حزبه أمر أي أهمه، وهم حزب أي مجتمعون على أمر قد أهمهم.

الأحزاب هم الجماعات على أمر قد أهمهم، ولو كانوا أخلاطا.

ومنها يتم اشتقاق المعنى الإصطلاحي،

طبعا الحزب لا يعني الدكانة السياسية، الدكانة السياسية تجد فيها كل شيء من القفة إلى مرطبان العسل، مثل الأحزاب الكاريكاتورية التي أنشأتها الدول القائمة في العالم الإسلامي، أو أنشئت لها بالأحرى.

حتى يتشكل الحزب لا ينبغي أن يقدم أوراق اعتماد لأحد، كما أنه لا ينبغي أن يقدم المرء أوراق اعتماد لتفكيره.

الحزب يتعلق بأمر قد أهمّ مجموعة من الناس، وحتى يكون الهم مشتركا فلا بد أن تكون الزاوية التي ينظرون إلى الهم من خلالها مشتركة، فلا يصلح أن يتحزب شيوعي وليبرالي معا، لأنهما ينظران إلى الهم من زوايا متغايرة، بل متباينة.
ينبغي أن تتحد الزاوية التي ينظر من خلالها هؤلاء الجماعة إلى الهم المعين، ولا يعني هذا اتحاد أفكارهم بالضرورة، وينبغي أن تتحد مشاعرهم تجاه الهم هذا، فلا يتحزب جماعتان من البشر تجاه هم ما وبعضهم يحب حله والآخرون يكرهون حله.

الحزب ينشأ بسبب الهم المشترك، لكنه يقوم على العلاج المشترك، والعلاج للهم هنا هو فكر له علاقة بالواقع، فلا يقوم الحزب على فكر أفلاطوني منفصل عن الواقع.

هذا الأمر يدفع الناس إلى التكتل معا، والتكتل لا يوجد حزبا، لأن التكتل هو التقاء وجهات نظر لهموم معينة والتنظير لحلها، والرغبة بذلك. لا يتحول هذا التكتل حزبا حتى يبدأ بالعمل بين الناس وفي المجتمع لتغيير الهم القائم واستبداله بالعلاج المقترح.

قد يكون هذا الهم صغيرا، من مثل التوازن بين الآباء والأمهات في حقوق الحضانة للأطفال تحت سن الرشد في حال الطلاق. وقد يكون أكبر من ذلك، من مثل مراعاة عدم استنزاف الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة والمصادر الطبيعية بحالة متزنة. وقد يكون كبيرا جدا، من مثل تحقيق نهضة لأمة منحطة، أو إيجاد أمة من مجموعات من الشعوب. وقد يكون أكبر من ذلك، من مثل تحقيق الشهادة على الناس، وإيجاد معنى الإستخلاف في الأرض.

كل هذا، وغيره أيضا، هموم يجتمع حولها مجموعات بشرية يريدون حلها ويسعون لذلك. ينظرون إليها من زاوية مشتركة ورغبات متآلفة، يفكرون بحلها بأسلوب عملي، ويسعون له.


من أجل ما تقدم، فالحزب هو أمة من الناس اجتمعت على فكرة قابلة للوجود الواقعي، يريدون ويسعون لإيجادها في الواقع المعاش.

حتى يكون للإجتماع معنى فلا بد له من النظام، وإلا لكان ديوانا أو صالونا سياسيا فكريا.

الأمر الأخير في الأحزاب، أنها تسعى لإيجاد الحل لما يهمها في واقع الحياة المعاش، بما يتعرض مباشرة لرعاية مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم، لذا لا يكون الحزب إلا سياسيا. أما إن اكتفى التكتل بالعمل دون تعرض لرعاية مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم لاستحق حينها أن نسميه مدرسة أو حلقة علمية، لا أكثر ولا أقل.