الفاضل / عبد المسيح ,,

في البداية وقبل أن أبدأ في الرد على مشاركتك السابقة أحب أن أسجل نقاط الاتفاق التي أسفر عنا الحوار فيما بيننا, والتي تتمثل أهمها في أن قوانين الطبيعة لا تمثل قيد على الله سبحانه وتعالى, ومادام الأمر غير ممتنع عقلاً ولا يتعارض مع كمال الله وكمال صفاته فلا يوجد ما يدعونا للاعتراض عليه.

وفي الواقع فإن الذي حققناه خلال الحوار يعد إنجاز جيد, وإن كانت هناك نقطة واحدة مازلت تتساءل عنها وهي "ما هي الحكمة وراء طلوع الشمس من المغرب؟؟".

وفي الواقع رغم كراهيتي لهذا السؤال لأنه يفتح الباب أمام التوقف أمام كل عمل من أعمال الله لنسأل "لماذا" وكما قلت لك مراراً مادام الأمر غير ممتنع عقلاً, ولا يتعارض مع كمال الله ولا كمال صفاته فلا يوجد ما يدعونا لأن نسأل "لماذا".

وعلى الرغم من التوضيح السابق فإني سوف أستعين بالله سبحانه وتعالى وأجيبك على سؤالك فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت فمن الله سبحانه وتعالى.

وقبل أن أجيب على سؤالك "ما هي الحكمة من طلوع الشمس من مغربها؟", يجب أن نسأل أنفسنا أولاً لماذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعلامات الساعة, وهل هو مجرد إخبار عن المستقبل لا يستفاد منه بشيء؟

والجواب : إن الإخبار بعلامات الساعة إنما هو رحمة من رب العالمين بعباده المؤمنين, فمن المعروف كما ورد في الأخبار الصحيحة أن زمان الساعة إنما هو زمان فتن, ومن رحمة الله بعبده المؤمن أن يكون على علم بهذه الفتن فعندما يرها لا تزيده إلا إيماناً وتثبيتاً؛ وكيف لا تزيده إيماناً وتثبيتاً وهو يري بأم عينه ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى؟؟

فكيف ينجو المؤمن من فتنه مثل فتنة الدجال والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"ما بين خلق أدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال" أي أعظم فتنة من الدجال, إن لم يكن على علم بهذه الفتنة وهذا الزمن وما يرتبط به من أحداث؟؟

إنها رحمة الله بعباده المؤمنين, وذلك فضل الله يأتيه من يشاء.

وهكذا سوف تظل علامات الساعة تظهر الواحدة تلو الأخرى وفق ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى فتزيد المؤمن تثبيتاً, ويماري فيها الكافر وينكرها, حتى تظهر الآية التي لا قبل للكافر بإنكارها ألا وهي طلوع الشمس من المغرب.

وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم "‏لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا"

إنها الآية التي لن يستطيع أحد أن يماري فيها, وهل يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب إلا إله هذا الكون ومدبره؟؟

فكما أن الإخبار بعلامات الساعة فيه تثبيت للإيمان والمؤمنين, فإن الإخبار بهذه الآية فيه خزي للكفر والكافرين, وأي خزي أكبر على الكافر من شهادته أن الله حق وأن محمد عبده ورسوله ثم لا تكون شهادته تلك إلا شهادة على نفسه لا ينتفع بها؟؟

"يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" غافر 52

هذا والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.

الزميل / عبد المسيح, أعتقد أنه لم يبقى لك سؤال في هذا الموضوع إلا وقد أجبته.

نسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا إلى الحق ويرزقنا اتباعه.

والسلام على من اتبع الهدى.