الاستاذ الفاضل الراعي
تحياتي و اشكرك للاجابة السريعة و الوافرة .
اقتباس:الوحي في الكتاب المقدس يستخدم اصطلاحا أكثر تعبيرا وقوة في تأكيد كلمة الله وأن ما هو مكتوب في أسفار الكتاب المقدس هو كلمة الله الصادرة منه.
اذا قارنا هذه الجملة و التي تعتبر فيها ان كلام الله في الكتب المقدسة هو وحي, فان الاختلاف مع الفهم الاسلامي للوحي يتمثل في ان الاسلام يقسم كلام الله الى (1) كلام بالوحي من الله تعالى (2) كلام من وراء حجاب(3) كلام بالوحي من رسول يرسله الله تعالى
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى
فاذا كان ما هو مكتوب في الكتب المقدسة وصل للنبي عن طريق رسول ارسل الله تعالى ليوحي ما يريده الله فهذا يدخل في الفسم الثالث من اقسام كلام الله تعالى:
{... أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى
اقتباس: ولكن قبل ذلك يجب أن نوضح أن الوحي في الكتاب المقدس يمر بأربعة مراحل:
اعتقد بان الاختلاف ينشا عند هذه النقطة لان اعتبار ان الوحي يقابل كلام الله تعالى مع البشر يقصر هذا الكلام على الوحي فقط و قد اوضح القران ان الوحي هو احد اقسام كلام الله تعالى مع البشر و ليس العكس اي ان كلام الله تعالى مع البشر ليس هو الوحي فقط.
كما ان مرور الوحي باربعة مراحل فيه خلط بامرين مختلفين هما :
1) طرق الوحي و انواعه.
2) تدوين هذا الوحي و قبول الناس له.
فهل هذه المراحل الاربعة نتيجة تامل شخصي لك او انها من المنصوص عليه؟
اقتباس:المرحلة الأولى: هي الإعلان الإلهي والتي يعلن الله فيها عن ذاته وإرادته للبشرية عن طريق الأنبياء ، وهذا الإعلان الإلهي له طرقه وأنواعه المتنوعة كقوله " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم " (عب1 :1-4).
المفهوم من عبرانين انه يقصد كلام الله مع البشر و ليس الوحي فقط:
" الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء
و هنا يبين ان الله كلم الاباء عن طريق الانبياء و لكنه لم يوضخ كيف كلم الله تعالى الاتبياء انفسهم بل قال:
بأنواع وطرق كثيرة
و هنا اشير الى مدلول الاية و التي اوضحت هذه الطرق لكلام الله تعالى مع البشر و لكنها حصرت هذه الطرق الكثيرة التي ذكرها عب 1 , في 3 فقط, .
اقتباس:وكان الله، كما بينت أعلاه، قد بدأ اتصاله بالإنسان والإعلان عن ذاته وإرادته منذ بد الخليقة بطرق وأنواع كثيرة تتناسب مع الإنسان عبر المراحل التاريخية المتعددة من آدم على يوحنا المعمدان انتهت بالتجسد الإلهي كقول الكتاب. فقد تدرج الله في الإعلان الإلهي وبدأ بظهورات إلهية في أشكال تقترب مع البشر، شبه بشرية ، وظهورات ملائكية (ملاك الرب)، وتعامل مع آدم وغيره من الآباء إلى موسى النبي ، ثم بدأ يكلم البشر من خلال مظاهر شبيهة بالظواهر الطبيعة كالرياح والعواصف والنار والسحاب والبروق والرعود 00 الخ ، مثل آدم وأيوب وإيليا وموسى النبي ، ثم من خلال الرؤى الإلهية والأحلام وهذا يعني أن الأنبياء تلقوا الوحي الإلهي أولاً في صورة إعلانات من الله بأنواع وطرق كثيرة كالحديث المباشر مع الله مثلما حدث مع موسى النبي " أن كان منكم نبي للرب فبالرؤيا استعلن له في الحلم أكلمه . وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي . فما إلى فم وعيانا أتكلم معه لا بالألغاز . وشبه الرب يعاين " (عد12 :6-8) ، أو عن طريق الظهورات الإلهية ، كما حدث مع إبراهيم " وظهر الرب لابرام " (تك12 :7) ، وظهوره ليعقوب " ظهر له الله " (تك35 :7) ، والظهورات الملائكية كما حدث مع هاجر " فوجدها ملاك الرب على عين الماء " (تك16 :7) ، ومع إبراهيم " ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء " (تك22 :15) ، وكما حدث مع مريم العذراء (لو1 :26) . أو الرؤى ، مثل " رؤيا إشعياء " (إش1:1) ، ورؤى حزقيال " رأيت رؤى الله " (حز1:1) ، ورؤيا يوحنا " كنت في الروح في يوم الرب " (رؤ1 :4) ، وبقية الأنبياء . والأحلام ، مثل أحلام يوسف الذي وصف بـ " صاحب الأحلام " (تك37 :19) ، ودانيال النبي الذي كان يرى " رؤى الليل " (دا7:7) . أو حلول الروح القدس على الأنبياء وتحدثه بلسانهم كقول داود النبي " روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني " (2صم23 :2) ، الإلهية " أن كان منكم نبي للرب فبالرؤيا أستعلن له في الحلم اكلمه. وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي. فما إلى فم وعيانا أتكلم معه لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين " (عد21: 6 -8). ومن خلال حلول روحه القدوس على بعض الأنبياء وتكلم على فمهم وبلسانهم وعن طريقهم " وحي داود بن يسّى ووحي الرجل القائم في العلا مسيح اله يعقوب ومرنم إسرائيل الحلو. روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني " (2صم23 :1-3). وأرسل الملائكة في إعلانات محددة لبعض الأنبياء مثل دانيال النبي وزكريا الكاهن والعذراء القديسة مريم.
القران الكريم ينفي تماما امكانية رؤية الله تعالى :
{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (103) سورة الأنعام
و لكنه اثبت كلام الله تعالى لموسى :
{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (164) سورة النساء
و كلام الله تعالى لموسى لا يعني ان موسى عاين الله تعالى كما ورد :
. وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي. فما إلى فم وعيانا أتكلم معه لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين
لان القران الكريم اوضح بان الله تعالى اجاب موسى عند طلبه رؤية الله تعالى بقوله:
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (143) سورة الأعراف
و بالتالي فان ما ذكره الكتاب المقدس عن ظهور الله تعالى لابراهيم او غيره فالقران لا يقره. لان الله تعالى ليس كمثله شئ حتى تدركه الابصار
و حقيقة لا افهم كيف تعتبر ظهورات الله هي نوع من الوحي , اذ ان كلمة وحي تعني الالهام , فكيف يكون ظهور الملهم للمعاين الهاما؟.
اقتباس:وكان التجسد، تجسد كلمة الله، هو ختام وقمة إعلان الله ووحيه. فقد حل الله بكلمته ، أبنه ، أخذا صورة عبد وظهر في الجسد " والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا " (يو1 :14)
بغض النظر عن موقف الاسلام من عقيدة التجسد الا ان مسالة اعتبار التجسد هو وحي مسالة غير مفهومة لانه و كما ذكرنا فان الوحي هو كلام فكيف يكون ظهور المتكلم كلاما؟
اقتباس:
2 – المرحلة الثانية: الوحي الإلهي : وتواصل الله مع البشرية بالوحي الإلهي الذي هو استقبال النبي لكلمة الله بالروح القدس " وصارت كلمة الرب إلى 00 " ، " وكانت كلمة الرب إلى 00 " أو كما قال داود النبي بالروح " روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني " . فالوحي الإلهي إذاً هو كلمة الله المقدمة للبشرية من خلال النبي وعلى لسانه بعد أن يتسلمها أولاً من الله في صورة إعلان إلهي ، أي إبلاغ كلمة الله للبشرية " أسمعوا كلمة الرب " ، " هكذا يقول الرب " . كما يعنى أيضاً تدوين كلمة الله وتسجيلها وكتابتها في أسفار مقدسة بالروح القدس . وكما يقول أحد العلماء ويدعى وبستر " الوحي000 هو تأثير روح الله الفائق للطبيعة على الفكر البشرى ، به تأهل الأنبياء والرسل والكتبة المقدسون لأن يقدموا الحق الإلهي بدون أي مزيج من الخطأ " .
الإنسان الأنبياء (الوحي)- (الإعلان بطرقه وأنواعه) الله -
فالإعلان إذاُ هو عمل الله المباشر ، الصادر من الله وحده ، نشاط الله وحده ، كشفه عن ذاته وإرادته للبشرية بروحه القدوس من خلال وبواسطة الأنبياء والرسل ، والوحي هو عمل الروح القدس في النبي ومن خلاله ، هو النبي كمتكلم بالروح القدس ، هو الناطق بكلمة الله بالروح القدس من خلال النبي ، هو كلمة الله على فم النبي ؛ في الإعلان يتكلم الله ويعلن عن ذاته " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه " ( عب1:1-2) ، وفى الوحي يسلم النبي ما تسلمه من الله للآخرين سواء شفوياً أو مكتوباً(1).
لا يستفاد من المقولة ( صارت كلمة الرب الي..) ما اذا كان الكلام مباشر من الله او عن طرق الروح القدس فلو كان عن طريق الروح القدس فقد ذكرت ذلك في الطريقة الاولى حين قلت:
اقتباس:. أو حلول الروح القدس على الأنبياء
و هنا ايضا خلط وقع من وبستر و هو اعتباره ان الكتبة يدخلون في مظلة الوحي.
يتبع..