تفاجأت حقاً والمذيع يقول بأن المدعو "محمد الجوادي" مؤرخ وأستاذ جامعة، فهذا الرجل يصلح "حكواتياً" لقصص "تغريبة بني هلال" و"عنترة" و"الظاهر بيبرس"، فهو يشكو من إنعدام "الحس التاريخي" و"عدم رؤية الأحداث من عل" و"افتقاد الموضوعية بشكل كامل" و"الافتئات على التاريخ وتزويره" بشكل سخيف مضحك يستطيع به أن يقنع بعض "قطعان الإسلامويين" الذين يصفقون لمثل هذه الترهات التي لا مكان لها إلا أقرب "قمامة فكرية" (إن صحّ أن هذا علماً وفكراً - من أصله -".

أنا لا أعرف من أي جامعة تخرّج هذا الرجل، وفي أي جامعة يعمل مدرّساً، ولعل الله يكون في عون الطلبة من هذه الغثاثة وهذا الجهل الفاضح، طبعاً هذا لو صحّ أنه أستاذ جامعي ويعمل في أحد المعاهد العليا، فالرجل يعيد اجترار بعض "قيء الإخوانجية" ثم يخرجه أمام الحضور، ولعلّ من هذا هو أن خالد الذكر "جمال عبدالناصر" كان ضد تركيا لأنها مسلمة. يا سبحان الله، يعني قبل "أردوغان" كان الإسلامويون أنفسهم ينعون على تركيا علمانيتها المفرطة وينددون بعسكرها ويعتبرون جمهورية "أتاتورك" رجساً من عمل الشيطان، وها هم اليوم يأخذون على "عبدالناصر" - في الخمسينيات والستينيات - أنه كان ضد تركيا لأنها "مسلمة"، ناسين أن تركيا في ذلك الوقت كانت "عسكرية علمانية بامتياز" وأنها، فوق كل ذلك،كانت من كلاب "حلف الناتو وكلاب الغرب المدللة" التي كان عبدالناصر يعاديها لأسباب لا علاقة لها بالإسلام أو بالمسلمين، بل تتعلق بمجمل تحالفات وسياسات الحرب الباردة التي كان لعبدالناصر فيها دوراً رئيسياً.

القضية لا تتعلق بالدفاع عن "عبدالناصر"، فتاريخ عبدالناصر موثّق مدوّن لن يحفل بهذه الأكاذيب والمزايدات الرخيصة، ولكن القضية تتعلق بهذا الجهل الفاضح لشخص من المفروض أنه من المؤرخين ويعلم ما كان يدور وقتها من سياسات على حلبة الصراع في الشرق الاوسط والعالم، ثم يأتي أمام الناس كي يردد بعض "التزويرات والشعوذات المضحكة السخيفة" فيخدع السامع والمشاهد الذي لا يعرف تاريخ المنطقة ولا ما كان يدور فيها من أحداث لم يعشها ولم يتأثر بها ولم يقرأ عنها.

أخيراً، لقد لفت نظري شيء خاص جداً في هذه "البكائيات واللطميات الإسلاموية" التي خرجت علينا بعد فض الاعتصام في "ميدان رابعة العدوية". هذا الشيء هو أن "رابعة العدوية" نفسها، التي يحمل الميدان إسمها، كانت سوف تُكّفر من قبل 90% من المجتمعين فيه لو كانت حيّة. ولربما كانوا رجموها أو وأدوها في الميدان ...