دمشق ـ وكالات ـ لندن ـ القدس العربي :

اعلنت الحكومة السورية امس الاربعاء انتحار وزير الداخلية غازي كنعان المسؤول السابق عن الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان والذي استجوبته لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، وذلك قبل بضعة ايام من تقديم اللجنة تقريرها.
واعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) في بيان مقتضب ينعي مجلس الوزراء وفاة السيد اللواء غازي كنعان وزير الداخلية الذي توفي في مكتبه قبل ظهر اليوم (امس) منتحرا .
واضافت الوكالة تقوم السلطات المختصة باجراء التحقيقات اللازمة في الحادث .
وقال العميد وليد اباظة مدير مكتب غازي كنعان ان الوزير انتحر برصاصة في فمه.
وقال اباظة ان اللواء كنعان غادر الوزارة لمدة ثلث ساعة الي منزله ثم عاد ودخل مكتبه وبعد عدة دقائق سمع صوت طلق ناري وكانت الطلقة من مسدس في فمه .
واوضح ان كنعان سيدفن اليوم الخميس في بلدته بحمرة القريبة من اللاذقية، علي بعد 350 كلم شمال غرب دمشق. ولم تعلن السلطات السورية حتي مساء امس عن اي اجراءات خاصة للجنازة. وواصل التلفزيون والاذاعة السوريان بث برامجهما المعتادة بعد اعلان نبأ انتحار الوزير.
ويثير انتحار كنعان الذي كان في الماضي رجل سورية القوي في لبنان، تساؤلات حول دور محتمل له في موضوع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط (فبراير) في بيروت.
وقال المحلل السياسي ميشال كيلو لوكالة فرانس برس ان الجميع صدم لان احدا لم يكن يتوقع انتحار غازي كنعان الذي هو اهم ضابط امن عند العرب منذ النصف الثاني من القرن العشرين .
وتابع كيلو ان كنعان شخص اجتمعت بين يديه كل الملفات المهمة التي لها علاقة بلبنان وفلسطين والسياسات الامريكية والاسرائيلية والايرانية والمصرية .
وشدد محلل آخر طلب عدم كشف هويته علي تزامن وفاة كنعان مع اقتراب موعد تقديم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري تقريرها.
وقال المحلل ان هذا يثير تساؤلات حول احتمال وجود رابط بين هذا الانتحار وقضية رفيق الحريري . واتهمت اطراف لبنانية عدة النظام الامني السوري اللبناني بالوقوف وراء اغتيال الحريري.
وذكر دبلوماسي عربي في دمشق ان كنعان الذي كان يعتبر مقربا من الحريري ابتعد عن ادارة الملف اللبناني قبل بضعة اشهر من انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان (ابريل) 2005 .
وقال ان غازي كنعان كان يعارض التمديد للرئيس اللبناني اميل لحود فيما فرضت دمشق تمديد ولايته في ايلول (سبتمبر) 2004 ما اثار ازمة سياسية كبيرة بلغت ذروتها مع اغتيال الحريري.
ورفض محلل سياسي آخر رفض كشف اسمه نظرية الانتحار ، وقال لـ القدس العربي ان كل من يعرف كنعان واسلوب حياته وعلاقاته يؤكد انه قتل ، وانه اما ان يكون تم تقديمه ككبش فداء لتحميله مسؤولية اغتيال الحريري، او تم التخلص منه لانه يعرف كل اسرار الدولة الامنية وغير الامنية، كما تشكل قوته تهديدا لنفوذ افراد داخل عائلة الاسد او مقربة منها .
ونقلت قناة الجزيرة عن متحدث باسم الاخوان المسلمين المعارضة للنظام السوري إن نظام دمشق كان مستعداً للتضحية بأحد رموزه في مواجهة الضغوط بشأن تقرير ميليس.
وقال مراقبون إن غياب كنعان استبق تعديلاً وزارياً كان متوقعاً أن يفقد خلاله منصبه، وأنه كان يشعر بأنه سيكون بمثابة الضحية لتداعيات التحقيق في اغتيال رفيق الحريري.
وقال المحلل السوري عماد الشعيبي إن كنعان كان يعاني حالة اكتئاب حادة في الفترة الأخيرة، وأن ذلك الاكتئاب قد ازداد بعد الافراج عن سمير جعجع مؤخراً الذي اعتبر أنه سيكون بداية لتقسيم لبنان.
وعلق الجنرال اللبناني ميشيل عون علي انتحار كنعان قائلا لقد خدم النظام السوري حتي الانتحار .
وكنعان (63 سنة) من الشخصيات السورية التي استجوبها القاضي الالماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري الشهر الماضي في دمشق.
ويأتي الاعلان عن انتحار اللواء كنعان قبل ايام من تسليم ميليس تقريره بشأن اغتيال الحريري في نهاية تشرين الاول (اكتوبر) الحالي الي الامين العام للامم المتحدة كوفي انان وقد اتهمت اطراف لبنانية عدة النظام الامني السوري اللبناني بالوقوف خلف اغتياله. وكان كنعان اتصل هاتفيا باذاعة صوت لبنان في بيروت صباح امس لينفي خبرا اوردته مساء الثلاثاء محطة تلفزيونية لبنانية خاصة عن الشهادة التي ادلي بها امام لجنة التحقيق الدولية وقال هذا اخر تصريح ممكن ان اعطيه .
واكد كنعان انه قدم شهادته للجنة الدولية في اغتيال الحريري وطلب من مقدمة البرنامج ان تعطي تصريحه لثلاث محطات تلفزيونية لبنانية، واختتم حديثه بالقول لها هذا اخر تصريح ممكن ان اعطيه .
وفيما يعتبر تصريح كنعان للاذاعة اللبنانية دليلا علي انه مقدم علي الانتحار، قال محلل سوري لـ القدس العربي ان هذا التصريح باللهجة السورية لا يعني انه مقدم علي الانتحار، خاصة ان كنعان من النادر ان يتحدث للصحافيين.
وقال وزير الاعلام السوري مهدي دخل الله لمحطة الجزيرة القطرية حتي الان نحن لا نعرف اسباب (الحادث) لكن محققينا سوف يطلعوننا بسرعة .
واضاف مهما حدث لن يؤثر علي الاستقرار والتماسك الداخلي في سورية. نحن احدي اكثر الدول استقرارا في المنطقة .
وردا علي سؤال عما اذا كان الحادث مرتبط بالتحقيق الدولي قال دخل الله بالطبع الوقت حساس. لكن انا اتحدث حول حقائق وليس حول شكوك وتكهنات .
واضاف النتائج التي توصلت لها لجنة التحقيق معروفة.. ليس هناك اي دليل يشير الي سورية .
في المقابل اثار نبأ انتحار كنعان اهتماما شديدا في لبنان حيث تناولته وسائل الاعلام باستفاضة.
(تفاصيل ص 6 ورأي القدس ص 91)