هل تدخل اللغة في تكوين الهوية القومية أو الفردية؟
هل هناك رباط اجتماعي معزوّ إلى اللغة؟
هل اللغة وسيلة أم غاية؟

عندما تُذكر كلمة العرب اليوم، فالمقصود هو كل ناطقي العربية كلغة أصلية كانت أولى أم ثانية، لكن الأصح أن يقتصر الوصف على سكان الجزيرة العربية وأنسالهم في الأقطار التي استوطنوها، وليس كل من انتسب إلى اللغة بعد الفتح الإسلامي.
عند انتشار الإسلام انقرضت لغات كثيرة، والتي شكلت جزءاً من الثقافة لحضارات تاريخية مثل السريانية والقبطية والأمازيغية والآرامية وغيرها.. وكان ذلك وبالاً على هذه الحضارات، حيث أن تراثهم لم ينجح في الإنتقال إلى الأجيال اللاحقة لأسباب كثيرة معروفة، وحل محله تراث أجنبي لا يمت لهؤلاء السكان بصلة.
فهل يستقيم القول بأن انقراض هذه الحضارات مقابل الثقافة العربية كان أمراً محموداً وضرورياً، أم أن هذه هي سنة الحياة والإنتخاب الطبيعي؟ وهل من الجائز أن نُصارع للحفاظ على "هويتنا" كي لا تضيع بين سطور الحضارات الدخيلة الإستعمارية الأخرى؟
هل هناك علاقة بين الشامي والمغربي؟ أو بالأحرى، هل الرباط بينهما (وهو اللغة والدين) هو رباط سليم علماً بأنه مبني على طرف ثالث طارئ.

ثم ما هي اللغة أساساً ولماذا تأخذ كل هذا الوزن في تحديد الهوية القومية؟
بحسب توماس هوبز في كتاب اللفياتان، فإن اللغة هي:
"تسميات ومفاهيم وروابط بينها، يسجل البشر بواسطتها أفكارهم ويعيدوها إلى الذاكرة حين تكون من الماضي، كما يعلنونها الواحد للآخر بغية الفائدة المتبادلة والحوار بينهم".

بحسب هذا التعريف، نستطيع استخلاص الهدف من انشاء اللغة في المقام الأول، والاستكانة إلى أن اللغة هي وسيلة تواصل بين الأفراد لا أكثر، لا كما تحاول حضرتك في هذا المقال أن تقول..
ليس لدي مشكلة مع اللغة العربية، لكن مشكلتي مع المجتمع الذي يسمي الأشياء بغير مسمياتها، فصار مزج لغتين أو أكثر في الجملة الواحدة نوعٌ من الخطأ والعار، أو محاولة اقصاء اللغة العامية وطمسها رغم أنها تشير إلى الهوية القومية أكثر من الفصحى، فيمكنك أن تعرف جنسية مُحاورك من لهجته، بل يمكنك أن تعرف من أي منطقة وكثيرة هي الحالات التي يمكنك أن تشير إلى دينه أو حتى البلدة التي جاء منها، في حين أن انتشار الفصحى يقلّص هذه المميزات إلى أقطار واسعة.
هدف اللغة هو الحوار بين الأفراد، وإن كان اللفظ الإنجليزي لكلمة ما يسّهل علي في محاولة إيصال فكرتي فلا مانع لدي من استخدامها، بل أرى أن استخدامها واجب، طبعاً مع الأخذ بالإعتبار أن ما زاد عن حده نقص.

عندما تقرأ عن فكرة أو نظرية أو موضوع بلغة معينة، ثم تحاول أن تشرح هذه الفكرة لشخص آخر بلغة أخرى، يصعب عليك أن تُعرّب كلمات معينة، أو حتى أن تستخدمها في حال عرفت لفظها العربي إن وُجد، لأنك ببساطة اعتدت على اللفظ الأجنبي.

وأخيراً، أريد أن ألفت نظرك لمراجعة الفرق بين العرب والناطقين بالعربية، فالفرق بينهم شاسع جداً، والقرآن لم يوحد للعرب لغتهم، إنما ضمهم تحت راية لغة جديدة.