يا ابانوب،

حضرتك أعجمي اللسان، وتصورك لمعنى كلمة لا يعني أبدا أن هذا التصور هو الصحيح، نضرب صفحا عن تصورك، ونعود إلى أحد المعاجم.

موضوع التواتر والصحيح، يشير بكل جدارة أنك لم تقرأ حرفا واحدا في ما تريد أن تنقده، هل جربت أن تقرأ شيئا في اصول الفقه؟ هل تعلم معنى علم أصول الفقه؟

من أجل الله تعالى، نضع بين يدي الزملاء الفرق بين المتواتر والصحيح،

المتواتر: "ما رواه جمع غفير يؤمن تواطؤهم على الكذب والخطأ عن مثلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما هو منتاه إلى الحس". والتواتر يفيد اليقين بوقوع الحادثة، ولا تواتر بالفهم، بل يجب أن يكون الرواة ناقلين للحدث كما هو.

الصحيح: "ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير شذوذ ولا علة قادحة". والصحيح يفيد غلبة الظن بالحدث، ولا يوجد شيئ اسمه صحيح 100% وصحيح 50%.

حين تعارض الصحيح مع المتواتر بشكل يستحيل الجمع بينهما، يرد الصحيح دراية لأنه يخالف شرط "من غير شذوذ"، والشذوذ هو مخالفة الراوي من هو أوثق منه.

لا حرج في رد الصحيح حين معارضته للمتواتر، فالعلة قد تكون في خطأ من الراوي لا يقدح بعدالته ولا بضبطه، إذ أنه كإنسان قد يخطئ بعض المرات في نقله، وقد رد بعض الصحابة روايات رواها غيرهم لمعارضتها القطعي المتواتر.

لا يقال هنا أننا نبني ديننا على الظن، وخاصة من قبل من كان كل أمره ظنا، لا يقال ذلك لأن أصول الدين لا يقبل فيها إلا اليقين بنص القرآن، والأصول العقدية الستة كلها مروية بالتواتر ويقينية.

أما غلبة الظن، فقد قبل الرسول من الصحابة أن يعملوا بما يغلب على ظنهم أنه صحيح، سواء باجتهاد في نص قطعي الثبوت ظني الدلالة، أو اجتهاد في اثبات نص ظني الثبوت.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.