة الحاكمة، بحيث تتمتع هذه الأخيرة بغنى فاحش.
الانقسام الطبقي -استلاب العمال، الطلاب، والفقراء وجزء كبير من الطبقة الوسطى من قبل الأنظمة- كان السبب الرئيسي وراء الثورات العربية. نعم، بالطبع، في كل ثورة أو حرب أهلية، تحاول قوى عديدة تغيير الوضع لصالحها. ويتوجب على اليسار معارضة التدخل الإمبريالي. لكن تدخل هذه القوى- من ضمنها روسيا، الولايات المتحدة، السعودية، إيران وإسرائيل- لا يحول تلقائيا ثورة إلى حرب بالوكالة بين القوى العظمى.
طبيعة الثورة السورية
الثورة السورية ليست معركة بسيطة بين العمال والرأسماليين. ولكن هذا الأمر يمكن توقعه. كما فعل لينين في معارضته للذين نددوا بالنضال الإيرلندي ضد الاستعمار: "لا يمكن تخيل إمكانية حدوث ثورة اشتراكية من دون تفجر ثوري لجزء من البرجوازية الصغيرة مع كل أحكامها المسبقة، من دون حركة سياسية لبروليتاريا غير واعية من دون الجماهير الشبه البروليتارية ضد قمع مالكي الأراضي، الكنيسة، الملكية، ضد القمع…، تخيل ذلك هو رفض ثورة اشتراكية.
ويقف أحدهم ويقول "نحن مع الاشتراكية"، ويقف شخص آخر في مكان آخر ويقول "نحن مع الإمبريالية" وهكذا تكون الثورة الاشتراكية! فقط من يتخذ موقفا متحذلقا سخيفا يمكنه ذم الثورة الإيرلندية ويعتبرها "انقلابا". كل من يتوقع ثورة اشتراكية "طاهرة" لن يتمكن من العيش ليراها. شخص كهذا يدعي دعمه للثورة دون أن يفهم ما هي الثورة".
وحده الأحمق من ينكر تدخل القوى الأمبريالية في سوريا، أو أن ثمة العديد من العناصر الرجعية بين صفوف الثوار. ولكن بعض الجوانب السلبية من الثورة في سوريا يتم تضخيمها.
إحدى التهم الرئيسية الموجهة ضد الثوار بأنهم يعملون بأمرة المجلس الوطني السوري الرجعي المقرب من الولايات المتحدة، والذي يتخذ من تركيا مركزا له. اليوم أصبح من المسلم به أن المجلس الوطني السوري يحظى بدعم لا يذكر داخل سوريا، وبأي حال من الأحوال الثوار الذين يواجهون النظام.
فتحولت أنظار معارضي الثورة إلى الجيش السوري الحر، واتهموه بأنه يخضع لسيطرة قوى خارجية وبكونه دموي كالنظام.
هناك عدد لا يحصى من المقابلات التي أجرتها وكالات الأنباء البريطانية والأميركية مع مقاتلي الجيش السوري الحر، بالإضافة إلى عدد من التقارير الصحافية التي أجراها صحافيون سوريون عرب في سوريا، والتي ترسم صورة مختلفة عن تلك التي يقدمها مناهضي الثورة.
لا شك بأن بعض هذه التقارير كتبها بروباغنديو الإمبريالية الغربية ولكن ليست كلها كذلك. أناند غوبال هو من بين الصحافيين الأكثر صدقية للكتابة عن سوريا. غوبال مناهض للإمبريالية. فما كتبه من داخل أفغانستان كان بالغ الدقة والإدانة لكل من الاحتلال وحركة طالبان. وعندما يكتب لدعم الثورة السورية، كما فعل في مؤخرا في مجلة هاربر، عندها عليكم أن تستمعوا إليه.
أناند سافر إلى تفتناز، بلدة كبيرة قريبة من الحدود مع تركيا. روايات الناس وصفت لأناند ثورة استثنائية قد عمت البلدة قبل أن تتدخل قوات النظام. وكما هو الحال في أجزاء عديدة من سوريا، بدأ الشباب الثورة. وسرعان ما قمع النظام مظاهراتهم، وكثيرا ما سجنوا وحتى عذبوا، ولكن الثورة تطورت: "بدأ مقاتلو الجيش السوري الحر بحماية المظاهرات، فيقفون بهدوء خلف المتظاهرين ويراقبون رجال المخابرات. في البداية، تحول ميزان القوى لصالح الثورة، لدرجة أن القوات الحكومية لم تعد قادرة على العمل بشكل علني. فاختفى مسؤولو الأحزاب الرسمية والعملاء السريون، وتركوا المدينة تدير نفسها بنفسها".
هذا الأمر أدى إلى نشوء نوع من التنظيم الذاتي في المدن والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء سوريا. بعد انسحاب الجيش السوري توقف العمل في المحاكم، وتكدست النفايات في الشوارع. غوبال وصف كيف أنه: "ولملء الفراغ، اجتمع الناس لانتخاب مجالسهم التمثيلية- فانتخب المزارعون ممثليهم، كذلك الأمر بالنسبة إلى التجار والعمال والمعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والقضاة والمهندسين والعاطلين من العمل. في بعض الحالات اندمجت هذه المجالس التمثيلية مع شبكة الناشطين التي تشكلت سابقا ضمن لجان التنسيق المحلية. بدورهم اختارت هذه المجالس ممثلين عنها في مجلس المدينة، الذي كان بالنسبة إلى تفتناز والمدن المحيطة بها المجلس الوحيد المعترف به شعبيا".
غوبال زار مسجدا حيث كان يعقد اجتماع للجنة الشؤون العامة وتداول المجتمعون إمكانية الطلب من أغنياء المدينة أن يدعموا أهلها. فقام رجل كبير السن وضرب بيديه على الأرض وصرخ "إنها ثورة الفقراء! ويجب على الأغنياء أن يقبلوا ذلك". والتفت إلى غوبال وأوضح "لقد زرنا كل المنازل وحددنا حاجاتهم وقارنا ذلك مع وصلنا من تبرعات. كل شيء سجلناه ويمكن للجمهور الاطلاع عليه".
العديد من الصحافيين انتقدوا الجيش السوري الحر على افتراض أنه جيش متجانس. ثمة العديد من الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.
على سبيل المثال غيث عبد الأحد الذي يكتب من داخل سوريا لصحيفة الغارديان، الذي ينقل رواية حميد، الجندي السوري المنشق، الذي فر من الخدمة العسكرية خلال مظاهرة في الرستن عندما أمر بإطلاق النار على المتظاهرين المدنيين. فسكن في بيت لفترة من الوقت، وجرى تهريبه عبر الجبال إلى تركيا، حيث انضم إلى الجيش السوري الحر بقيادة العقيد رياض الأسعد، حميد يبدو غير راض من الوضع: "لم نقم بشيء هناك في تركيا، جلسنا بالقرب من خيامنا ونعطي تصاريح صحفية. لقد قلت لهم أنني لم أنشق لأجلس في خيمة، أريد أن أقاتل، وظلوا يطلبون مني الانتظار، لأن لديهم خطة، لكن لم يحدث أي شيء".
بعد ثلاثة أشهر على إقامته في تركيا هرب حميد مرة أخرى، هذه المرة رتب مع الثوار عملية عودته إلى سوريا. وأخبر غيث عبد الأحد: "لا يوجد شيء مثل الجيش السوري الحر، إنه نكتة. الثوار الحقيقيون هم هنا في سوريا، في الجبال". هذه الرواية ظهرت مرة أخرى. فعندما سأل غوبال ضابطا في تفتناز عن قيادة الجيش السوري الحر أجاب: "عندما أرى هؤلاء الكلاب هنا فإنني سأقتلهم بنفسي".
واحدة من الانتقادات الموجهة إلى الجيش السوري الحر أن السعودية والدول الغربية يسلحونه. الأمر الأول الذي ينبغي قوله أن هذه الانتقادات بأغلبها غير صحيحة. وعند قراءة آراء الثوار يبدو واضحا أن الغرب لم يغرقهم بالأسلحة. على العكس، تعم حالة الغضب حيال الدول الغربية لأنها رفضت مدهم بأي نوع من الأسلحة.
في هذا السياق، هل من الخطأ على الثوار السوريين أن يطلبوا، ويقبلوا السلاح من الإمبرياليين وحلفاء الإمبريالية أو أي طرف آخر؟ بالطبع لا. فلهم كل الحق بكل ما يلزم للدفاع عن أنفسهم من الأجهزة العسكرية المرعبة لنظام الأسد.
فطلب وقبول أسلحة أو مساعدات من دولة أمبريالية لا يجعل منك عميلا للإمبريالية. ثمة العديد من الأمثلة التاريخية التي تدل على ذلك. المثل الأشهر هو ما حصل في إيرلندا. عند اندلاع الحرب العالمية الأولى دخل الجمهوريون الإيرلنديون في مفاوضات مع ألمانيا في محاولة للحصول على أسلحة لاستعمالها في ثورتهم ضد النظام البريطاني. أما القول أن الحركة الجمهورية الإيرلندية هي مجرد بيدق بيد الإمبريالية الألمانية، أو أن النضال الإيرلندي لا يتسحق الدعم لأنه حاول الحصول على السلاح من الجيش الألماني، هو أمر مضحك.
في سياق آخر أثار تروتسكي سؤالا نظريا تطرحه هذه المسألة: "لنفترض أن الثورة اندلعت غدا في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي تحت راية الاستقلال الوطني، وأن الحكومة الإيطالية مدفوعة من مصالحها الإمبريالية الخاصة، استعدت لإرسال الأسلحة للثوار. ماذا يجب أن يكون موقف العمال في إيطاليا في هذه الحالة؟ لقد سألت سؤالا يتعلق بحالة تمرد على إمبريالية ديمقراطية وتدخلت إمبريالية فاشية إلى جانب الثوار. هل ينبغي على العمال في إيطاليا منع شحن الأسلحة إلى الجزائريين؟ ليتجرأ أي يساري متطرف أن يجيب نعم. على كل ثوري، العمال في إيطاليا والثوار في الجزائر أن يزدروا ويرفضوا كل إجابة مماثلة. وحتى في حالة حصول إضراب في الموانىء الإيطالية في نفس الوقت، في هذه الحالة على المضربين أن يستثنوا هذه الشحنات من إضرابهم وأن يسمحوا بمرور شحنات الأسلحة هذه لكي تصل إلى الثوار على الاستعمار، وإلا لن يكونوا سوى مجرد نقابيين بائسين وليسوا بالتالي بروليتاريا ثورية.
ثمة مسألة أخرى أثيرت وتتعلق بـ"عسكرة الثورة. يعيش العديد من اليساريين حلما ليبراليا حيث لا خيار أمام الثورة السورية إلا واحد من اثنين: الأول سلوك "نموذج ميدان التحرير" لحركة جماهيرية غير مسلحة، الثاني، الذهاب إلى حرب أهلية. لكن الثوار لم يختاروا الحرب الأهلية، لقد فرضها عليهم النظام.
لكن هذا لا يعني عدم وجود مشكلة في عسكرة الثورة. والأكثر وضوحا أن السلاح يمنح قوة للذين يحملونه، ويسمح بإرساء بنى سلطوية على المستوى المحلي أو المناطقي. كل ذلك يصعب عملية التحكم به. ومما لا شك فيه أن الذي يسيطر على إمدادات الأسلحة إلى سوريا سيتابع تنفيذ أجندته الخاصة وسيحاول تجنيد زبائنه لصالحه.
العديد من اليساريين يناهض المجلس الوطني السوري والعديد من القيادات السورية التي انشقت مؤخرا ويعتبرونها مرتبطة بالإمبريالية. والإصرار على سحق الثورة السورية هي للحد من مفاعيلها وجعلها للنموذج الذي حصل عقب إسقاط حسني مبارك في مصر، حيث استبدل رأس نظام مستبد برأس آخر، مع عدم تغيير في سياسة النظام.
حتى الآن، ثمة خيانة كبيرة للثورات العربية. في مصر، المجلس العسكري يعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية والموساد، لا يمكن إنكار ذلك وهذا الأمر هو وصمة عار. لكن الخزي لا يرتبط فقط بالموقف من الإمبريالية. ما يسمح بأن تستمر الثورة المصرية هو عدم وجود ديمقراطية حقيقية هناك، ولم تتحقق العدالة للعمال. الجماهير التي صنعت الثورة لا تزال تواجه ذات النظام ونفس المشاكل الاقتصادية السائدة قبل ٢٥ كانون الثاني.
بهذا المعنى، وعلى الرغم من أن النضال يبدو مختلفا، فإن الثورة التي تدور في مصر، وسوريا وفي العالم العربي هي نفسها. الحقيقة الوحيدة المهمة بما يتعلق بسوريا- وهي الحقيقة الوحيدة الأكثر أهمية بما يتعلق بالثورات في العالم العربي- أن الثورة لم تهزم.
مقال غوبال في مجلة هاربر أوضح ذلك. فينهي مقاله بوصف لآخر يوم له في تفتناز، وخلال صلاة يوم الجمعة في بلدة تعاني "من مناخ هزيمة… وتعيش وسط أكوام النفايات المتحللة والباطون المحطم". بعد الصلاة، غادر الرجال والفتيان المسجد وتوجهوا إلى الساحة الرئيسية للمدينة، الموقع الذي شهد على موت العديد منهم: "أصبح التظاهر طقسا يدل على أنهم على قيد الحياة، وهو جزء من الثورة التي على ما يبدو لا يمكن كسبها، ولكنها ثورة ترفض أن تسقط، وعلى كومة من الحديد الملتوي وقطع الباطون التي كانت تشكل منزلا في وقت مضى، رفعت مجموعة لافتة كتب عليها: "حتى من تحت الركام، سنقاتل النظام".
المقال من هنا
http://sa.org.au/index.php?option=com_k2&view=item&id=7450%3Athe-left-imperialism-and-the-syrian-revolution