بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الافراج عن مبارك طعنة لثورة الخامس والعشرين من يناير

شبكة البصرة

الدكتور غالب الفريجات


قرار الافراج عن مبارك وتبرأته من كل الجرائم المنسوبة اليه مثلمة في حق القضاء المصري، الذي دمره حكم مرسي وقضى على نزاهته، عندما أراد أن يحصن قراراته ليكون الحاكم المطلق، دون أن يعترض على مسيرته أحد، حتى لو كانت السلطة القضائية التي تتمتع في كل الدول التي تنشد الديمقراطية في العالم بالاستقلالية التامة، لان السلطة القضائية هي السلطة المستقلة، وتمثل حالة التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حتى لا تتغول إحداهما على الأخرى.

وقرار الافراج عن مبارك هو طعنة نجلاء في حق ثورة يناير، ثورة شعب مصر العظيم الذي عانى الظلم والقمع والاضطهاد على مدار الثلاثين عاماً من فترة حكم مصر، التي عاثى فيها فساداُ، وبدد دور مصر الوطني والقومي والاقليمي والعالمي، وعاش النظام في حضن الامبريالية الامريكية، وذليلاً أمام هيمنة القرارات الصهيونية، التي لم يكن يعنيها إلا انهاء دور مصر الوطني والقومي، والعمل على عزلها عن محيطها العربي، وإنهاء الصراع العربي الصهيوني من خلال الغاء الدور المصري.

شعب مصر العظيم الذي هب هبة رجل واحد في ثورة يناير، لانهاء حكم الطاغية لم يقبل بالتآمر عليه والغاء تضحياته، فهاهو عندما شعر بتوجهات الاسلاميين ودور مرسي في العمل على أخونة الدولة، واقصاء القوى الوطنية المصرية التي صنعت الثورة، نهض نهضة رجل واحد، فامتلأت الساحات والميادين مطالبة بانهاء حكم الاخوان، والعمل على تعديل مسار الثورة، فكان مصير مرسي يلحق بمصير مبارك.

لم يعد بالامكان القدرة لأي نظام حكم من تجاوز دور الجماهير الشعبية، لان ممارسات القمع والاضطهاد والعمل على اقصاء القوى والاحزاب والتيارات الوطنية ليست في استطاعة اية سلطة، فالشعب بات يدرك ان تضحياته قادرة على الوقوف في وجه أي طامع في السلطة، واي مفتر على الشعب، واي قوى او شخص او حزب يفكر باستغلال الجماهير لتحقيق اهدافه، والبعد عن مصالح المواطنين.

نظام مبارك كان سبة في تاريخ شعب مصر العظيم، ووضعه الطبيعي خارج مفهوم الحرية التي يجب أن لا يتمتع بها أي من الذين اساءوا لمسيرة الشعب، وليس هناك اسوأ من نظام مبارك ممن اساء لمصر ولأبنائها على مدار الثلاثين عاماً، التي تربع فيها على حكم مصر، وهو ما يجب أن يكون عبرة لكل الحكام والأنظمة التي تتجاوز حدودها في السلطة.

الافراج عن مبارك وجعله طليقاً فيه اعتداء على معاناة عموم ابناء مصر، وفيه انتهاك لكل الاعراف والانظمة والقوانين التي تصر على ان ينال المعتدي جزاؤه على حقوق الآخرين، فكيف بمن اعتدى على عموم ابناء الوطن، واستباح مصر الدولة والمجتمع والتاريخ والموقف، وجعلها في خدمة اعدائها وأعداء الأمة، وهي القائدة والرائدة في امتها، وفي الاقليم الذي يحيط بها، والعالم الذي تملك القدرة على المشاركة الايجابية في افعاله.

مبارك باع مصر لاعدائها من أجل أن يبقى كابوساً على صدور ابنائها، وليعيث فساداً في ربوعها، فلا يجوز أن يهمل هذا الكم الهائل من جرائمه في حق وطن ومسئولية امة حتى يخرج الى الحياة، وكأن ثلاثين عاماً من عمر مصر كانت في عهده دون افتراء وكذب وتآمر على مصر والأمة، وفي طليعة ذلك في دوره التآمري على فلسطين ودوره الخياني في غزو العراق واحتلاله.

جماهير مصر العظيمة وابناء ثورة الخامس والعشرين من يناير مطالبة باعادة مبارك الى حيث يجب أن يكون في السجن، ليذوق طعم الحياة التي كان يقدمها لملايين المواطنين، وليشرب من كأس الظلم الذي كان يسقيه لابناء مصر دون وجه حق، ودون أن يعي أن هذا الشعب لا يقهر، ولا يستطيع أي حاكم أن يتجبر به دون أن ينال عقابه، وان ابناء مصر قد كسروا حاجز الخوف، فلم يعد اي حاكم قادر على استغفالهم، او استغلال السلطة لمحاسيبه على حساب عموم المواطنين، ومن أجل أن يكون مبارك ومن بعده مرسي عبرة لكل الحكام على مر التاريخ وفي الساحة المصرية تحديداً.
dr_fraijat45@yahoo.com

شبكة البصرة

الخميس 15 شوال 1434 / 22 آب 2013